قبسات من سيرة الإمام المؤيد بالله # مؤلف الأمالي
  ذليلا، وأحوال أهله وأيتامه وكيف يكون عليه ويندبونه، وكيف يأخذون عنه ثياب الدنيا، وكيف يطرحونه على المغتسل، وكيف يلقونه في الكفن ويدلونه في القبر، وكيف يبلى هناك، وكيف تعيث الدواب من الديدان والحيات في لحمه وجلده، ولينح على نفسه بذلك بصوت شجي في الخلوات وفي ظلام الليل، فإن العلم بهذه الأحوال علم الضرورة، والإنسان قد يشاهدها كثيراً، وما يعلم ضرورة ويكون مشاهداً يكون تأثيره في النفس والقلب أقوى. فليهتم بهذا الباب اهتماماً صادقاً.
  وبلغني أن نوحاً # سمي «نوح» لأنه كان ينوح على نفسه. فإذا ظهر تأثير ماقلنا في القلب والنفس وأجرى دموعه فكر حينئذ في أحوال البعث والنشور، والجنة والنار، التي طرق العلم بها اكتساب، فإنه ينتفع بذلك إن شاء الله نفعاً بيناً». إلى آخر ما أورده # في كتابه هذا من درر النصائح والمواعظ للمريد في سياسة النفس وترويض القلب على التقوى والخوف والعبادة والطاعة.
  ذلكم المؤيد بالله، العابد الأواه، في خشيته وتقواه.
  ٢ - ورعه وزهده
  أما عن ورعه وزهده وميله عن الدنيا، وإعراضه عنها، فيذكر مترجموه أنه كان لايتقوت ولا يطعم عياله إلا من ماله، وكان مفارقاً للراحة، مجانباً للرفاهية، يرفض الدنيا إذا كانت شاغلة للقلب ومفترة له عن طاعة الله، ويتجنب الشبهات ويترك ما أمكن من المباحات، لاتحريماً لما أحل الله سبحانه وتعالى من الطيبات، بل ترويضاً للنفس على تجاوز المصاعب والعقبات والتنكب عن المحظورات، قوته الكفاف ولبسه العفاف، يلبس الوسط من الثياب، وكان يرقع بيده قميصه، ويشتمل بإزار إلى أن يفرغ من إصلاحه.
  - يرد الهدايا والوصايا إلى بيت المال، ويصرف من خالص مال عوضاً عما