تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[صرفح]:

صفحة 122 - الجزء 4

  وضَرَبه بالسَّيفِ مُصْفَحاً ومَصْفوحاً. عن ابن الأَعْرَابيّ، أَي معرَّضاً.

  وفي حديث سعدِ بن عُبَادةَ: «لو وَجَدْتُ معها رَجلاً لضَرَبْتُه بالسّيفِ غيرَ مُصْفح».

  يقال: أَصْفَحَه بالسّيفِ، إِذَا ضَرَبه بعُرْضِه دونَ حَدِّه، فهو مُصْفِحٌ بالسَّيفِ، [والسّيْفُ]⁣(⁣١) مُصْفَحٌ، يُرْوَيانِ معاً. وسيْفٌ مُصْفَحٌ: ومُصَفَّحٌ: عَرِيضٌ. وتقول: وَجْهُ هذا السَّيْفِ مُصْفَحٌ، أَي عَريض، من أَصْفَحْتُه. وقال رَجلٌ من الخَوَارج: «لَنَضْرِبَنَّكم بالسُّيُوف غيرَ مُصْفَحَاتٍ». يقول: نَضْرِبكم بحَدِّها لا بعُرْضها.

  وصَفَحَ فُلاناً يَصْفَحُه صَفْحاً: سَقَاه أَيَّ شَرابٍ كانَ ومَتَى كان.

  وصَفحَ الشَّيْءَ: جَعَلَه عَريضاً. قال:

  يَصْفَحُ للقِنَّةِ وَجْها جَأْبَا

  صَفْحَ ذِرَاعَيْهِ لعَظْمٍ كَلْبَا⁣(⁣٢)

  أَراد صَفْحَ كَلْبٍ ذِرَاعيه، فقَلَب. وقيل: هو أَن يَبسُطَهما ويُصَيِّرَ العَظْمَ بَيْنَهما لِيَأْكُلَه. وهذا البيتُ أَورده الأَزهريّ، قال: وأَنشد أَبو الهيثم، وذَكَرَه، ثم قال: وصَفَ حبْلاً عَرَّضه فاتِلُه حين فَتَله فصارَ لَه وَجْهَانِ، فهو مَصْفوحٌ، أَي عريضٌ. قال: وقولُه: صَفْحَ ذِراعيْه، أَي كما يَبْسُط الكلبُ ذِراعيْه على عرْقٍ يُوَتِّده على الأَرْضِ بذِراعيْه يَتَعرَّقُه. ونَصَبَ كلْباً على التَّفْسِيرِ. كصفَّحَه تَصْفيحاً. ومنه قولهم: رَجُلٌ مُصفَّحُ الرَّأْسِ، أَي عَريضُها. وصَفَحَ القَوم صَفْحاً، وكذا وَرَقَ المُصْحفِ، إِذا عَرَضَهَا، وفي نسخَة: عرَضهما، وهي الصَّواب، واحِداً واحِداً. وصَفَحَ في الأَمِر إِذا نَظر فيه، كَتَصَفَّحَ، يقال: تَصَفَّحَ الأَمْرَ وَصفَحَه: نَظَرَ فيه. وقال اللّيث: وصَفح القَوْمَ وتَصَفَّحُهم: نَظَر إِليهم طَالباً لإِنسانٍ. وصَفَحَ وُجُوهَهم وتَصفَّحها: نَظَرها مُتعرِّفاً لها.

  وتَصفَّحْتُ وُجوهَ القَومِ، إِذا تأَمَّلْتَ وُجوهَهم تَنظُرُ إِلى حِلَاهم وصُوَرِهم وتَتَعرَّفُ أَمْرَهم. وأَنشد ابن الأَعْرَابيّ:

  صَفحْنَا الحَمُولَ للسَّلامِ بنظْرَة

  فلمْ يَكُ إِلّا وَمْؤُها بالحَوَاجِبِ

  أَي تَصفَّحْنا وُجوهَ الرِّكاب وتَصَفَّحْت الشَّيْءَ، إِذا نَظَرْت في صَفَحَاته. وفي الأَساس: تَصفَّحَه: تَأَمَّله ونَظَرَ في صَفَحَاتِه: والقَوْمَ: نَظَرَ في أَحْوَالِهم وفي⁣(⁣٣) خِلالِهم، هل يَرَى فُلاناً. وتَصَفَّحَ الأَمْرَ. قال الخَفَاجيّ في العِناية في أَثْناءِ القِتَال: التَّصفُّحُ: التَّأَمُّلُ لا مُطْلَقُ النَّظَرِ، كما في القاموس قال شيخُنا: قلت: إِن النّظر هو التأَمُّل، كما صَرَّح به في قولهم: فيه نَظَرٌ، ونَحْوه، فلا مُنافاةَ.

  قلت: وبما أَوْرَدْنَا من النُّصُوصِ المتقدِّمِ ذِكْرُها يَتَّضِحُ الحقُّ ويَظْهَر الصَّوَابُ. وصَفَحَت النّاقَةُ تَصْفَح صُفُوحاً بالضّمّ: ذَهَب لَبنُها وَوَلَّى، وكذلك الشَّاةُ، فهي صافِحٌ. قال ابن الأَعْرَابيّ؛ الصَّافحُ: النّاقَةُ الّتي فَقَدَتْ وَلَدَهَا فغَرَزَتْ⁣(⁣٤) وذَهَبَ لَبَنُهَا.

  والمُصافحةُ: الأَخْذُ باليَدِ، كالتَّصَافُح. والرَّجُلُ يُصَافِحُ الرَّجلَ: إِذا وَضَعَ صُفْحَ كَفِّه في صُفْحِ كَفِّه، وصُفْحَا كَفَيْهمَا: وَجْهَاهُمَا. ومنه حديث: «المُصَافَحَة عندَ اللَّقَاءِ»: وهي مُفاعَلة من إِلْصاقِ صُفْحِ الكَفِّ بالكفِّ وإِقبال الوَجْهِ على الوجْه؛ كذا في في اللِّسَان والأَساس والتَّهْذِيب، فلا يُلْتَفَت إِلى مَنْ زَعَمَ أَن المُصَافَحَة غيرُ عربيّ.

  وملائكةُ الصَّفيح الأَعْلى: هو من أَسماءِ السّماءِ.

  وفي حديث عَلِيٍّ وعمّار⁣(⁣٥): «الصَّفِيحُ الأَعْلَى من مَلَكُوتِه».

  ووَجْه كلِّ شيْءٍ عَريضٍ: صَفيحٌ وصَفِيحةٌ.

  والمُصْفَحُ كمُكْرَم: العَرِيضُ من كلّ شَيْءٍ، ويُشدَّد، وهو الأَكثر. والمُصْفَح إِصفاحاً: الّذِي اطْمَأَنّ جَنْبَا رَأْسِه ونَتَأَ جَبينُه فخَرَجَت وظَهَرَتْ قَمَحْدُوَتُه. والمُصْفَحُ من السُّيوف: المُمَالُ والمُصَابي الّذي يُحرَّفُ على⁣(⁣٦) حدِّه إِذا ضُرِبَ به، ويُمالُ إِذا أَرادوا أَن يُغْمدُوه. وقال ابن بُزُرْج: المُصْفَح: المَقْلوبُ. يقال: قَلَبْتُ السَّيْفَ وأَصْفَحْتُه وَصَابَيْتُه: بمعنًى واحدٍ. والمُصْفَح من الأَنوف: المُعْتَدِلُ


(١) زيادة عن اللسان.

(٢) البيت في اللسان (قن) ونسبه لأبي القعقاع اليشكري. قال: وأنشده ابن بري مستشهداً به على القِنّة ضرب من الأدوية. قال وقوله: كلبا ينتصب على التمييز.

(٣) الأساس: أو في خلالهم.

(٤) الأصل والتهذيب واللسان، وفي التكملة: فغارّت.

(٥) الأصل واللسان، وفي النهاية: «وعمارة».

(٦) الأصل واللسان، وفي التهذيب: «عن».