تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل القاف مع الدال المهملة

صفحة 186 - الجزء 5

  ومن المَجاز: قَرَّدَ تَقْرِيداً: خَدَعَ وهو مُشْتَقٌّ من ذلك، لأَن الرجلَ إِذا أَرادَ أَن يَأْخُذَ البَعيرَ الصَّعْبَ قَرَّدَه أَوَّلاً، كأَنَّه يَنْزِع قِرْدَانَه. وفي اللسان: ويقال: فُلانٌ يُقَرِّد فُلاناً، إِذا خادَعَه مُتَلَطِّفاً، وأَصلُه الرجلُ يَجيءُ إِلى الإِبل لَيلاً لِيَرْكَب مِنها بَعِيراً، فَيَخَافُ أَن يَرْغُوَ، فَيَنْزعُ منه القُرادَ حتّى يَستأْنِس إِليه ثم يَخْطِمُه.

  والقُرَادُ بنُ صالِحٍ، والقُرَاد لَقَبٌ عبدِ الرحمنِ بن غَزْوَانَ الخُزَاعيّ المُؤَدِّب وابناه مُحمَّدٌ وعبدُ الله، وحَفِيده أَبو بكر عبد الله بن محمد، مُحَدِّثُونَ، قيل: كان أَبو بكر هذا وأَبوه يَضعَانِ الحَدِيث.

  والقَرُودُ، كصَبور: بَعِيرٌ لا ينْفِرُ عن التَّقْرِيدِ، وفي بعض الأُمَّهات⁣(⁣١): عند التقريد.

  ويقال: أَخذَه بِقَرْدِه، القَرْدُ: العُنُقُ⁣(⁣٢) كقولك بِصُوفِه، مُعَرَّبٌ قال ابنُ الأَعرابيّ: فارِسيّة. وفي التهذيب: القَرْدُ: لُغَةٌ في الكَرْدِ، وهو العُنُق، وهو مَجْثَمُ الهَامَةِ على سَالِفَة العُنُقِ، وأَنشد:

  فَجَلَّلَهُ عَضْبَ الضَّريبَةِ صَارِماً ... فَطَبَّقَ مَا بَيْنَ الضَّريبَةِ⁣(⁣٣) والقَرْدِ

  وفي التهذيب: وأَنشد شَمِرٌ في القَرْدِ القَصِير.

  أَوْ هِقْلَةٌ مِنْ نَعَامِ الجَوِّ عَارَضَها ... قَرْدُ العِفَاءِ وفي يَافُوخهِ صَقَعُ

  قال: الصَّقَعُ: القَرَعُ. والعِفَاءُ: الرِّيش، والقرْدُ: القَصير.

  والقِرْدُ بالكسر: حيوانٌ م أَي معروف، واحدته قِرْدَةٌ، وجمعها قِرَدٌ، كعِنَبٍ، وقد أَغفله المُصَنِّف، قاله شيخُنَا وكان الأَوْلَى تَمثيلهُ بِقِرْبَةٍ وقِرَب، ج أَقْرَادٌ كحِمْلِ وأَحمالٍ وأَقْرُدٌ وقُرُودٌ وقِرَدٌ كعِنَبٍ وقِرَدَةٌ كفِيَلَةٍ وقَرِدَةٌ، بفتحِ القافِ وكَسْرِ الراءِ. قال شيخنا: وهذا الوزنُ لا يُعْرَف في الجُموع إِلّا إِذا كانت اسمَ جِنْسٍ جَمْعِيٍّ كاللَّبِنِ واللَّبِنَةِ. والقَرَّادُ سائِسُهُ. وقِرْدُ⁣(⁣٤) بنُ مُعَاوِية بن تَميمِ بن سَعْد بن هُذَيلٍ هُذَلِيٌّ، منهم أَبو ذُؤيب خُوَيْلد بن خالدٍ الشاعرُ، ومنه المَثَلُ «أَزْنَى مِنْ قِرْدٍ» قاله أَبو عُبَيد. أَو لأَنَّ القِرْدَ أَزْنَى الحَيَوَانِ. وهو قولُ الجمهور، وزَعَمُوا أَنه زَنَى قِرْدٌ في الجاهِليَّةِ فرَجَمَتْهُ القُرُودُ. ذكروه في تَرجمة عَمرِو بن مَيْمُونٍ أَحدِ رجال البِخَارِيّ.

  وقَرْدَدُ كمَهْدَدٍ: جَبَلٌ. قال سيبويه: دالُه مُلْحِقَةٌ له بجَعْفَر، وليس كمَعَدٍّ، لأَن ذلك مَبْنِيٌّ على فَعَلٍّ من أَوَّلِ وَهْلَةٍ، ولو كان قَرْدَدٌ كمَعَدٍّ لم يظهر فيه المِثْلانِ، لأَن ما أَصُله الإِدغامُ لا يُخَرَّج على⁣(⁣٥) الأَصلِ إِلا في ضَرُورِة شِعْرٍ.

  والقَرْدَدُ: ما ارتَفَعَ من الأَرْضٍ وقيل: وغَلُظَ. وفي الصّحاح: القَرْدَدُ: المكانُ الغليظُ المُرتفِعُ، وإِنما أُظْهِر [التضعيف]⁣(⁣٦) لأَنه مُلْحَق بِفَعْلَلٍ، والمُلْحَق لا يُدْغَم.

  انتهى، وفي اللسان: ويقال للأَرْضِ المُسْتَوِية إِيضاً: قَرْدَدٌ.

  ومنه حديثُ قَيْسِ⁣(⁣٧) بن الجَارُودِ: «قَطَعْتُ قَرْدَداً». وفي المحكم: القَرْدَدُ من الأَرْضِ: قُرْنَةٌ إِلى جنْبِ وَهْدَةٍ، وأَنشد:

  مَتى مَا تَزُرْنَا آخِرَ الدَّهْرِ تَلْقَنَا ... بِقَرْقَرَةٍ مَلْسَاءَ لَيْسَتْ بِقَرْدَدِ

  وقال الأصمعيُّ: القَرْدَدُ: نحْوُ القُفِّ. قال الجوهريُّ: ج قَرَادِدُ قال: وقد قالوا: قَرَادِيدُ كَراهِيَةَ الدَّاليْنِ، كالقُرْدُودَةِ، بالضمّ. والقُرْدُود، بغير هاءٍ أَيضاً، وهو ما ارتفَع من الأَرض وغَلُظَ، قال ابنُ سِيدَهْ: فَعَلَى هذا لا مَعْنَى لقولِ سِيبويهِ إِن القَراديدَ جَمْعُ قَرْدَد. وقال ابنُ شُمَيْلٍ: القُرْدُودةُ: ما أَشرفَ منها وغَلُظ⁣(⁣٨)، لا يُنْبِتُ إِلَّا قَليلاً، وكُلُّ شيءٍ منها حَدَبٌ


(١) وهي عبارة اللسان.

(٢) في اللسان: وأخذه بقردة عنقه.

(٣) في التهذيب: «الذؤابة» بدل «الضريبة».

(٤) القاموس والصحاح بكسر القاف وسكون الراء، وفي اللسان: قرد بفتح القاف والراء. وفي جمهرة ابن حزم ص ٤٦٦ فكالقاموس.

(٥) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله: لا يخرج على كذا في اللسان ولعل الصواب: لا يخرج عن، كما هو ظاهر».

(٦) زيادة عن الصحاح.

(٧) في النهاية: قسّ والجارود، وفي اللسان: قسّ الجارود ونبه إلى عبارة اللسان بهامش المطبوعة المصرية.

(٨) في كلام ابن شميل سقط نستدركه من التهذيب: وقلما تكون القراديد إلا في بسطة من الأرض وفيما اتسع منها، فترى لها متناً مشرفاً عليها غليظاً لا ينبت إلا قليلاً ويكون ظهرها سعته دعوة. قال: وبعدها في الأرض عقبتين وأقل وأكثر، وكل شيء منها جدب ظهرها وأسنادها.