فصل الراء مع الحاء المهملة
  أَنّ رجلاً حَضَره المَوتُ فقال لأَولاده: «أَحْرِقُوني ثم انْظُروا يوماً راحاً فأَذْرُوني فيه». يومٌ راحٌ، أَي ذو رِيحٍ، كقولهم: رجلٌ مالٌ.
  ويَومٌ رَيِّحٌ، ككَيِّس: طَيِّبُها. وكذلك يَومٌ رَوْحٌ، ورَيُوحٌ كصَبور: طَيِّبُ الرِّيحِ. ومكانٌ رَيِّحٌ أَيضاً، وعَشِيَّةٌ رَيِّحةٌ ورَوْحَةٌ، كذلك. وقال اللّيث: يومٌ رَيِّحٌ ورَاحٌ: ذو رِيحٍ شَديدةٍ. قال: وهو كقولك كَبْشٌ صَافٌ، والأَصل يومٌ رائِحٌ، وكَبْشٌ صائِفٌ، فقلبوا، كما خَفَّفوا الحائِجة فقالوا: الحَاجة. ويقال: قالوا: صافٌ وراحٌ على صَوِف ورَوِحٍ فلما خَفَّفُوا استأْنَسَت(١) الفَتْحَة قبلها فصارَت أَلفاً. ويومٌ رَيِّحٌ: طَيِّبٌ. ولَيلة رَيِّحَةٌ. ويومٌ راحٌ: إِذا اشتدَّت رِيحُه.
  وقد راحَ، وهو يَرُوح رُؤُوحا، وبَعضُهم؛ يَراحُ. فإِذا كان اليومُ رَيِّحاً طَيِّباً قيل: يومٌ رَيِّحٌ، وليلة رَيِّحةٌ، وقد راحَ وهو يَرُوح رَوْحاً.
  ورَاحَتِ الرِّيحُ الشَّيْءَ تَرَاحُه: أَصابَتْه. قال أَبو ذُؤَيب يصف ثَوْراً:
  ويَعوذُ بالأَرْطَى إِذَا ما شَفَّهُ
  قَطْرٌ، وراحَتْه بَلِيلٌ زَعْزَعُ
  وراح الشَّجَرُ: وَجَدَ الرِّيحَ وأَحَسَّها؛ حكاه أَبو حنيفةَ وأَنشد:
  تَعُوجُ إِذَا ما أَقبلَتْ نَحْوَ مَلْعَبٍ
  كَمَا انْعَاجَ غُصْنُ البانِ راحَ الجَنَائِبَا
  وفي اللّسان: ورَاحَ(٢) رِيحَ الرَّوْضةِ يَراحُها، وأَراحَ يُرِيح: إِذا وَجَدَ رِيحَها. وقال الهُذليّ:
  وماءٍ وَرَدْتُ علَى زَوْرَةٍ(٣)
  كمَشْيِ السَّبَنْتَى يَرَاحُ الشَّفِيفَا
  وفي الصّحاح: راحَ الشَّيْءَ يَراحُه ويَرِيحُه: إِذا وَجَدَ رِيحَه. وأَنشد البيت. قال ابن بَرّيّ: هو لصَخْرِ الغَيّ.
  والسَّبنْتَى: النَّمِرُ. والشَّفيف: لَذْعُ البرْدِ.
  ورِيحَ الغَدِيرُ وغيرُه، على ما لم يُسَمَّ فاعلُه: أَصابَتْه، فهو مَرُوحٌ. قال مَنْظورُ بن مَرْثَدٍ الأَسديّ يَصِفُ رَماداً:
  هل تَعْرِفُ الدارَ بأَعْلَى ذي القُورْ؟
  قد دَرَسَتْ غيرَ رمادٍ مَكْفورْ
  مُكْتَئِبِ اللَّوْنِ مَرُوحٍ مَمْطورْ(٤)
  ومَرِيح أَيضاً، مثل مَشوب ومَشِيبٍ، بُنيَ على شِيبَ.
  وغُصْنٌ مَرِيحٌ ومَرُوحٌ: أَصابَتْه الرِّيحُ. وقال يَصف الدَّمعَ:
  كأَنَّه غُصْنٌ مَريحٌ مَمْطُورْ
  وكذلك مكانٌ مَرُوحٌ ومَرِيحٌ، وشَجرةٌ مَرُوحةٌ ومرِيحة: صَفَقَتْهَا الرِّيحُ فأَلْقَت وَرَقَهَا.
  وراحت الرِّيحُ الشَّيْءَ: أَصابَتْه. ويقال: رِيحَتْ الشَّجرةُ، فهي مَرُوحَةٌ. وشَجرةٌ مَرُوحةٌ: إِذا هبَّت بها الرِّيحُ. مَرُوحة كانت في الأَصلِ مَرْيُوحة.
  ورِيحَ القوْمُ: دَخَلوا فيها أَي الرِّيحِ كأَراحوا، رُباعيًّا، أَو أراحوا: دَخلوا في الرِّيح، ورِيحُوا: أَصابَتْهم فَجَاحَتْهم، أَي أَهلكَتهم.
  والرَّيْحَان قد اختلفوا في وَزْنِه، وأَصْله، وهل ياؤُه أَصليّة: فموضعه مادَّتُها كما هو ظاهرُ اللفظ، أَو مُبْدَلَة عن واو فيحتاج إِلى مُوجِبِ إِبدالها ياءً، هل هو التّخْفيف شُذوذاً، أَو أَصله رَوْيَحان(٥)، فأُبدلت الواوُ ياءً، ثم أُدغِمَت كما في تَصْريف سَيِّد، ثم خُفِّف، فوزْنُه فَعْلان، أَو غير ذلك؛ قاله شيخُنَا، وبعضه في المصباح. وهو نَبْتٌ طَيِّبُ الرَّائِحَةِ، من أَنواعِ المَشْمومِ، واحدته رَيْحَانَةٌ. قال:
  برَيْحانةٍ مِنْ بَطْنِ حَلْيَةَ نَوَّرَتْ
  لها أَرَجٌ، ما حَوْلَها غَيْرُ مُسْنِتِ
  والجمْع رَيَاحِينُ. أَو الرَّيْحَان: كُلُّ نَبْتٍ كذلِك، قاله الأَزهريّ، أَو أَطْرَافُه، أَي أَطْرَافُ كلِّ بَقْلٍ طَيِّبِ الرِّيحِ إِذا
(١) في التهذيب: «استنامت» ومثله في اللسان، وأشار إِلى رواية اللسان بهامش المطبوعة المصرية.
(٢) الأصل واللسان وفي التهذيب: «راح الرجلُ»، وهو قول الأصمعي كما ورد في التهذيب.
(٣) الزورة: هنا البعد، وقيل: انحراف عن الطريق.
(٤) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله القور، هي جبيلات صغار واحدها قارة. والمكفور الذي سفت عليه الريح التراب كذا في اللسان».
(٥) في اللسان: «رَيْوَحَان» قال في التهذيب: وأجمع النحويون أن ريحان في اللغة من ذوات الواو والأصل رَيْوَحَان فقلبت الواو ياءً وأدغمت فيها الياء الأولى فصارت الرَّيَّحان ثم خففت، كما قالوا ميّت وميْت، ولا يجوز في ريحان التشديد إِلا على بعد لأنه قد زيد فيه ألف ونون، فخفف بحذف الياء وألزم التخفيف.