الأمالي الصغرى للمؤيد بالله،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

قبسات من سيرة الإمام المؤيد بالله # مؤلف الأمالي

صفحة 22 - الجزء 1

  الرحمن الذين يمشون على الأرض هوناً وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما، ومثله لا يمكن إلا أن يغضي عن السيئة، ويتجاوز عن الخطيئة، ويترفع عن الإنتقام حين المقدرة. ولقد عفى # عمن ظلموه، وأحسن إلى من أساؤا إليه، وتجاوز عمن أراد به السوء والهلاك.

  - أحضر أصحابه رجلا قد ضربوه و استخفوا به وقالو: رأيناه وقج رفع رأس بقرة على خشبة وهو يقول: هذا رأس أبي الحسين الهاروني. فسأله # فأنكر، وشهد على الرجل جماعة بذلك. فقال #: أسأت ودواؤك أن تتوب. فقال الرجل: تبت وندمت. فعفى عنه وخلى سبيله، فحسنت سيرة الرجل، وحمدت طريقته.

  - وجاءه رجل ليقتله فلم يتمكن من ذلك وأودع السجن، وبعد أن أمضى فترة جاءت أيام العيد فأمر # بعرض المحبوسين فوجدهم كلهم محبوسين بحقوق الناس غير هذا الرجل الذي حبسه في حق نفسه، فما كان منه إلا أن أخلى سبيله وأمر بإطلاقه ورأى عليه سروالاً خلقاً فألبسه سروالاً جديداً.

  - وحكي أنه دخل المتوضأ ليجدد الطهارة فرأى رجلاً متغير اللون يرتعد فزعاً فقال له: ما دهاك؟

  فقال: إني بعثت لقتلك.

  قال #: وما الذي وعدوك عليه؟

  قال: بقرة.

  فقال #: مالنا بقرة، وأدخل يده في جيبه وناوله خمسة دنانير، ورتال اشتر بها بقرة ولا تعد الى مثل ذلك.

  هذا هو المؤيد بالله في رأفته وحلمه وعظيم صفحه فأين هو من حكام الجور الذين يأخذون بالتهمة ويقتلون بالظنة، ويقيمون عروشهم على بحار من الدماء، و يحمونها بالإرهاب والبطش والتنكيل؟