تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل الهاء مع الواو والياء

صفحة 332 - الجزء 20

  وكلُّ مَنْ فَعَلَ ذلكَ بأَحَدٍ فهو يُهادِيه؛ قال ذُو الرُّمّة:

  يُهادِينَ جَمَّاء المَرافِقِ وَعْثةً ... كَلِيلة حَجْمِ الكَفِّ رَيَّا المُخَلْخَلِ⁣(⁣١)

  ومنه تَهادَى بينَ رَجُلَيْن: إذا مَشَى بَيْنهما مُعْتمِداً عليهما من ضَعْفٍ.

  وممَّا يُسْتدركُ عليه:

  الهادِي: مِن أَسْماءِ الله تعالى، هو الذي بَصَّرَ عِبادَه وعَرَّفَهم طَرِيقَ مَعْرفَتِه حتى أَقَرُّوا برُبُوبِيَّتِه، وهَدَى كلّ مَخْلوقٍ إلى ما لا بُدَّ منه في بقائِهِ ودَوامِ وُجُودِه.

  والهادِي: الدَّليلُ لأنَّه يتقدَّمُ القوْمَ ويَتْبَعُونَه، أَو لكوْنِه يَهْدِيهم الطَّريقَ.

  والهادِي: العَصا؛ ومنه قولُ الأعْشى:

  إذا كانَ هادِي الفَتَى في البِلا ... دِ صَدْرَ القَناةِ أَطاعَ الأمِيرا

  والهادِي: ذُو السكون.

  وأَيْضاً: لَقَبُ مُوسَى العبَّاسي.

  والهادِي لدِينِ الله: أَحدُ أَئِمَّةِ الزَّيدِيَّة، وإليه نُسِبَتِ الهَدَوِيَّة.

  والمَهْدِي: الذي قد هَداهُ الله إلىّ الحقِّ، وقد اسْتُعْمِل في الأسْماءِ حتى صارَ كالأسْماءِ الغالِبَةِ، وبه سُمِّي المَهْدِي الذي بُشِّر به أَنَّه يَجِيءُ في آخرِ الزَّمان، جَعَلَنا الله مِن أَنْصارِه.

  وهو أَيْضاً لَقَبُ محمدِ بنِ عبدِ الله العبَّاس الخَلِيفَة.

  والذي نُسِبَتْ إليه المَهْدِيَّة: هو المَهْدِيُّ الفاطِمِيُّ، تقدَّمَت الإشارَةُ إليه.

  وفي أَئمَّةِ الزَّيدِيَّة مَنْ لُقِّبَ بذلكَ كَثيرٌ.

  قال ياقوتُ: وفي اشْتِقاقِ المَهْدِي عنْدِي ثلاثَةُ⁣(⁣٢) أَوْجُهٍ:. أَحَدُها: أَنْ يكونَ مِن الهُدى⁣(⁣٣) يَعْني أَنَّه مُهْتدٍ في نَفْسِه لا أنَّه هَدِيَّةُ⁣(⁣٤) غيرِه، ولو كانَ كذلكَ لكانَ بضمِّ الميمِ ولَيْسَ الضم والفتح للتَّعْديةِ وغَيْر التَّعْديةِ.

  والثاني: أَنَّه اسْمُ مَفْعولٍ مِن هَدَى يَهْدِي، فعلى هذا أَصْلُه مَهْدَويّ أَدْغَموا الواو في الياءِ خُروجاً مِن الثقلِ ثم كُسِرَتِ، الدالُ.

  والثالث: أنْ يكونَ مَنْسوباً إلى المَهْد تَشْبيهاً له بعِيسَى، #، فإنَّه تكلَّمَ في المَهْدِ، فَضِيلَة اخْتُصَّ بها، وأنَّه يأْتي في آخرِ الزمانِ فيَهْدِي الناسَ مِن الضلالةِ.

  قُلْت: ومن هنا تَكْنيتهم بأَبي مَهْدي لمَنْ كانَ اسْمَه عيسَى.

  والمَهْدِيَّةُ مدينَةٌ قُرْبَ سلا اخْتَطَّها عبدُ المُؤْمِن بنُ عليِّ وهي غَيْرِ التي تقدَّمَتْ.

  والهُدَيَّةُ، كسُمَيَّة: ماءٌ باليَمامَةِ مِن مِياهِ أَبي بكْرِ بنِ كِلابٍ وإليه يُضافُ رَمْل الهُدَيَّة، عن أَبي زيادٍ الكِلابي، قالَهُ ياقوت.

  وتَهَدَّى إلى الشيءِ: اهْتَدَى.

  واهْتَدَى: أَقامَ على الهِدايَةِ؛ وأيْضاً طَلَبَ الهِدايَةَ، كما حَكَى سِيبَوَيْه، قَوْلهم: اخْتَرَجَهُ في مَعْنى اسْتَخْرَجَهُ أَي طَلَبَ منه أَنْ يَخْرُجَ؛ وبه فُسِّر قولُ الشاعرِ أنْشَدَه ابنُ الأعْرابي:

  إنْ مَضَى الحَوْلُ ولم آتِكُمْ ... بعَناجَ تَهْتدِي أَحْوَى طِمِرّ

  والهُدى إخْراجُ شيءٍ إلى شيءٍ؛ وأَيْضاً: الطاعَةُ والوَرَعُ؛ وأَيْضاً: الهادِي؛ ومنه قولهُ تعالى: {أَوْ أَجِدُ عَلَى النّارِ هُدىً}⁣(⁣٥)، أَي هادِياً؛ والطَّريقُ يُسَمَّى هُدًى؛ ومنه قولُ الشمَّاخ:


(١) اللسان والتهذيب والصحاح.

(٢) في ياقوت: «المهدية»: «أربعة أوجه» ولم يذكر إلا ثلاثة كما سيأتي.

(٣) في ياقوت: المهدي، بفتح ميمه.

(٤) في ياقوت: هداه.

(٥) سورة طه، الآية ١٠.