[لا]:
  قال أَبو زَيْدٍ: التاءُ فيها صِلَةٌ، والعَرَبُ تَصِلُ هذه التَّاء في كَلامِها وتَنْزِعُها؛ والأصْلُ فيها لا، والمَعْنى لَيْسَ، ويقولون: ما أَسْتَطِيعُ وما أَسْطِيعُ، ويقولون ثُمَّتَ في مَوْضِع ثُمَّ، ورُبَّتَ في موضِع رُبَّ، ويا وَيْلَتنا ويا وَيْلنا.
  وذَكَرَ أَبو الهَيْثم عن نَصيرِ(١) الرَّازِي أنَّه قالَ في قولِهم: لاتَ هَنّا أَي ليسَ حينَ ذلكَ، وإنَّما هو لا هَنَّا فأَنَّثَ لا فقيلَ لَاةَ ثم أُضِيفَ فتحوَّلَت الهاءُ تاءً، كما أَنَّثُوا رُبَّ رُبَّتَ وثُمَّ ثُمَّتَ، قالَ: وهذا قولُ الكِسائي: ويُنْصَبُ بها لأنَّها في مَعْنى ليسَ؛ وأَنْشَدَ الفرَّاء:
  تَذَكَّر حُبَّ لَيْلى لاتَ حِينا
  قالَ: ومِن العَرَبِ مَنْ يَخْفِضُ بلاتَ، وأَنْشَدَ:
  طَلَبُوا صُلْحَنا ولاتَ أَوانٍ ... فأَجْبنا أَنْ ليسَ حِينَ بَقاءِ(٢)
  ونقلَ شَمِرٌ الإجْماعَ مِن البَصْرِيِّين والكُوفيِّين أَنَّ هذه التَّاءَ هاءٌ وُصِلَتْ بِلا لغَيْرِ مَعْنًى حادِثٍ.
  وتأْتي لا بمَعْنى ليسَ؛ ومنه حديثُ العَزْل عن النِّساءِ فقال: «لا عَلَيْكم أَنْ لا تَفْعَلُوا، أَي ليسَ عَلَيْكم».
  وقال ابنُ الأعْرابي: لاوَى فلانٌ فلاناً: إذا خالَفَهُ.
  وقال الفرَّاءُ: لاوَيْتُ قُلْت لا.
  قال ابنُ الأعْرابي: يقالُ لَوْلَيْتُ بهذا المَعْنى.
  * قُلْت: ومنه قولُ العامَّة: إنَّ الله لا يُحبُّ العَبْدَ اللَّاوي أَي الذي يُكْثرُ قَوْلَ لا في كِلامِه.
  قال اللّيْث: وقد يُرْدَفُ أَلا بِلا فيُقال أَلا لا؛ وأَنْشَدَ:
  فقامَ يذُودُ الناسَ عنها بسَيْفِه ... وقال أَلا لا مِن سَبِيلٍ إلى هِنْدٍ(٣)
  ويقالُ للرَّجُلِ: هل كانَ كذا وكذا؟ فيُقالُ: أَلا لا، جعلَ أَلا تَنْبِيهاً ولا نَفْياً؛ وأَمَّا قولُ الكُمَيْت:
  كَلا وكَذا تَغْمِيضةً ثم هِجْتُمْ ... لَدَى حين أَنْ كانُوا إلى النَّوْمِ أَفْقَرا(٤)
  فيقولُ: كأَنَّ نَوْمَهم في القلَّةِ كقولِ القائِلِ لا وذا، والعَرَبُ إذا أَرادُوا تَقْلِيلَ مُدَّة فِعْلٍ أَو ظُهورِ شيءٍ خَفِيٍ قالوا: كانَ فِعْلُه كَلا، ورُبَّما كَرَّرُوا فقالوا: كَلا ولا؛ ومِنَ الأوَّل قولُ ذي الرُّمّة:
  أَصابَ خَصاصَةً فبَدا كَليلاً ... كَلا وانْفَلَّ سائِرُه انْفِلالا
  ومِن الثاني قولُ الآخرِ:
  يكونُ نُزولُ القَوْمِ فيها كَلا ولا
  ومِن سَجَعاتِ الحَرِيرِي: فلم يَكُنْ إلَّا كَلا ولا، إشارَة إلى تَقْلِيلِ المدَّةِ ومنهَا في الحمصيةِ بُورِكَ فيك مِن طَلا كما بُورِكَ في لا ولا، إشارَة إلى قولهِ تعالى: {لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ}(٥).
  ويقولون: إمّا نَعَم مُرِيحَة وإمَّا لا مُرِيحَة، ويقولون: لا إحْدَى الرَّاحَتَيْن، وفي قولِ الأبوصيري(٦) يَمْدَحُ النَّبيَّ ﷺ:
  نَبِيِّنا الآمِرُ الناهِي فلا أَحَد ... أَبَرّ في قوْلِ لا منه ولا نَعَم
  وقال آخَرُ:
  لَوْلا التَّشَهُّدُ كانتْ لاءهُ نَعَمُ(٧)
  فمدَّها.
  *مهمة*
  اخْتُلِفَ في لا في مَواضِع مِن التَّنْزيلِ هل هي نافِيَةٌ أَو زائِدَةٌ:
(١) في اللسان والتهذيب: «نصر الرازي».
(٢) اللسان والتهذيب بدون نسبة.
(٣) اللسان والتهذيب.
(٤) اللسان والصحاح.
(٥) سورة النور، الآية ٣٥.
(٦) على هامش المطبوعة المصرية: «كذا بخطه، ولعل أصل العبارة وفي قول الأبوصيري الخ المراد لفظها أو نحو ذلك».
(٧) البيت للفرزدق، من قصيدة يمدح علي بن الحسين، زين العابدين، «رضي» وصدره، كما في ديوانه ٢/ ١٧٩.
ما قال: لا، قطّ إلا في تشهّده