تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

(فصل الواو) مع الدال المهملة

صفحة 300 - الجزء 5

  وأَصْلُها من الواو فحُذِفَت من أَوَّلها وعُوِّضَتْ منها الهاءُ في آخِرِها، كعِدَة وزِنَةٍ، من الوَعْد والوَزْنِ.

  وحِدَةُ الشيْءِ: تَوَحُّدُه، قالَه ابنُ سيدَه، وحكَى أَبو زيد: قُلْنَا هذا الأَمْرَ وحْدِينا، وقَالَتَاه وَحْدَيْهِمَا.

  والوَحْدُ⁣(⁣١) مِن الوَحْشِ: المُتَوَحِّدُ.

  والوَحَدُ: رَجُلٌ لا يُعْرَفُ نَسَبُه وأَصْلُه.

  وقال الليثُ: الوَحَدُ: المُتَفَرِّدُ، رَجُلٌ وَحَدٌ، وثَوْرٌ وَحَدٌ، وتَفْسِيرُ الرجُلِ الوَحَدِ أَن لا يُعْرَف لهُ أَصْلٌ، قال النابِغَةُ:

  بِذِي الجَلِيلِ عَلَى مُسْتَأْنِسٍ وَحَدِ

  (⁣٢) والتَّوْحِيدُ: الإِيمانُ بالله وَحْدَه لا شَرِيكَ له. والله الوَاحِدُ الأَوْحَدُ الأَحَدُ والمُتَوَحِّدُ: ذُو الوَحْدَانِيَّةِ والتَّوَحُّدِ، قال أَبو منصورٍ: الواحِدُ مُنْفَرِدٌ بالذّات في عَدَمِ المِثْلِ والنَّظِيرِ، والأَحَدُ مُنْفَرِدٌ بالمعنَى، وقيل: الوَاحِدُ: هو الذي لا يَتَجَزَّأُ ولا يُثنَّى ولا يَقْبَلُ الانْقِسَام، ولا نظِيرَ له ولا مِثْلَ ولا يجْمَعُ هذَيْنِ الوَصْفَيْنِ إِلَّا اللهُ ø. وقال ابنُ الأَثيرُ: وفي أَسْمَاءِ اللهِ تعالى {الْواحِدُ}، قال: هو الفَرْدُ الذي لم يَزَلْ وَحْدَه، ولم يَكُنْ مَعَه آخَرُ، وقال الأَزهريُّ: و {الْواحِدُ}⁣(⁣٣) مِن صفاتِ الله تَعَالى مَعْنَاه أَنَّه لا ثَانِيَ له، ويَجوز أَن يُنْعَتَ الشيْءُ بأَنَّه واحِدٌ، فأَمَّا أَحَدٌ فلا يُنْعَتُ به غَيْرُ اللهِ تَعالى، لِخُلُوصِ هذا الاسمِ الشرِيفِ له، جَلَّ ثَنَاؤه. وتقول: أَحَّدْتُ الله ووَحَّدْتُه، وهو الوَاحِدُ الأَحَدُ، وفي الحديث: «أَن الله تَعَالَى لَمْ يَرْضَ بِالوَحْدَانِيَّةِ لِأَحَدٍ غَيْرِهُ، شَرُّ أُمَّتِي الوَحْدَانِيُّ المُعْجِبُ بِدِينِه، المُرائِي بِعَمَلِه» يريد بالوَحْدَانِيِّ المُفَارِقَ الجَمَاعَةِ⁣(⁣٤) المُتَفَرِّدَ بِنَفْسِهِ، وهو منسوب إِلى الوَحْدَةِ: الانْفِرَادِ، بزيادة الأَلَفِ والنُّون للمبالغَةِ.

  وإِذَا رَأَيْتَ أَكَمَاتٍ مُنْفَرِدَاتِ، كُلُّ واحِدةٍ بائِنَةٌ، كذا في النسخ، وفي بعضها: نائِيَةٌ. بالنون والياءِ التَّحْتِيَّة، عن الأُخْرَى فتِلْكَ مِيحَادٌ، بالكسر، والجمعُ مَوَاحِيدُ، وقد زَلَّتْ قَدَمُ الجَوهرِيّ فقال: المِيحَادُ مِن الوَاحِدِ كالمِعْشَارِ مِن العَشَرَةِ، هذا خِلَافُ نَصِّ عِبارته، فإِنه قال: والمِيحَادُ من الواحِدِ كالمِعْشَارِ، وهو جُزْءٌ واحِدٌ، كما أَنَّ المِعْشَارَ عُشْرٌ⁣(⁣٥). ثُمَّ بيَّنَ المُصَنِّف وَجْهَ الغَلَطِ فقال: لأَنَّه إِن أَرادَ الاشتقاقَ وبَيَانَ المَأْخَذِ، كما هو المتبادِرُ إِلى الذِّهْنِ فَمَا أَقَلَّ جَدْوَاهُ، وقد يقال: إِن الإِشارَةَ لِبَيَانِ مِثْلِه ليس ممَّا يُؤاخَذُ عليه، خُصُوصاً وقد صَرَّح به الأَقْدَمُونَ في كُتبهم، وإِن أَرادَ أَنَّ المِعْشَارَ عَشَرَةٌ عَشَرَةٌ، كما أَنَّ المِيحَادَ فَرْدٌ فَرْدٌ، فَغَلَطٌ، وفي التكملة: فقد زَلَّ، لأَنَّ المِعْشَارَ والعُشْرَ واحِدٌ مِن العَشَرةِ، ولا يُقال في المِيحَادِ وَاحِدٌ مِن الواحِدِ، هكذا أَوْرَدَه الصاغانيُّ في تَكْمِلَته، وقَلَّدَه المُصنِّف في عادَتِه، وأَنت خَبِيرٌ بأَنَّ ما ذَكره المُصنِّف ليس مَفْهُومَ عِبَارَتِه التي سُقْنَاهَا عنه، ولا يَقُولُ به قائلٌ فَضْلاً عن مثْل هذا الإِمامِ المُقْتَدَى به عند الأَعلام.

  والوَحِيدُ: ع بِعَيْنِه، عن كُرَاع، وذكره ذُو الرُّمَّة فقال:

  أَلَا يَا دَارَ مَيَّةَ بِالوَحِيدِ ... كأَنَّ رُسُومَها قِطَعُ البُرُودِ

  وقال السُّكَّرِيّ: نَقاً بالدَّهْنَاءِ لبنِي ضَبَّةَ، قاله في شَرْحِ قولِ جَريرٍ:

  أَسَاءَلْتَ⁣(⁣٦) الوَحِيدَ وجَانِبَيْهِ ... فَمَا لَكَ لَا يُكَلِّمُكَ الوَحِيدُ

  وذَكَر الحَفْصِيُّ مَسافَةَ بَيْنَ اليَمَامَةِ والدَّهْنَاءِ ثم قال: وأَوَّلُ جَبَلٍ بالدَّهْنَاءِ يُقَال له الوَحِيدُ: ماءٌ من مِيَاه عُقَيْلٍ يُقَارِب بلادَ بَنِي الحارث بن كَعْبٍ.

  والوَحِيدَانِ: مَاءَانِ بِبلادِ قيْسٍ مَعْرُوفَانِ، قاله أَبو منصورٍ، وأَنشد غيرُه لابنِ مُقْبِلٍ:

  فَأَصْبَحْنَ مِنْ مَاءِ الوَحِيدَيْنِ نُقْرَةً⁣(⁣٧) ... بِمِيزَانِ رَغْمٍ إِذْ بَدَا صَدَوَانِ

  ويُرْوَى الوَجِيدَانِ، بالجيم والحاءِ، قاله الأَزْدِيُّ عن خالِدٍ.


(١) هكذا ضبطت في القاموس باسكان الحاء. وفي اللسان بالتحريك، وهو ما ضبطناه في العبارة التالية ومثله في التهذيب.

(٢) شعراء النصرانية، وصدره:

كأن رحلي وقد زال النهار بنا

(٣) التهذيب: «والواحد في صفة الله معناه» وفي اللسان فكالأصل.

(٤) في النهاية واللسان: للجماعة.

(٥) عبارة الصحاح كما نقلها عنه صاحب القاموس في المتن، وليس كما نقلها الشارح.

(٦) عن الديوان ومعجم البلدان، وبالأصل «أسادات».

(٧) عن معجم البلدان، وبالأصل «قفرة».