تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل الجيم مع الدال المهملة

صفحة 395 - الجزء 4

  والجَلَدُ: الشِّدَّة والقُوَّة والصَّبْرُ والصَّلَابةُ. وهو جَلْدٌ وجَلِيدٌ بيِّنُ الجَلَدِ والجلادةِ، وربما قالوا جَضْدٌ، يَجعلون اللامَ مع الجيم ضاداً إِذا سكَنَتْ، وقد تقدّم، مِنْ قَوم، أَجْلادٍ وجُلَدَاءَ بالضّمّ ففتْح ممدوداً، وجِلادٍ، بالكسر، وجُلُدٍ، بضمّتين، وفي بعض النُّسخ⁣(⁣١): بضمّ فسكون.

  وقد جَلُدَ، ككَرُمَ، جَلَادةً، بالفتْح، وجُلُودةً، بالضّم، وجَلَداً، محرّكةً، ومَجلُوداً، مصدر مثْل المَحلوف والمَعقول. قال الشاعر:

  فاصْبرْ فإِنَّ أَخا المَجلودِ مَن صبرَا

  وتَجلَّدَ الرَّجلُ للشامتِين، تَكلَّفهُ أَي الجَلَد وتَجلَّدَ:

  أَظْهرَ الجَلَد. وقوله:

  وكيف تَجَلُّدُ الأَقوامِ عنه

  ولم يُقْتَلْ به الثأْرُ المُنِيمُ

  عدَّاه بعن لأَنَّ فيه معنَى تَصَبّر.

  والجِلَادُ، ككِتَاب: الصِّلَابُ الكِبَارُ من النَّخْلِ، واحدَتُها جَلْدَة، وقيل: هي الّتي لا تُبالِي بالجَدْب، قال سُوَيد بن الصَّامت الأَنصاريّ:

  أَدِينُ ومَادَيْنِي عليكمْ بمَغْرَم

  ولكنْ على الجُرْدِ⁣(⁣٢) الجِلَادِ القَرَاوِحِ

  والجِلَادُ من الإِبلِ: الغَزِيراتُ اللَّبَنِ، والجِلادُ أَدْسمُ الإِبلِ لَبَناً، وعن ثعلب: ناقةٌ جَلْدَةٌ. مِدْرارٌ، كَالمَجَالِيدِ، جمْع مِجْلادٍ. أَوْ الجِلَادُ من الإِبلِ ما لا لَبَنَ لها ولا نِتَاجَ، قال:

  وَحارَدَتِ النُّكْدُ الجِلادُ ولم يَكُنْ

  لعُقْبَةِ قِدْر المُستعيرِينَ مُعْقِبُ

  والْمِجلَد⁣(⁣٣)، كمِنْبَر: قِطْعَةٌ مِنْ جِلْدٍ تُمسِكُها النَّائِحَةُ بيدِها وتَلْدِمُ، أَي تَلطِمُ بها وَجْهَهَا وخَدَّهَا. ج مَجَاليدُ⁣(⁣٤)، عن كُراع. قال ابن سيده: وعندي أَن المَجاليد جمْعُ مِجْلادٍ، لأَنَّ مِفْعَلاً ومِفْعالاً يَعتقبانِ على هذا النَّحْوِ كثيراً.

  وجَلَدْته بالسَّيْف والسَّوْط.

  والمُجالدَةُ: المُبالطةُ. وجَالَدُوا بالسّيْفِ⁣(⁣٥): تَضَارَبُوا، وكذا تَجالَدوا واجْتَلَدُوا.

  والجَلِيدُ: ما يَسْقُط من السَّماءِ علَى الأَرْضِ منَ النَّدَى فيَجْمُدُ. وقال الجوهريّ: هو الضَّريب والسَّقِيط.

  وفي الحديث «حُسْنُ الخُلُقِ يُذِيبُ الخَطَايَا كما تُذِيب الشَّمْسُ الجَلِيد».

  والأَرْضُ مَجلودَةً: أَصابَها الجَليدُ.

  وجَلِدَت الأَرضُ، كفَرِحَ، وأَجْلَدَت، وهذه عن الزّجّاج، وأَجلَدَ النّاسُ. وجَلِدَ البَقْلُ، ويقال في الصَّقِيع والضَّريب مثْله، والقَومُ أُجْلِدُوا، على ما لم يُسَمَّ فَاعِلُه: أَصابَهُم الجَلِيدُ، هو الماءُ الجامدُ من البَرد.

  ومن المَجاز. إِنَّهُ ليُجْلَدُ بكلِّ خَيرٍ، أَي يُظَنُّ به، ورواه أَبو حاتم يُجلذ، بالذّال المعجمة.

  وقَول الإِمام محمّد بن إِدريسَ الشّافعيّ ¥: كَانَ مُجَالِدٌ يُجْلَدُ، أَي يُكذَّب، أَي يُتَّهَم ويُرْمَى بالكذب، فكأَنّه وَضَعَ الظَّنَّ مَوضع التُّهمَةِ.

  وجُلِدَ بِه، كعنِي. سَقَطَ إِلى الأَرض من شِدّة النَّوم، ومنه الحديث: «أَنَّ رَجلاً طَلَب إِلى النّبيّ ÷ أَن يُصلِّيَ معَه باللَّيْلِ فأَطَالَ النَّبيُّ ÷ في الصَّلَاة فجُلِدَ بالرَّجُلِ نَوماً»، أَي سقَطَ من شِدّة النَّوْم.

  وفي حديث الزُّبير «كنتُ أَنَشدَّد فيُجلَدُ بي» أَي يغلِبني النّومُ حتَّى أَقَعَ.

  واجْتَلَد ما في الإِناءِ: شَرِبَه كُلَّه. قال أَبو زيد: حَمَلْت الإِناءَ فاجتَلَدْته: واجتَلَدْت ما فيه، إِذا شَرِبْتَ كُلَّ ما فيه.

  وقولهم صَرّحَتْ بجِلْدَانَ، بكسر الجيم، وجِلْدَاءَ، ممدوداً بمعنَى جِدَّاءَ، وقد تقدّم بيانُه. يُقال ذلك في الأَمر إِذا بَان. وقال اللِّحيانيّ صَرّحتْ بجِلْدَان أَي بجِدّ.

  وبنو جَلْدٍ، بفتح فسكون: حَيٌّ من سَعد العَشيرَة.

  وجَلُودُ، كقَبُول: ة بالأَندلُس، وقيل بإِفْريقية، قاله ابن السِّكّيت وتِلميذه ابنُ قُتيبة. وفي شُروح الشِّفَاءِ: هي قَرْيَةٌ ببغدادَ أَو الشامِ، أَو مَحلّة بنَيْسَابُورَ منه، هكذا بتذكير الضَّمِيرِ كَأَنَّه باعتبار المَوضع حَفْصُ بن عاصِمٍ الجَلُودِيّ، وقد أَنكرَ ذلك عليُّ ابنُ حمزَةَ، كما سيأْتي. وأَمَّا الإِمام أَبو


(١) ومثلها في الصحاح واللسان.

(٢) رواه ابن قتيبة: على الشُّمِّ.

(٣) وفي اللسان: «والمِجْلَدَة» وفي الصحاح والتهذيب فكالأصل.

(٤) في التهذيب: مِجْلَدٌ: وجمعه مَجَالِدُ.

(٥) في القاموس: بالسُّيوفِ.