تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل العين مع الدال، المهملتين

صفحة 138 - الجزء 5

  وأَبيضُ العَيْدَانِ والجَبَّارُ⁣(⁣١)

  قال أَبو عُدنان: يُقَال: عَيْدَنَت [النخلةُ]⁣(⁣٢) إِذا صارَت عَيْدانةً، وقال المسيّب بن عَلَسٍ:

  والأُدْمُ كالعَيْدانِ آزَرَهَا ... تَحْتَ الأَشاءِ مُكَمَّمٌ جَعْلُ

  قال الأَزهريُّ: مَنْ جَعَل العَيْدَانَ فَيْعَالاً جَعَلَ النُّونَ أَصْلِيَّةً، والياءَ زائِدةً ودَلِيلُه على ذلك قولُهم: عَيْدَنَت النُّخْلَةُ. ومَنْ جَعَلَه فَعْلَانَ مثْل: سَيْحَان، مِن ساحَ يَسِيحُ، جعلَها أَصْلِيَّةً، والنونَ زائدَةً، قال الأَصمَعِيُّ: العَيْدَانَةُ: شَجَرَةٌ صُلْبَةٌ قَدِيمةٌ، لها عُرُوقٌ نافِذَةٌ إِلى الماءِ، قال: ومنه هَيْمَان وعَيْلان، وأَنْشَد:

  تَجَاوَبْنَ في عَيْدَانَةٍ مُرْجَحِنَّةٍ ... من السِّدْرِ رَوَّاهَا المَصِيفَ مَسِيلُ

  وقال⁣(⁣٣):

  بَواسِق النَّخْلِ أَبْكاراً وعَيْدَانَا

  ومِنْها كانَ قَدَحٌ يَبُولُ فِيهِ النَّبيُّ، ÷ باللَّيْلِ، كما رَوَاه أَهْلُ الحديثِ، وهو في سُنَنِ الإِمامِ أَبي دَاوُودَ، وضَبَطُوه بالفَتْح، ومنهم من يُرجِّح الكسْرَ.

  وعَيْدانُ، ع، من العَوْد، كرَيْحَان من الرَّوْح وعَيْدَانُ: عَلَمٌ، وهو عَيْدَانُ بن حُجْر بن ذي رُعَيْنٍ، جاهلُّي، واسمه: جَيْشانُ، وابن أَخيه عَبْدُ كَلَال هو الّذي بعثه تُبَّعٌ على مُقدِّمته إِلى طَسْم وجَدِيس، ونقل ابنُ ماكولا، عن خطِّ ابن سعيد، بالغين المعجمة. وأَبو بكر محمّد بن عليّ بن عَيْدان، العَيْدانِيّ الأَهوازِيُّ، سمِعَ الحاكمَ.

  وفي المحكم: المَعَادُ: الآخِرَةُ: والمَعادُ: الحَجُّ، وقيل: المَعَاد: مَكَّةُ زِيدَت شَرَفاً، عِدَةً للنَّبيِّ، ÷ أَن يفْتَحَها له. وقالت طائفة - وعليه العملُ - {إِلى مَعادٍ} أَي إِلى الجَنَّةِ. وفي الحدِيث: «وأَصْلِح لي آخِرَتِي التي فيها مَعَادِي».

  أَي ما يَعُود إِليه يَوم القِيَامَةِ⁣(⁣٤). وبِكِلَيْهِمَا فُسِّرَ قولُه تعالى: {إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ} لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ⁣(⁣٥) وقال الفرَّاءُ: إِلى مَعَادٍ حيثُ وُلِدت. وقال ثعلبٌ: معناه: يَرُدُّك إِلى وَطَنِكَ وَبَلَدِك⁣(⁣٦).

  وذَكَرُوا أَنَّ جِبْرِيلَ قَال «يا مُحَمَّدُ: اشتقْتَ إِلى مَوْلدكَ ووَطِنكَ؟ قال: نعم. فقال له: {إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ}.

  قال: والمَعَادُ هنا: إِلى عادَتِك، حيثُ وُلِدْتَ، وليس من العَوْدِ. وقال مُجَاهِدٌ: يُحْيِيه يوْمَ البَعْثِ. وقال ابنُ عَبَّاس: أَي إِلى مَعْدِنِكَ من الجَنَّة.

  وأَكثر التفسير في قوله {لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ} لَبَاعِثُك، وعلى هذا كلامُ النّاسِ: اذكُر المَعادَ، أَي اذكُرْ مَبْعَثَك في الآخِرِةَ. قاله الزجَّاج. وقال بعضهم: إِلى أَصْلِكَ من بَنِي هاشِمٍ.

  والمَعَادُ: المَرْجِعُ والمَصِيرُ وفي حديثِ عليٍّ: «والحَكَمُ اللهُ والمَعْوَدُ إِليه يَومَ القِيَامَةِ» أَي المَعَادُ. قال ابنُ الأَثِير: هكذا جاءَ المَعْوَدُ على الأَصل، وهو مَفْعَلٌ من عادَ يَعُودُ، ومن حَقِّ أَمثالِه أَن يُقلَب⁣(⁣٧) واوُه أَلِفاً كالمَقَام والمَرَاحِ، ولكِنَّه استَعْمَلَه على الأَصْلِ، تقول عادَ الشيءُ يَعودُ عَوْداً ومَعَاداً، أَي رَجَعَ. وقد يَرِدُ بمعنى صَارَ، كما تقدَّم.

  وحَكَى بعضُهم رَجَعَ عَوْداً على بَدْءٍ، من غير إِضافةٍ.

  والذي قاله سيبويه: تقول رجعَ عَوْدُهُ على بَدْئِهِ، أَي أَنه⁣(⁣٨) لم يَقْطَع ذَهابَهُ حتى وَصَلَهُ برجوعِه، إِنما أَردتَ أَنَّه رَجَع في حافِرَتِه، أَي نَقَضَ مَجِيئُه برُجوعه، وقد يكونُ أَن يقطعَ مَجِيئَه، ثم يَرْجِعَ فيقول: عَوْدِي على بَدئِي، أَي رَجَعْتُ كما جِئتُ، فالمَجئُ موصولٌ به الرجوعُ فهو بدءٌ، والرُجُوعُ عَوْدٌ. انتهى كلامُ سيبويه.

  قلت: وقد مَرَّ إِيماءٌ إِلى ذلك في: باب الهمزة.

  ولَكَ العَوْدُ والعُوَادَةُ بالضّمّ، والعَوْدَةُ، كلُّ هذه الثلاثةِ عن اللِّحْيَانِيِّ، أَي لك أَن تَعودَ في هذا الأَمرِ.


(١) ديوانه، وصدره:

قاصرات ضروعها في ذراها

وفي اللسان (جبر ونوض) وأناض بدل وأبيض، أناض حمل النخلة إناضة وإناضاً، كأقام إِقامة وإقاماً: أدرك.

(٢) زيادة عن التهذيب واللسان.

(٣) الأصل واللسان، وفي التهذيب: وقال آخر.

(٤) زيد في اللسان: وهو إِما مصدر وإما ظرف.

(٥) سورة القصص الآية ٨٥.

(٦) ونقل عنه قوله أَيضاً: المعاد: الموعد (التهذيب).

(٧) اللسان: تقلب.

(٨) اللسان: تريد أَنه لم يقطع.