تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل الياء المثناة التحتية مع نفسها والواو

صفحة 357 - الجزء 20

  ومِن الطَّائِرِ: جَناحُه لأنَّه يتقَوَّى به كما يَتَقَوَّى الإِنْسانُ باليَدِ.

  ومِن الرِّيحِ: سُلْطانُها، لمَا مَلَكَتِ الرِّيحُ تَصْريفَ السَّحابِ جُعِل لها سُلْطانٌ عليه، وقد تقدَّمَ قرِيباً.

  ومِن الدَّهْرِ: مَدُّ زَمانِه. يقالُ: لا أَفْعَله يَدَ الدَّهْرِ أَي أَبَداً؛ كما في الصِّحاح.

  وقيلَ: أَي الدَّهْر؛ وهو قولُ أَبي عبيدٍ.

  وقال ابنُ الأعْرابي: لا آتِيه يَدَ الدَّهْرِ، أَي الدَّهْر كُلّه؛ وكَذلكَ لا آتِيه يَدَ المُسْنَدِ، أَي الدَّهْرَ كُلَّه؛ وقد تقدَّمَ أنَّ المُسْنَدَ الدَّهْر؛ وأنْشَدَ الجَوْهرِي للأعْشى:

  رَواحُ العَشِيِّ وسَيْرُ الغُدُوِّ ... يَدَ الدَّهْرِ حتى تُلاقِي الخِيارا⁣(⁣١)

  الخِيارُ: المُختارُ، للواحِدِ والجَمْع.

  قال ابنُ سِيدَه: وقَوْلهم: لا يَدَيْنِ لَكَ بهذا، أَي لا قُوَّةَ لَكَ به: لم يَحْكِه سِيبَوَيْه إلَّا مُثَنَّى، ومَعْنى التَّثْنِية هنا الجَمْع والتّكْثِير، قالَ. ولا يجوزُ أن تكونَ الجارحَةَ هنا، الجَمْع والتّكْثِير، قالَ. ولا يجوزُ أن تكونز الجارحَةَ هنا، لأنَّ الباءَ لا تَتَعلَّق إلَّا بفِعْل أَو مَصدَر، انتَهَى وأَجازَ غيرُ سِيبَوَيْه: ما لي به يَدٌ ويَدَانِ وأَيْدٍ بمعْنًى واحِدٍ. وفي حديث يأْجُوجَ ومأْجُوجَ: «قد أَخْرَجْتُ عِباداً لي لا يَدانِ لأَحَدٍ بقِتالِهِم»، أي لا قُدْرَةَ ولا طاقَةَ.

  يقالُ: ما لِي بهذا الأمْرِ يَدٌ ولا يَدانِ لأنَّ المُباشَرَةَ والدِّفاعَ إنَّما يكونُ باليَدِ فكأَنَّ يَدَيْهِ مَعْدُومَتانِ لعَجْزه عن دَفْعِه؛ وقال كعبُ بنُ سعدٍ الغنويُّ:

  فاعْمِدْ لمَا فَعَلُوا فما لكَ بالذي ... لا تَسْتَطِيعُ مِن الأُمورِ يَدانِ

  ورجلٌ مَيْدِيٌّ، كمَرْمِيِّ: أَي مَقْطوعُ اليَدِ مِن أَصْلِها.

  * وممَّا يُسْتدركُ عليه:

  اليَدُ: الغِنَى. وأَيْضاً: الكَفالَةُ في الرَّهْنِ. يقالُ: يَدِي لكَ رَهْنٌ بكذا، أَي ضَمِنْتُ ذلكَ وكَفَلْتُ به.

  وأيْضاً: الأمْرُ النافِذُ والقَهْرُ والغَلَبَةُ. يقالُ: اليَدُ لفلانٍ على فلانٍ، كما يقالُ: الرِّيحُ لفلانٍ، وقال ابنُ جنِّي: أَكْثَرُ ما تُسْتَعْملُ الأيادِي في النّعَم.

  قال شيْخُنا: وذَكَرَها أَبو عَمْرو بنُ العَلاءِ، وَرَدَّ عليه أَبو الخطّاب الأخْفَش، وزَعَمَ أنَّها في عِلْمِه إلَّا أَنّها لم تَحْضرْ.

  قال والمصنِّفُ: تركَها في النَّعَم وذَكَرَها في الجارِحَةِ واسْتَعْمَلَها في الخطْبَةِ، فتأَمَّل، وقولُ ذي الرُّمْة:

  وأَيْدِي الثُّرَيَّا جُنَّحٌ في المَغارِبِ⁣(⁣٢)

  أَرادَ قُرْب الثُّرَيَّا، من المَغْربِ وفيه اتِّسَاعٌ وذلكَ أنَّ اليَدَ إذا مالَتْ للشَّيء ودَنَتْ إليه دَلَّتْ على قُرْبِها منه؛ ومنه قولُ لبيدٍ:

  حتى إذا أَلْقَتْ يَداً في كافِرٍ⁣(⁣٣)

  يَعْني بدأَتِ الشمسَ في المَغِيبِ، فجعلَ للشمسِ يَداً إلى المَغِيبِ.

  ويَدُ الله: كِنايَةٌ عن الحِفْظِ والوِقايَةِ والدِّفاعِ؛ ومنه الحديث: «يَدُ الله مع الجماعَةِ»، واليَدُ العلْيا هي المُعْطِيةُ، وقيلَ: المُتَعفِّفَةُ، والسُّفْلى السَّائِلَةُ أَو المانِعَةُ.

  وتُجْمَعُ الأيدِي على الأيْدِينَ، وأَنْشَدَ أَبو الهَيْثم:

  يَبْحَثْنَ بالأرْجُلِ والأيْدِينا ... بَحْثَ المُضِلَّات لما يَبْغِينا⁣(⁣٤)

  وتَصْغيرُ اليَدِ يُدَيَّةٌ، كسُمَيَّةَ.

  ويُدِيَ، كعُنِيَ: شَكَا يَدَهُ، على ما يُطْرد في هذا النَّحْو.


(١) ديوانه ط بيروت ص ٨٢ واللسان وفيه «يدا الدهر» وعجزه في الصحاح.

(٢) اللسان وصدره:

ألا طرقت ميّ هيوماً بذكرها

وعجزه في الأساس.

(٣) ديوانه ط بيروت ص ١٧٦ وعجزه:

وأجنّ عورات الثغور ظلامها

والبيت في اللسان وصدره في الصحاح.

(٤) اللسان والتهذيب بدون نسبة.