تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل الميم مع الحاء المهملة

صفحة 205 - الجزء 4

  على تِفعالٍ إِلّا أَربعة أسماءٍ وخامسٌ مختلَف فيه، يقال تبْيَان، ولقَلادة المرأَةِ: تِقْصَارُ، وتِعْشَارٌ وتِبْرَاك مَوضعانِ، والخامس تِمْساحٌ، وتِمْسَحٌ أَكثرُ وأَفصحُ. كذَا نقله شيخنا.

  فكلام ابن الأَنباريّ في المصدرَين، وكلام ابن النّحّاس في الأَسماءِ.

  ومن المجاز المَسْحُ: الضَّرْبُ، يقال: مَسَحَه بالسَّيْف: أَي ضَرَبَه. وقوله تعالى: {فَطَفِقَ مَسْحاً بِالسُّوقِ وَالْأَعْناقِ}، قيل: ضَرَبَ أَعْنَاقَها وعَرْقَبَها، وقد تقدّم قريباً.

  ومنه: مَسَحَ أطرافَ الكَتَائِبِ بِسَيْفِه.

  وقال الأَزهَرِيّ: المَسيح: الماسِحُ، وهو القَتّال، وبه سُمِّيَ، كذا ذَكَره المصنِّف في البصائر. قلت: وهو قريبٌ في المَسْحِ بمعنى القَطْع، وهو الوَجْه السابعُ.

  ومن المجاز المَسْحُ: الجِماعُ وقد مَسَحَها مَسْحاً، ومتَنَها مَتْناً: نَكَحَهَا.

  ومن المجاز: المَسْحُ: الذَّرْع كالمِسَاحَة، بالكسر، يقال مَسَحَ الأَرْضَ مَسْحاً ومسَاحَةً: ذَرَعَهَا، وهو مَسَّاحٌ.

  والمَسْح: أَنْ تَسِيرَ الإِبِلُ يَومَها، يقال مَسَحَت الإِبلُ الأَرْضَ يَومَها دَأْباً، أَي سارَتْ فيها سَيراً شَديداً. ومَسْحُ الناقَة أَيضاً أَنّ تُتْعِبَها وتُدْبِرَهَا وتُهزِلَهَا، كالتَّمْسيح، يقال مَسَحْتها ومَسَّحْتها، قاله الأَزهري⁣(⁣١)، وهو مَجاز.

  والمِسْحُ بالكسر: البَلَاسُ بكسر الموحّدة وتفتح، ثَوْبٌ من الشَّعرِ غليظُ، كذا في التهذيب⁣(⁣٢). وجمعه بُلُسٌ، وسيأْتي في السين، قيل: وبه سمِّي المسيحُ الدَّجّال، لِذُلِّه وهَوَانِهِ وابتِذالِه، كالمِسْح الذي يُفْرَش في البَيْت، قيل: وبه سُمِّيَ كلمةُ اللهِ أَيضاً لِلُبْسِه البَلاسَ الأَسودَ تَقشُّفاً. فهما وَجْهانِ ذَكرَهما المصنّف في البصائر.

  والمِسْح: الجادَّةُ من الأَرض، قيل: وبه سُمِّيَ المسيح، لأَنّه سالِكُها، قاله المصنّف في البصائر.

  ج مُسُوحٌ، وهو الجْمع الكثيرُ، وفي القَليل أَمساحٌ. قال أَبو ذُؤَيب:

  ثمَّ شَرِبْن بنَبْط والجِمالُ كأَ

  نّ الرَّشْحَ منهن بالآباطِ أَمساحُ

  قال السكّريّ: يقول تَسْوَدُّ جُلودُهَا على العَرَق، كأَنّهَا مُسوحٌ. ونَبْط: موضعٌ.

  والمَسَحُ بالتحريك: احتراقُ باطِنِ الرُّكْبَة لخشُونة الثَّوبِ، وفي نسخة⁣(⁣٣): من خُشْنَة الثّوْب. أَو هو اصْطِكَاكُ الرَّبْلَتَيْن، هو مسُّ باطنِ إِحدَى الفَخذيْنِ باطنَ الأُخْرَى، فيَحدُث لذلك مَشَقٌ وتَشقّقٌ، والرَّبْلَة بالفتح وسكون الموحَّدةِ وفتحها: باطنُ الفَخذِ، كما سيأْتي. وفي بعض النُّسخ «الرُّكبتَين» وهو خطأٌ. قال أَبو زيد: إِذا كان إِحدى رَبْلَتَيِ⁣(⁣٤) الرّجلِ تُصِيب الأُخرَى قيل. مَشِقَ مَشَقاً. ومَسِحَ، بالكسر، مَسَحاً، والنَّعْتُ أَمْسَحُ، وهي مَسْحاءُ، رَسْحاءُ، وقَوم مُسْحٌ رُسْحٌ. وقال الأخطل:

  دُسْمُ العَمائمِ مُسْحٌ لا لُحومَ لهُمْ

  إِذا أَحَسُّوا بشَخْص نابئ أسِدُوا

  وفي حديث اللِّعَان أَنَّ النَّبيّ ÷ قال في وَلدِ الملاعَنَة: «إِنْ جاءَتْ به مَمْسُوحَ الأَلْيتيْن»، قال شَمِرٌ: الّذِي لَزِقَتْ أَلْيَتاه بالعَظْمِ ولم يَعْظُما. قيل: وبه سُمِّيَ المسيحُ الدَّجّال، لأَنّه معيوب⁣(⁣٥) بكلِّ عَيبٍ قبيحٍ.

  والمَسيحُ: عِيسَى بن مَرْيمَ صَلَّى الله تَعَالى عَلَيْه وعلى نبيِّنَا وسَلَّم، لبَرَكَتِهِ، أَي لأَنّه مُسِحَ بالبَرَكَة، قاله شَمرٌ، وقد أَنكرَه أَبو الهيثَمِ، كما سيأْتي، أَو لأَنَّ جبريلَ مَسَحه بالبَركة، وهو قوله تعالى: {وَجَعَلَنِي مُبارَكاً أَيْنَ ما كُنْتُ}⁣(⁣٦) ولأَنّ الله مَسَحَ عنه الذُّنوبَ. وهذانِ القَولانِ من كتاب دلائل الُّنبوّة لأَبي نُعَيم: وقال الرَّاغب: سُمِّيَ عيسَى بالمسيح لأَنّه مُسِحَت عنه القُوَّةُ الذّميمةُ من الجَهْل والشَّرَةِ والحِرْص وسائر الأَخلاقِ الذَّميمة، كما أَنَّ الدَّجَّال مُسِحَت عنه القُوَّة المحمودةُ من العِلْم والعَقْلِ والحِلْم والأَخْلاق الحَمِيدة⁣(⁣٧).

  وذَكَرْتُ في اشتقاقه خَمْسِين قَولاً في شَرْحِي لمَشَارِقِ الأَنوَارِ النَّبَوِيَّة للصاغَانيّ. وشَرحُه المسمَّى بشوارِقِ الأَسْرَارِ


(١) كذا في اللسان عن الأَزهري، وعبارة التهذيب: «ومسحت الناقة ومسختها أَي هزلتها وأدبرتها» ومثله في الأساس.

(٢) التهذيب مادة بلس.

(٣) وهي رواية اللسان.

(٤) في اللسان: «ركبتي» وفي الصحاح فكالأصل.

(٥) بهامش المطبوعة المصرية «قوله معيوب كذا بالنسخ والقياس معيب».

(٦) سورة مريم الآية ٣١.

(٧) في مفردات الراغب: الجميلة.