تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل الشين المعجمة مع الهمزة

صفحة 183 - الجزء 1

  والضم⁣(⁣١): البِغْضة، قال أَبو عبيدة: والشَّنْءُ⁣(⁣٢)، بإسكان النون: البِغْضَة، وقال أَبو الهيثم: يقال شَنِئْتُ الرجلَ أَي أَبغَضْتُه، ولغة ردِيَّة شَنَأْتُ بالفتح، وقولهم: لا أَبَا لِشانِئِك، ولا أَبَ لِشَانِيك، أَي لمُبْغِضك، قال ابن السكيت: هِي كِنَاية عن قولك لا أَبا لَكَ والشَّنُوءَةُ ممدودٌ ومقصورٌ المُتَقَزِّزُ بالقاف والزايين، على صيغة اسم الفاعل، وفي بعض النسخ المُتَعزِّز، بالعين، وهو تَصحيفٌ والتَّقَزُّز من الشيءِ هو التناطُس والتباعُدُ⁣(⁣٣) عن الأَدْنَاس وإِدامَة التطَهُّرِ، ورجل فيه شنُوءَةٌ وشُنُوءَةٌ أَي تَقَزُّزٌ، فهو مرَّةً صفةٌ ومرَّةً اسمٌ، وغَفل المؤَلف هنا عن تَوهيمه للجوهري حيث اقتصر على مَعنى الصِّفة، كما لم يُصرِّح المؤلف بالقصر في الشَّنُوءَة، وسكت شيخنا مع سعة إطلاعه ويُضَمُّ لو قال بدله: ويُقْصَر كان أَحسن، لأَنهم لم يتعرَّضوا للضمّ في كتبهم ومنه سُمِّي أَزْدُ شَنُوءَةَ بالهمز، على فَعُولة ممدودة، وقد تُشَدَّد الواوُ غير مهموز قاله ابن السكّيت: قبيلَةٌ من اليمنِ سُمِّيتْ لِشَنْآنٍ أَي تباغض وقع بيْنَهُمْ، أَو لتباعُدهم عن بلدهم، وقال الخفاجي لِعُلُوِّ نَسبهم وحُسْنِ أَفعالهم، من قولهم: رجلٌ شَنُوءَة، أَي طاهرُ النَّسب ذو مُروءَةٍ، نقله شيخنا، قلت: ومثله قَوْلُ أَبي عُبيْدة، وهكذا رأَيتُه في أَدب الكاتب لابن قتيبة، وفي شرح النَّبتيتي على مِعراج الغَيْطِي. والنِّسْبة إليها شَنَئِيٌّ⁣(⁣٤) بالهمز على الأَصل أَجْرَوا فَعُولَة مُجْرَى فَعِيلة، لمشابهتها إيَّاها من عِدَّة أَوْجُهٍ، منها أَن كلّ واحدٍ من فَعُولة وفَعِيْلَة ثلاثيُّ، ثم إن ثالثَ كلِّ واحدٍ منها حَرْفُ لينٍ يَجْرِي مَجْرى صاحبه، ومنها أَن في كلِّ واحدٍ من فَعولة وفَعيلة تاءَ التأْنيث، ومنها: اصْطِحاب فَعولة وفَعِيلة⁣(⁣٥) على الموضع الواحد، نحو أَثُوم وأَثِيم وزَحُوم ورَحِيم، فلما استمرَّت حالُ فَعُولة وفَعِيلة هذا الاستمرار جَرَتْ واوُ شَنُوءَة مَجْرى ياء حَنِيفة، فكما قالوا: حنَفِيٌّ، قياساً، قالوا: شَنَئِيٌّ، قاله أَبو الحسن الأَخفش، ومن قال شَنُوَّة بالواو دون الهمز جعل النِّسبة إليها شَنَوِيّ، تبعاً للأَصل، نقله الأَزهريُّ عن ابن السكّيت وقال:

  نَحْنُ قُريْشٌ وهُمُ شَنُوَّهْ ... بِنَا قُرَيْشاً خُتِمَ النُّبُوَّهْ

  واسم الأَزد عبد الله أَو الحارث بن كَعب، وأنشد الليث:

  فَما أَنْتُمُ بِالأَزْدِ أَزْدِ شَنُوءَةٍ ... وَلَا مِنْ بَنِي كَعْبِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَامِرِ

  وسُفْيان بن أَبي زُهَيْرٍ واسمه القِرْد، قاله خليفة، وقيل نُمَير بن مَرارة بن عبد الله بن مالك النَّمَرِيّ الشَّنَائِيُّ بالمد والهمز كذلك في صحيح البخاريّ، في رواية الأَكثر، ويُقال الشَّنَوِيُّ كذا في رِواية السّمرْقَنْدِيّ وعبدوس، وكلاهما صحيح، وصرح به ابنُ دريد وعند الأَصيليّ: الشَّنُوِّيّ، بضم النون، قال عياض: ولا وجْه له إلا أَن يكون ممدوداً على الأَصل وزُهيْرُ بن عبد الله الشَّنَوِيُّ قاله الحَمّادان وهشام، وشذّ شُعْبة فقال: هو محمد بن عبد الله بن زُهير وقال أَبو عُمَر: زُهَيْر بن أَبي جَبَل هو زهير بن عبد الله بن أَبي جَبَل صحابِيّانِ أَما الأَوّل فحديثه في البخاري من رواية عبد الله بن الزُّبير عنه، وروى أَيضاً من طريق السائب بن يَزيد عنه، قال: وهو رجلٌ من أَزْد شَنُوءَة، من أَصحاب النبي ÷ «من اقْتَنَى كَلْباً» ... الحديث، وأَما الثاني فقد ذكره البغَوِيُّ وجماعةٌ في الصحابة، وهو تابعيٌّ، قال ابن أَبي حاتم في المراسيل: حديثه مُرْسَل، ثم إن ظاهر كلام المصنف أَنه إِنما يقال الشَّنَوِيُّ بالوجهين في هذين النَّسبين، لأَنه ذكرهما فيهما، واقتصر في الأَول على الشَّنَائي بالهمز فقط، وليس كذلك، بل كلُّ منسوبٍ إلى هذه القبيلة يقال فيه الوجهان، على الأَصل وبما رواه الأَصيلي توسُّعاً.

  وقال أَبو عبيد شَنِئَ له حَقَّهُ كفرِح: أَعطاه إيَّاه، وقال ثعلب: شَنَأَ إليه⁣(⁣٦)، أَي كمنع، وهو أَي الفتح أَصح، فأَما قول العجاج:

  زَلَّ بنُو العوَّامِ عنْ آلِ الحَكَمْ ... وشَنِئُوا المُلْك لِمُلْكٍ ذِي قَدَمْ


(١) اللسان ضبط: الشِّنْءُ والشَّنْءُ.

(٢) اللسان: الشَّنآن.

(٣) اللسان: من.

(٤) في القاموس: شنائي. وفي نسخة شنئي، وفي المطبوعة المصرية: شنائي. وأثبتنا ما وافق اللسان.

(٥) اللسان: فعول وفعيل.

(٦) عبارة اللسان: شنأ إليه حقه: أعطاه إياه وتبرأ منه.