تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[جهد]:

صفحة 407 - الجزء 4

  بكر الصّديق وتَزوّجها، وله فيها شِعْرٌ وخبرٌ مشهور.

  وأَبو البركات محمّد بن عاسر الأَجدابيّ الجُوديّ، نسب لخدْمة بدْر الدِّين جُودِي القيمديّ، أَجاز له الكاشغريّ وطبقتُه، وهو جدّ العلّامة مُغُلْطاي لأُمّه، نقلَه الحافظ.

  [جهد]: الجَهْدُ، بالفتح: الطَّاقَةُ والوُسْع، ويُضَمّ.

  والجَهْد، بالفتح فقط: المَشَقَّة. قال ابن الأَثير: قد تكرَّرَ لفْظ الجَهْد والجُهْد في الحديث، وهو بالفتح المَشقَّة، وقيل: المُبالغةُ والغاية. وبالضّمّ: الوُسْعُ والطّاقَةُ، وقيل:

  هما لغتانِ في الوُسْع والطّاقَة، فأَمّا في المَشقّة والغايةِ فالفتحُ لا غَيرُ، ويريدُ به في حديث أُمّ مَعْبد⁣(⁣١) في الشَّاةِ: الهُزالَ. ومن المضموم حديثُ الصَّدَقة: «أَيُّ الصَّدَقة أَفضل؟ قال: جُهْدُ المُقِلّ» أَي قَدْرُ ما يَحتمله حالُ القليلِ المالِ. وفي التنزيل {وَالَّذِينَ لا يَجِدُونَ إِلّا جُهْدَهُمْ}⁣(⁣٢) قال الفراءُ: الجُهْد في هذه الآيةِ الطاقَةُ، تقولُ: هذَا جُهْدي، أَي طَاقَتي. وقُرِيء {وَالَّذِينَ لا يَجِدُونَ إِلّا جُهْدَهُمْ} وجَهْدَهُم، بالضّمّ والفتح، الجُهْد، بالضّمّ: الطَّاقَة، والجَهْد، بالفتح، من قولك اجهَدْ جَهْدَك في هذا الأَمْرِ، أَي ابلغْ غايَتَك، والكلام في هذا المَحلّ طَويلُ الذَّيْلِ، ولكن اقتصرنا على هذا القَدْرِ لئلَّا يُمَلَّ منه.

  وَجَهَدَ، كمنَعَ، يَجْهَد جَهْداً: جَدَّ، كاجْتَهَدَ. وجَهَدَ دَابَّتَه جَهْداً: بَلَغَ جَهْدَهَا، وحَمَلَ عليها في السَّيْر فوقَ طاقتِها، كأَجْهَدَهَا. وفي الصّحاح⁣(⁣٣): جَهَدْته وأَجْهَدْتَه بمعنىً. قال الأَعشى:

  فجَالَتْ وَجَالَ لَهَا أَرْبَعٌ

  جَهَدْنَ لها مَعَ إِجْهَادِهَا

  وجَهَدَ بزَيْدٍ: امتَحَنَه عن الخَيْر وغيره. وجَهَدَ المَرضُ فُلاناً وكذا التّعَبُ والحُبُّ يَجْهَده جَهْداً: هَزَلَه. ومن المجاز: جَهَدَ اللَّبَنَ فهو مجهودٌ، أَي أَخْرَجَ زُبْدَه كُلَّه. وفي الأَساس: يقال: سقاهُ لبناً مَجهوداً، أي منزوعَ الزُّبْد أَو أَكثرُه ماءٌ. يقال: لا تَجْهَد لَبنَك ومَرقَتَك⁣(⁣٤). ومَرَقةٌ مجهودةٌ.

  وجَهَدَ الطّعَامَ: اشْتَهَاه، كأَجْهَدَه والمجهود: المُشتَهَى من الطَّعَام واللَّبَن.

  قال الشَّمَّاخ يَصف إِبلاً بالغَزَارة:

  تُضْحِي وقد ضَمِنَتْ ضَرّاتُهَا غُرَفاً

  من ناصِع الَّلون حُلْوِ الطَّعْمِ مَجهودِ⁣(⁣٥)

  فمَن رَواه هكذا أَراد بالمجهود المُشْتَهَى الّذي يُلَحُّ عليه في شُرْبِهِ لِطِيبِه وحَلَاوتِه، ومن رواه «حُلْوٍ غيرِ مجهود» فمعناه أَنَّها غِزَارٌ لا يُجهدُهَا الحلَبُ فينهك لَبَنَها. وقال الأَصمعيّ في قوله «غير مجهود»: أَي أَنّه لا يُمْذَق، لأَنّه كثير. قال الأَصمعيّ: كل لَبنٍ شُدَّ مَذْقُه بالماءِ فهو مَجهود.

  وجَهَدَ الطَّعَامَ: أَكثَرَ مِنْ أَكلِهِ، وغَرْثَانُ جاهدٌ: شَهْوَانُ يَجْهَد الطّعَامَ لا يَترُكُ منه شيئاً⁣(⁣٦)، وهو مَجاز.

  وجَهِدَ عَيْشُه، كفَرِح: نَكِدَ واشتَدَّ، وعَيشٌ مَجهود.

  وفي الحديث «أَعوذُ باللهِ من جَهْدِ البَلَاءِ، ودَرْكِ الشّقاءِ، وسُوءِ القَضَاءِ، وشَمَاتةِ الأَعداءِ» قيل إِنّها هي الحَالَة الشَّاقَّةُ الّتي تأْتِي على الرَّجل يَخْتَارُ عَليها الموت، أَو هو كَثْرَةُ العَيالِ والفَقْرُ وقِلَّةُ الشيْءِ.

  وجَهْدٌ جاهِدٌ، مُبالغةٌ، كما قالوا شِعْرٌ شاعِرٌ ولَيلٌ لائِلٌ.

  وفي الحديث «أَنّه ÷ نزَلَ بأَرْضٍ جَهَادِ»، الجَهَادُ، كسَحَاب: الأَرضُ الصُّلْبَةُ، وقيل: هي التي لا نَبَاتَ بها، وقيل: هي المُستَوِيَة؛ وقيل الغَليظَة. وتُوصَفُ به فيقال: أَرْضٌ جَهَادٌ، وعن ابنِ شُميل: الجَهَادُ: أَظْهَرُ الأَرضِ وأَسْوَاها، أَي أَشدُّهَا استواءً، نَبَتَتْ أَو لم تَنبُت، ليس قُرْبَه جَبَلٌ ولا أَكمةٌ. والصَّحْرَاءُ جَهَادٌ. وأَنشد:

  يَعودُ ثَرَى الأَرضِ الجَهَادَ⁣(⁣٧) ويَنبُت ال

  جَهادُ بها والعُودُ رَيَّانُ أَخضَرُ

  وعن أَبي عَمْرٍو: الجَمَادُ والجَهَادُ: الأَرضُ الجَدْبَة التي


(١) ولفظه في النهاية: شاة خلَّفها الجَهْدُ عن الغنم.

(٢) سورة التوبة الآية ٧٩.

(٣) الأصل واللسان ولم ترد العبارة في الصحاح، وفي التهذيب رواها عن أبي عبيد.

(٤) عبارة الأساس: سقاه لبناً مجهوداً وهو الذي أخرج زبده، وقيل: هو الذي أُكثر ماؤه. يقال: لا يجهد ماؤك لبنك ومرقتك.

(٥) رواية الديوان تصبح بالجزم جواباً لشرط سابق، بدل تضحى، وغرقاً بالقاف بدل غرفاً. وهي جمع غرقة وهي القليل من اللبن.

(٦) كذا في الأساس.

(٧) في التهذيب: يعود ثرى الأرض الجماد.