تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل الجيم مع الدال المهملة

صفحة 396 - الجزء 4

  أَحمدَ محمّدُ بن عيسى بن عبد الرحمن بن عَمْرَويه بن منصور الجُلُوديّ النَّيسابوريّ الزّاهِدُ الصُّوفيُّ رَاوِيَةُ صحيح الإِمام مُسْلم بن الحَجّاجِ القُشَيْريّ فبالضّمّ لا غَيرُ، قال أَبو سعيد السمعانيّ: نِسْبة إِلى الجُلُود جمعْ جِلْد. وقال أَبو عَمرو بن الصّلاح: عندي أنه مَنسوب إِلى سِكَّة الجُلُودِيِّين بنَيْسابُورَ الدارِسةِ. وفي التَّبصير للحافظ: وقد اختُلف في جيم راوي صحيح مُسْلم، فالأكثر على أَنّه بالضّمّ، وقال الرُّشَاطيّ: هو بالفتح على الصّحيح وكذا وَقَعَ في رِواية أَبي عليّ المطريّ. وتعقَّبه القاضي عياضٌ بأَنَّ الأكثر على الضّمّ، وأَنَّ ما قالَه بالفتح اعتمدَ على ما قاله ابن السِّكّيت.

  قلْت: وهو عَجيبٌ؛ لأَنَّ أَبا أَحمدَ من نَيسابورَ لا من إِفريقية، وعَصرُه متأَخِّر عن عصْرِ الفرّاءِ وابن السِّكّيت بمدّة، فكيفَ يُضبَط من لم يجئ بعدُ. والحَقُّ أَن راوِيَ مسلمٍ منسوب إِلى سِكَّة الجُلُودِ بنَيسابور، فهو بالضّمّ، انتهى⁣(⁣١).

  قلت: ومنها أَيضاً أَبو الفضّل أَحمدُ بن الحَسن بن محمّد بن عليٍّ الجُلُودي المُفسِّر، رَوَى عن أَبي بكرِ بن مردويْه وغيره، قرَأْت حديثَه في الجزءِ الثاني من معجم أبي عليّ الحَدّاد المقري. ووَهِم الجوهَرِيُّ في قوله: ولا تَقل الجُلُوديّ، أَي بالضمّ. وفي التبصير للحافظ ابن حجر:

  وقال أَبو عُبيد البكريّ: جَلُودُ، بفتح أوَّلِه، على وزْن فَعُول قرْيَةٌ من قُرَى إِفريقية، يقال: فُلَانٌ الجَلُوديّ، ولا يُقَال بالضّمّ إِلّا أَن يُنسب إِلى الجُلُودِ: قال: وهذا إِنَّما يَتمُّ إِذا غَلَبَت وصارَت بالاسم⁣(⁣٢) نحو الأَنصار والشعوب. وقال الجوهريّ في الصّحاح: فُلانٌ الجَلُودِي، بفتح الجيم، قال الفرّاءُ: هو منسوب إِلى جَلُودَ قرْيَةٍ من قُرَى إِفْرِيقية، ولا⁣(⁣٣) يقال بالضّمّ. وتَعقَّب أَبو عبدِ الله بنُ الجلَّاب هذا بأَنّ عليّ بن حمزةَ قال: سأَلتْ أَهلَ إِفرِيقية عن جَلُودَ هذه فلم يَعرفُوها. انتهى كلامُه.

  والجِلْدُ الذَّكرُ، قالَه الفرّاءُ وبه فسّر قوله تعالى وَقالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنا⁣(⁣٤) قيل: أَي لفُرُوجِهِمْ كُنِيَ عنها بالجُلُود، كما قال ø: {أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ}⁣(⁣٥) والغائطُ: الصّحراءُ، والمرادُ من ذلك: أَو قَضَى أَحدٌ منكم حاجةً⁣(⁣٦). وقال ابن سيده: وعندي أَن الجُلودَ هنا مُسُوكُهُم الَّتي تُبَاشِر المَعاصِيَ.

  وأَجلدَه إِليه، أَي أَلجأَه وأَحْوَجه كأَدْمَغَه وأَدْغَمَه، قاله أَبو عَمْرو.

  والمُجَلِّدُ: مِنْ يُجَلِّدُ الكُتُبَ، وقد نُسِبَ إِليه جماعَةٌ من الرُّوَاة، منهم شَيخُ مشايخنا الوَجيهُ عبد الرحمن بن أَحمد السّليميّ الحَنَفيّ الدِّمشقيّ المعمَّر ولد سنَة ١٠٤٦ وحدّث عن الشيخ عبد الباقي البَعليّ الأَثرِيّ وغيره وتُوفِّيَ بِدِمَشق سنة ١١٤٠.

  والمُجَلَّدُ، كمعَظَّمٍ: مِقْدارٌ من الحِمْلِ مَعلومُ الكَيْلِ والوَزْن، ونَصُّ التكملة: أو الوَزن.

  وفَرَسٌ مُجَلَّدٌ: لا يفْزَعُ. وفي بعض النسخ لا يَجْزَع.

  منَ الضَّرْب أَي من ضَرْب السَّوط.

  والجَلَنْدَى والجَلَنْدَد، بفتحهما: الفاجرُ الذي يتبع الفُجُورَ. أَورده الأَزهريّ في الرّبَاعيّ وأَنشد:

  قامَتْ تُنَاجِي عامراً فأَشهَدَا

  وكان قِدْماً ناجِياً جَلَنْدَدَا

  قد انتَهَى لَيْلَتَه حتَّى اغتَدَى

  والعَاجزُ، بالعين والزاي تَصْحِيفٌ، هكذا نقله الصاغَانيّ. ونقل شيخُنَا عن سيِّدي أَبي عليّ البوسيّ في حواشي الكُبْرَى أَنّه صرّحَ بأَنّه يُطلَق على كلٍّ منهما، قال:

  وعندي فيه تَوقُّف، فتأَمّلْ.

  والمُجْلَنْدى، كالمُعْرَنْدِى: البعير الصُّلْبُ الشَّديد⁣(⁣٧).

  وجُلَنْدَاءُ، بضمّ أَوّله وفتح ثانيه ممدودَةً، وبضمِّ ثانيه مقصورَةً: اسمُ مَلِكِ عُمَانَ، وفي كلام الخَفاجيّ في شرْح الشِّفَاءِ ما يقتضِي أَنّه أَبو جُلَنْدَاءَ، بالكُنْية، والمشهور


(١) قال ابن الأثير المعروف أن أبا أحمد الجلودي بفتح الجيم لا بضمها (اللباب).

(٢) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله وصارت بالاسم لعله: وصارت كالاسم» وهذه العبارة سقطت من معجم ما استعجم (جلود).

(٣) في الصحاح: ولا تقل الجُلُودي.

(٤) سورة فصلت الآية ٢١.

(٥) سورة النساء الآية ٤٣ والآية ٦ من سورة المائدة.

(٦) اللسان: حاجته.

(٧) اللسان: وبعير مجلند: صلب شديد.