تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[صرد]:

صفحة 55 - الجزء 5

  منها صَرِيعٌ وضَاغٍ فوقَ حَرْبَتِهِ ... كما صَغَا تحتَ حَدِّ العامِلِ الصَّرَدُ⁣(⁣١)

  والصَّرْدُ مِنَ الجَيْشِ: العَظِيمُ تَراه مِن تُؤَدَتِهِ كأَنّهُ سَيْرُه جامِدٌ⁣(⁣٢) وذلك لِكَثْرَتِهِ. وهو مَجاز، وقد يُوصَف به، فيقال: جَيْش صَرْد، قالَ خُفَاف بن نَدْبَةَ:

  صَرْدٌ تَوَقَّصَ بالأَبدانِ جُمْهورُ⁣(⁣٣)

  ويُحَرَّك وهو معنَى قَولِ النابغَة الجَعْدِي:

  بأَرْعَنَ مِثْلِ الطَّوْدِ تَحْسَبُ أَنّهمْ ... وُقُوفٌ لِحَاجٍ والرِّكابُ تُهَمْلِجُ

  والصَّرْدُ، والصَّرْدُ، والصَّرِيدُ: البَرْدُ، وقيل: شِدَّتُه، فارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ.

  قال شيخنا: وصَحَّح جَماعةٌ أَنَّه عرَبِيُّ، وأَن الفُرْس أَخَذُوه من كلامِ العربِ، فوافَقُوهم عليه. صَرِدَ، بالكسر، يَصْرَد صَرَداً فهو صَرِدٌ من قوم صَرْدَى. قال الليث: الصَّرَدُ: مصدر الصَّرِد من البَرْد ... والاسم الصَّرْد، مَجْزومٌ، قال رُؤْبةُ:

  بِمَطَرٍ لَيْسَ بِثَلْجٍ صَرْدَ

  وفي الحديث: «سُئِل ابن عُمَرَ عَمَّا يَموتُ في البَحْر صَرْداً، فقال: لا بَأْسَ بِهِ» يعني السَّمَكَ الّذي يَموت فيه من البَرْدِ.

  ويَومٌ صَرِدٌ، وليلةٌ صَرِدَةٌ: شديدةُ البَرْدِ.

  ورَجُلٌ مِصْرَادٌ: قَوِيٌّ على البَرْدِ، نقلَه الصاغانيُّ ورجل مِصْرَادٌ: ضَعِيفٌ لا يَصْبِر عَلَيْهِ. وفي التَهذيب: هو الّذي يَشْتَدُّ عليه البَرْدُ، ويقِلُّ صَبْرُه عليه، فهو من الأَضداد، وقد أَغفلَه المصنّف، كصَرِدٍ: ككَتِفٍ، يَشْتَدُّ البَرْد عليه.

  وصَرِدَ الرَّجُل كفَرِحَ يَصْرَد صَرَداً فهو صَرِدٌ من قَوْم صَرْدَى: وَجَدَ البَرْدَ سَرِيعاً، قال الساجع⁣(⁣٤):

  أَصْبَح قَلْبِي صَرِدَا ... لا يَشْتَهِي أَن يَرِدا

  ومن المجاز: صَرِدَ الفَرَسُ إِذا دَبِرَ مَوْضِعُ السَّرْجِ منه، فهو صَرِدٌ كَكَتِفٍ.

  وعن أَبي عُبَيدة: الصَّرَدُ: أَن يَخْرُجَ وَبَرٌ أَبيضُ في مَوْضِع الدَّبَرَةِ إِذا بَرَأَتْ، فيقال لذلك الموضع: صُرَدٌ، وجمعه: صِرْدان، وإِيَّاها عَنَى الراعي يصف إِبِلاً:

  كأَنَّ مَواضِعَ الصِّرْدَانِ منها ... مَنارَاتٌ بُدِئْنَ على خِمَارِ⁣(⁣٥)

  وفي المحكم: والصُّرَد: بَياضٌ يكون في سَنَامِ البَعِيرِ.

  والجمْعُ كالجَمْع. وفي الأَساس: شُبِّه بلَوْن الصُّرَدِ وهو طائر يأْتي ذِكْرُه.

  وصَرِدَ السِّقَاءُ صَرَداً: خَرَجَ زُبْدُهُ مُتَقَطِّعاً، فيُدَاوَى بالماءِ الحارِّ.

  ومن المَجَاز: صَرِدَ قَلْبِي عنه، إِذا انْتَهَى، كما يُقال:

  أَصْبَحَ قَلْبِي صَرِدَا

  كذا في التهذيب.

  وصَرِدَ السَّهْمُ صَرَداً وصَرْداً: أَخطأَ، وكذا الرُّمْحُ ونَحوُهما، كأَصْرَدَ، قال الراجز:

  أَصرَدَهُ المَوْتُ وقد أَطَلَّا⁣(⁣٦)

  أَي أَخطأَه، وهذا عن قُطْرُب. وصَرِدَ السَّهْمُ والرُّمْحُ يَصْرَدُ صَرَداً: نَفَذَ حَدَّهُ، وهذا عن الزّجَّاج فهو على هذا ضِدٌّ.

  وَصَرَدَهُ الرامِي، وأَصْرَدَه: أَنْفَذَهُ من الرَّمِيَّةِ، وأَنا أَصْرَدتُه. وقال اللَّعِينُ المِنْقَرِيّ يخاطب جَريراً والفرزدقَ:

  فما بُقْيَا عَلَيَّ تَركتُمانِي ... ولكِنْ خِفْتُما صَرَدَ النِّبَالِ


(١) ضبطت في اللسان «الصُّرَدُ».

(٢) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله تراه من تؤدته الخ كذا في اللسان، وعبارة الأساس: كأن من تؤدة سيره حامد وهي ظاهرة» وفي التهذيب فكالأساس.

(٣) التوقص: ثقل الوطء على الأرض.

(٤) كذا بالأصل والصحاح واللسان، والمناسب أن يقال: قال الراجز، فهو رجز لا سجع.

(٥) ديوانه ص ٧٧ وروايته:

كأن مواقع الصردان منها ... منارات بُنين على حماد

(٦) جاء الرجز في التهذيب منثوراً، وفيه وقد أظلّا بدل أطلّا.