تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[كفأ]:

صفحة 231 - الجزء 1

  كَبَبْتُه وعن ابنِ دُرُسْتَوَيْه: كَفَأه بمعنى: قَلَبَهُ حكاه يعقوب في إِصلاح المنطق، وأَبو حاتمٍ في تَقْوِيم المفسد، عن الأَصمعي، والزجّاج في فعلت وأَفعلت، وأَبو زيد في كتاب الهمز، وكل مِنهما صحيحٌ. قال شيخنا: وزعم ابنُ دُرستويه أَن معنى قَلَبه أَمَالَه عن الاستواءِ، كَبَّه أَو لَمْ يَكُبَّهُ، قال: ولذلك قيل: أَكْفأَ في الشِّعْر، لأَنه قَلَبَ القوافِيَ عن جِهَة استوائِها، فلو كان مِثْلَ كَبَبْتُه كما زعم ثعلبٌ لَمَا قِيل في القَوافي، لأَنها لا تُكَبُّ، ثم قال شيخنا: وهذا الذي قاله ابنُ دُرستويه لا مُعَوَّل عليه، بل الصحيح أَن كَبَّ وقَلَبَ وكَفَأَ مُتَّحِدَةٌ في المعنى، انتهى.

  ويقال: كَفَأَ الإِناءَ كَأَكْفَأَهُ رباعيًّا، نقله الجوهريُّ عن ابنِ الأَعرابيّ، وابنُ السكيت أَيضاً عنه، وابنُ القُوطِيّة وابنُ القطاع في الأَفعال، وأَبو عُبيدٍ البكريُّ في فَصْل المَقال، وأَبو عُبَيْدٍ في المُصَنَّف، وقال: كَفَأَتُه، بغير أَلفٍ أَفصحُ، قاله شيخنا، وفي المحكم أَنها لُغةٌ نادرةٌ، قال: وأَباها الأَصمعيُّ. واكْتَفَأَهُ أَي الإِناءَ مثل كَفَأَه. وكَفَأَه أَيضاً بمعنى تَبِعَهُ في أَثَرِه، وكَفَأَ الإِبلَ واكتَفأَها⁣(⁣١): أَغارَ عليها فذَهب بها، وفي حديث السُّلَيْك بن السُّلَكَةِ: أَصابَ أَهْلِيهم وأَموالَهم فاكْتَفَأَهَا.

  وكَفَأَت الغَنَمُ في الشِّعْبِ أَي دَخَلَتْ فيه. وأَكفَأَها: أَدخَلَهَا، والظاهر أَن ذِكْرَ الغَنمِ مِثالٌ، فيقال ذلك لجميعِ الماشيةِ.

  وكَفأَ فُلَاناً: طَرَدَه، والذي في اللسان: وكَفأَ الإِبلَ والخَيْلَ: طَرَدَها. وكَفَأَ القَوْمُ عن الشيء انْصَرَفُوا عنه ورجعوا، ويقال: كان الناسُ مُجتمعِينَ فانكَفَأُوا وانْكَفَتُوا إِذا انْهَزَمُوا.

  وأَكْفَأَ في سَيْره عَن القَصْدِ: جَارَ ( *). وأَكْفَأَ وكَفَأَ: مَالَ كانْكَفَأَ وكَفَأَ وأَكْفَأَ: أَمَالَ [وقَلَبَ⁣(⁣٢)] قال ابنُ الأَثير: وكُلُّ شيْءٍ أَملْتَه فقد كَفَأْتَه، وعن الكسائيّ: أَكْفَأَ الشيْءَ. أَمالَه، لُغَيَّةٌ، وأَبَاها الأَصمعيُّ، ويقال: أَكْفأْتُ القَوْسَ إِذَا أَملْتَ رأْسَها ولم تَنْصِبْهَا نَصْباً⁣(⁣٣) حين ترمي عنها، وقال بعض: حين ترمي عليها، قال ذو الرمة:

  قَطَعْتُ بِهَا أَرْضاً تَرَى وَجْهَ رَكْبِهَا ... إِذَا مَا عَلَوْهَا مُكْفَأً غَيْرَ سَاجعٍ

  أَي مُمَالاً غَيْرَ مُستقيمٍ، والساجعُ القاصدُ: المُستَوِي المُستقِيم. والمُكْفَأُ: الجائر، يَعني جائراً غيرَ قاصِد، ومنه السَّجْعُ في القَولِ. وفي حديث الهرَّة أَنه [كان]⁣(⁣٤) يُكفِئُ لها الإِناءَ، أَي يُمِيلُه لِتَشربَ منه بسُهولةِ. وفي حديث الفَرَعَةِ: خَيْرٌ مِنْ أَن تَذْبَحَه يَلْصَقُ لَحْمُه⁣(⁣٥) بِوَبَرِه وتُكْفِئُ إِناءَكَ وتُولِهُ نَاقَتَكَ. أَي تَكُبُّ إِناءَك [لأنه] لا يَبْقَى لَك لَبَنٌ تَحْلُبُه فِيه، وتُولِهُ ناقَتَكَ، أَي تَجْعَلُها وَالِهَةً بِذَبْحِك ولَدَها.

  ومُكْفِئُ الظُّعْنِ: آخِرُ أَيَّامِ العَجُوز.

  وأَكْفَأَ في الشِّعْرِ إِكفاءً: خَالَف بَيْنَ ضُروب إِعْرَابِ القَوَافِي⁣(⁣٦) التي هي أَواخرُ القَصيدة، وهو المخالفةُ بين حَركاتِ الرَّوِيِّ رَفْعاً ونصْباً وجَرًّا أَو خَالَفَ بَيْنَ هِجَائِها أَي القوافي، فلا يَلْزَم حَرْفاً واحداً، تَقَاربَتْ مخارِجُ الحُروف أَو تَباعدَتْ، على ما جَرَى عليه الجوهريُّ، ومثله بأَن يَجعل بعضَها مِيماً وبعضَها طاءً، لكن قد عاب ذلك عليه ابنُ بَرّيّ.

  مثالُ الأَوّلِ:

  بُنَيَّ إِنَّ البِرَّ شَيْءٌ هَيِّنُ ... المَنْطِقُ اللَّيِّنُ والطُّعَيِّمُ

  ومثال الثّاني:

  خَلِيلَيَّ سِيرَا واتْرُكا الرَّحْلَ إِنَّنِي ... بِمَهْلَكَةٍ والعَاقِبَاتُ تَدُورُ

  مع قوله:

  فَبَيْنَاهُ يَشْرِي رَحْلَهُ قَالَ قَائِلٌ ... لِمَنْ جَمَلٌ رِخْوُ المِلَاطِ نَجِيبُ

  وقال بعضهم: الإِكفاءُ في الشعر هو⁣(⁣٧) التعاقبُ بين الراءِ واللام والنون.


(١) اللسان: وكفأ الابل: طردها واكتفأها.

(*) في القاموس: جاروا.

(٢) عن القاموس.

(٣) كذا بالأصل والصحاح، وفي اللسان: حتى.

(٤) زيادة عن النهاية واللسان.

(٥) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله وتلصق هكذا بخطه والذي في النهاية بدون واو. اه».

(٦) اللسان: قوافيه.

(٧) اللسان: هو المعاقبة بين الراء واللام، والنون والميم.