تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[لا]:

صفحة 403 - الجزء 20

  قال أَبو زَيْدٍ: التاءُ فيها صِلَةٌ، والعَرَبُ تَصِلُ هذه التَّاء في كَلامِها وتَنْزِعُها؛ والأصْلُ فيها لا، والمَعْنى لَيْسَ، ويقولون: ما أَسْتَطِيعُ وما أَسْطِيعُ، ويقولون ثُمَّتَ في مَوْضِع ثُمَّ، ورُبَّتَ في موضِع رُبَّ، ويا وَيْلَتنا ويا وَيْلنا.

  وذَكَرَ أَبو الهَيْثم عن نَصيرِ⁣(⁣١) الرَّازِي أنَّه قالَ في قولِهم: لاتَ هَنّا أَي ليسَ حينَ ذلكَ، وإنَّما هو لا هَنَّا فأَنَّثَ لا فقيلَ لَاةَ ثم أُضِيفَ فتحوَّلَت الهاءُ تاءً، كما أَنَّثُوا رُبَّ رُبَّتَ وثُمَّ ثُمَّتَ، قالَ: وهذا قولُ الكِسائي: ويُنْصَبُ بها لأنَّها في مَعْنى ليسَ؛ وأَنْشَدَ الفرَّاء:

  تَذَكَّر حُبَّ لَيْلى لاتَ حِينا

  قالَ: ومِن العَرَبِ مَنْ يَخْفِضُ بلاتَ، وأَنْشَدَ:

  طَلَبُوا صُلْحَنا ولاتَ أَوانٍ ... فأَجْبنا أَنْ ليسَ حِينَ بَقاءِ⁣(⁣٢)

  ونقلَ شَمِرٌ الإجْماعَ مِن البَصْرِيِّين والكُوفيِّين أَنَّ هذه التَّاءَ هاءٌ وُصِلَتْ بِلا لغَيْرِ مَعْنًى حادِثٍ.

  وتأْتي لا بمَعْنى ليسَ؛ ومنه حديثُ العَزْل عن النِّساءِ فقال: «لا عَلَيْكم أَنْ لا تَفْعَلُوا، أَي ليسَ عَلَيْكم».

  وقال ابنُ الأعْرابي: لاوَى فلانٌ فلاناً: إذا خالَفَهُ.

  وقال الفرَّاءُ: لاوَيْتُ قُلْت لا.

  قال ابنُ الأعْرابي: يقالُ لَوْلَيْتُ بهذا المَعْنى.

  * قُلْت: ومنه قولُ العامَّة: إنَّ الله لا يُحبُّ العَبْدَ اللَّاوي أَي الذي يُكْثرُ قَوْلَ لا في كِلامِه.

  قال اللّيْث: وقد يُرْدَفُ أَلا بِلا فيُقال أَلا لا؛ وأَنْشَدَ:

  فقامَ يذُودُ الناسَ عنها بسَيْفِه ... وقال أَلا لا مِن سَبِيلٍ إلى هِنْدٍ⁣(⁣٣)

  ويقالُ للرَّجُلِ: هل كانَ كذا وكذا؟ فيُقالُ: أَلا لا، جعلَ أَلا تَنْبِيهاً ولا نَفْياً؛ وأَمَّا قولُ الكُمَيْت:

  كَلا وكَذا تَغْمِيضةً ثم هِجْتُمْ ... لَدَى حين أَنْ كانُوا إلى النَّوْمِ أَفْقَرا⁣(⁣٤)

  فيقولُ: كأَنَّ نَوْمَهم في القلَّةِ كقولِ القائِلِ لا وذا، والعَرَبُ إذا أَرادُوا تَقْلِيلَ مُدَّة فِعْلٍ أَو ظُهورِ شيءٍ خَفِيٍ قالوا: كانَ فِعْلُه كَلا، ورُبَّما كَرَّرُوا فقالوا: كَلا ولا؛ ومِنَ الأوَّل قولُ ذي الرُّمّة:

  أَصابَ خَصاصَةً فبَدا كَليلاً ... كَلا وانْفَلَّ سائِرُه انْفِلالا

  ومِن الثاني قولُ الآخرِ:

  يكونُ نُزولُ القَوْمِ فيها كَلا ولا

  ومِن سَجَعاتِ الحَرِيرِي: فلم يَكُنْ إلَّا كَلا ولا، إشارَة إلى تَقْلِيلِ المدَّةِ ومنهَا في الحمصيةِ بُورِكَ فيك مِن طَلا كما بُورِكَ في لا ولا، إشارَة إلى قولهِ تعالى: {لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ}⁣(⁣٥).

  ويقولون: إمّا نَعَم مُرِيحَة وإمَّا لا مُرِيحَة، ويقولون: لا إحْدَى الرَّاحَتَيْن، وفي قولِ الأبوصيري⁣(⁣٦) يَمْدَحُ النَّبيَّ :

  نَبِيِّنا الآمِرُ الناهِي فلا أَحَد ... أَبَرّ في قوْلِ لا منه ولا نَعَم

  وقال آخَرُ:

  لَوْلا التَّشَهُّدُ كانتْ لاءهُ نَعَمُ⁣(⁣٧)

  فمدَّها.

  *مهمة*

  اخْتُلِفَ في لا في مَواضِع مِن التَّنْزيلِ هل هي نافِيَةٌ أَو زائِدَةٌ:


(١) في اللسان والتهذيب: «نصر الرازي».

(٢) اللسان والتهذيب بدون نسبة.

(٣) اللسان والتهذيب.

(٤) اللسان والصحاح.

(٥) سورة النور، الآية ٣٥.

(٦) على هامش المطبوعة المصرية: «كذا بخطه، ولعل أصل العبارة وفي قول الأبوصيري الخ المراد لفظها أو نحو ذلك».

(٧) البيت للفرزدق، من قصيدة يمدح علي بن الحسين، زين العابدين، «رضي» وصدره، كما في ديوانه ٢/ ١٧٩.

ما قال: لا، قطّ إلا في تشهّده