تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل الميم مع الحاء المهملة

صفحة 218 - الجزء 4

  شيءٍ ينْسِيه ذِمَامه، كما أَنّ الذي يَضَع المِلْحَ على رُكبتَيه أَدْنَى شيءٍ يُبدِّده. أَو سَمينٌ. وهو القول الثاني، قال الأَصمعيّ في معنَى البيتِ السابق: هذه زنْجيّه، والْمِلْح شَحْمُهَا هاهُنا، وسِمَنُ الزّنْج في أَفخاذها. وقال شَمِرٌ: الشّحم يُسمَّى مِلْحاً. أَو حَدِيدٌ في غَضَبِه، وهو القول الثالث. وقال الأَزهريّ: أَي سَيِّئ الخُلُقِ يَغضَب من أَدنَى شَيْءٍ كما أَنّ المِلْحَ عَلَى الرُّكْبَة يَتَبَدّد من أَدنى شيْءٍ. وفي الأَساس: أي كثير الخِصَام⁣(⁣١)، كأَنّ طُولَ مُجاثاتِه ومُصاكَّته الرُّكَبَ قَرَّحَ رُكبتَيه، فهو يَضَعُ المِلْحَ عليهما يُدَاوِيهما⁣(⁣٢).

  وفي المحكم: سَمَكٌ مالحٌ ومَليحٌ ومَمْلُوحٌ ومُمَلَّحٌ⁣(⁣٣) وكره بعضهم مَلِيحاً ومالحاً، ولم يَر بَيتَ عُذَافرٍ حُجّةً، وقد تقدّم.

  وقَليبٌ مَليحٌ: ماؤُه مِلْحٌ. وأَقلِبَةٌ مِلَاحٌ، قال عَنترةُ يَصف جُعَلاً:

  كأَنَّ مُؤَشَّرَ العَضُدَين حَجْلاً

  هَدُوجاً بينَ أَقْلِبَةٍ مِلَاحَ

  واسْتَمْلَحَهُ، إِذا عَدَّهُ مَلِيحاً ويقال وَجدَه مليحاً.

  وذَاتُ المِلْح: ع قال الأَخطل:

  بِمُرْتَجِزٍ دَانِي الرَّبَابِ كأَنّه

  عَلى ذَات مِلْح مُقْسِمٌ ما يَرِيمُها

  وقَصْرُ المِلْح مَوضع آخَرُ قُرْبَ خُوَارِ الرَّيّ، على فراسِخَ يِسيَرةٍ، والعجم يُسمُّونه دِه نَمك⁣(⁣٤).

  ومُلَيْحٌ، كزُبَيرٍ⁣(⁣٥): قَريةٌ بِهَرَاةَ، منها أَبو عُمَرَ الواحِد بنُ أَحمدَ بنِ أَبي القاسمِ الهَرَوِيّ، حَدّثَ عن أَبي منصورٍ مُحمّدٍ بنِ محمدِ بنِ سِمعانَ النَّيسابوريّ وغيره.

  وبَنو مُلَيح: حَيٌّ مِنْ خُزَاعَةَ، وهم بنو مُلَيح بن عَمْرِو بنِ ربِيعَةَ، وعَمْرٌو هو جُمّاع خُزَاعَة.

  وأُمَيْلِحُ: ماءٌ لبني رَبِيعَةِ الجُوعِ وهو رَبِيعَةُ بنُ مالِكِ بنِ زَيدِ مَناةَ. و: ع في بلادِ هُذَيْل كانت به وَقعةٌ. قال المتنخِّل:

  لا يَنْسَإِ الله مِنَّا مَعْشَراً شَهِدُوا

  يَوْمَ الأُميلِحِ لا غابُوا ولا جَرَحُوا⁣(⁣٦)

  والمَلُّوحَةُ كسَفُّودَةَ: ة بحَلَبَ كَبِيرَةٌ، كذا في المعجم.

  ومُليْحَةَ، كجُهَيْنَةَ: ع في بلاد بني تَميم، وكان به يوْمٌ بين بني يَرْبوع وبِسْطَام بن قَيسٍ الشَّيْبَانيّ. واسمُ جبَل في غَرْبِيّ سَلْمَى أَحَدِ جَبَلَيْ طَيِّئٍ، وبه آبارٌ كثيرةٌ وطَلْخ⁣(⁣٧).

  ومن المجاز يقال: بينهما مِلْحٌ ومِلْحَةٌ، بكسرهما، أَي حُرْمَةٌ وذِمَامٌ وحِلْفٌ، بِكَسْر فسكون. وفي بعض النُّسخ بفتح فكسر مضبوطاً بالقلَم. والعرب تَحِلف بالمِلْح والماءِ نعظيماً لهما، وقد تقدّم.

  ومنه أَيضاً امتَلحَ الرّجُلُ، إِذا خَلَطَ كَذِباً بحقٍّ، كارْتَثَأَ.

  قاله أَبو الهيثم، وقالوا إِنّ فلاناً يَمتَذِق، إِذا كانَ كَذوباً، ويَمْتَلِح، إِذا كان لا يُخْلِص الصّدقَ.

  والأَمْلَاحُ، بالفتح: ع، قال طَرَفَةُ بنُ العَبد:

  عَفَا مِن آلِ لَيْلَى السَّهْ

  بُ فالأَمْلَاحُ فالغَمْرُ

  وقال أَبو ذؤَيب:

  أَصْبَحَ مِن أُمِّ عَمْرٍو بَطْنُ مَرٍّ فأَج

  زاعُ الرَّجِيع فَذُو سِدْرٍ فأَمْلاحُ

  ومَلّحَ الشّاعِرُ إِذا أَتَى بشَيْءٍ مَليح، وقال اللَّيْث أَملَح: جاءَ بكلمةٍ مَليحةٍ⁣(⁣٨).

  ومَلّحَ الجَزُورُ فهي مُملِّح: سَمِنَتْ قَلِيلاً، وقال ابن الأَعرابيّ. جَزورٌ مُملِّح: فيها بقيّة من سِمَن.

  وفي التهذيب: يُقَال: ما أُمَيْلِحَهُ فصَغَّروا الفِعْلَ وهم يريدون الصِّفة حتىّ كَأَنَّهُم قَالُوا مُلَيْح، ولم يُصَغَّرْ من


(١) الأساس: الخصومات.

(٢) الأساس: يداويهما به.

(٣) في القاموس: «ومملوح مملح» باسقاط الواو بينهما.

(٤) بهامش المطبوعة المصرية: «الدال والهاء مكسورتان، ونمك وزان سمك، معناه: قرية، كذا بهامش المطبوعة» يعني الطبعة الناقصة من التاج. وفي معجم البلدان: مدينة كانت بكرمان.

(٥) في التكملة: مليح بفتح فكسر ضبط قلم. وفي معجم البلدان: بالفتح ثم الكسر.

(٦) بهامش المطبوعة المصرية: «يقول: لم يغيبوا، فنكفى أن يؤسروا أو يقتلوا، ولا جرحوا أَي ولا قاتلوا إِذا كانوا معنا، كذا في اللسان».

(٧) في معجم البلدان: «وملح» كذا.

(٨) في التهذيب عن الليث: أملحت يا فلان جاء بمعنيين: أي جئت بكلمة مليحة، وأكثرت ملح القدر.