تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[أتر]:

صفحة 7 - الجزء 6

  ما يدلُّ على ضَبْطِه، قال: فإِن جَرَيْنَا على اصطلاحِه في الإِطلاق كان الأَوّلُ مفتوحاً، والثاني مُحْتَملاً لوجوهٍ، أَظهرُها الكَسْرُ والفَتْحُ، ولا قائلَ به، إِنما يُعْرَفُ فيه التَّحْرِيكُ، وهو أَفصحُ اللُّغَتَيْن وبه وَرَدَ القرآنُ -: بَعْدَه.

  هكذا فَسَّره ابنُ سِيدَه والزَّمَخْشَرِيُّ. ووقَعَ في شُرُوح الفَصيح بَدَلَه: عَقِبَه.

  وقال صاحِبُ الواعِي: الأَثَرُ - مُحرَّك - هو ما يُؤثِّرُه الرَّجُلُ بِقَدَمِه في الأَرض، وكذا كلُّ شيْءٍ مُؤَثَّرٌ أثَرٌ، يُقَال: جئتُكَ على أَثَر فلانٍ، كأَنَّكَ جئتَه تَطَأُ أَثَرَه.

  قال: وكذلك الإِثْرُ، ساكنُ الثّاني مكسورُ الهمزةِ، فإِن فتحتَ الهمزةَ فتحتَ الثّاءَ، تقول: جئتُكَ على أَثَره وإِثْرِه، والجمع آثارٌ.

  وائْتَثَرَه وتَأَثَّرَهُ: تَبعَ أَثَرَه، وفي بعض الأُصول: تَتَبَّعَ أَثَرَه⁣(⁣١)، وهو عن الفارسيِّ.

  وأَثَّر فيه تَأْثِيراً: تَرَكَ فيه أَثَراً.

  والتَّأْثِيُر: إِبقاءُ أَلأَثَرِ في الشَّيْءِ.

  والآثارُ: الأَعْلَامُ، واحِدُه الأَثَرُ.

  والأَثَرُ، بفتحٍ فسكونٍ: فِرِنْدُ السَّيْفِ ورَوْنَقُه، ويُكْسَرُ، وبضَمَّتَيْن على فُعُل، وهو واحدٌ ليس بجمْعٍ، كالأَثِيرِ.

  ج أُثُورٌ، بالضمِّ. قال عَبِيدُ بنُ الأَبرَصِ:

  ونحنُ صَبَحْنَا عامِراً يومَ أَقْبَلُوا ... سُيُوفاً عليهنَّ الأُثُورُ بَواتِكَا

  وأَنشدَ الأَزهريُّ:

  كأَنَّهُمْ أَسْيُفٌ بِيضٌ يَمانِيَةٌ ... عَضْبٌ مَضَارِبُهَا باقٍ بها الأُثُرُ

  وأَثْرُ السَّيْفِ: تَسَلْسُلُه ودِيَباجَتُه، فأَمَّا ما أَنشدَه ابنُ الأَعرابيِّ من قوله:

  فإِنِّي إِنْ أَقَعْ بكَ لا أُهَلِّكْ ... كوقَعِ السَّيْفِ ذِي الأَثَرِ الفِرِنْدِ

  قال ثعلبٌ: إِنّمَا أَرادَ ذِي الأَثْر، فحَرَّكَه للضَّرورة. قال ابن سيِدَه: ولا ضَرورةَ هنا عندي، لأَنّه لو قال: «ذِي الأَثْر» فسَكَّنه على أَصلِه لصار «مُفَاعَلَتُنْ» إِلى «مَفَاعِيلُنْ»: وهذا لا يكْسِر البَيْتَ لكن الشّاعر إِنما أَرادَ تَوْفِيَةَ الجزْءِ، فحَرَّك لذلك، ومثلُه كثيرٌ، وأَبْدَلَ الْفِرِنْدَ من الأَثَر.

  وفي الصّحاح: قال يعقوب: لا يَعرفُ الأَصمعيُّ الأَثْرَ إِلّا بالفتح⁣(⁣٢)، قال: وأَنشدَنِي عيسى بنُ عُمَر لخُفَافِ بنِ نَدْبَةَ:

  جَلَاها الصَّيْقَلُونَ فأَخْلَصُوها ... خِفَافاً كلُّها يَتْقِي بأَثْرِ

  أَي كلُّها يستقبِلُكَ بفرِنْدِه. ويَتْقِي، مخفَّف مِن يَتَّقِي، أَي إِذا نَظَر، النّاظرُ إِليها اتَّصلَ شُعَاعُها بعيِنه فلم يَتمَكَّن من النَّظَرِ إِليها.

  ورَوَى الإِيادِيُّ عن أَبي الهَيْثَمِ أَنّه كان يقول: الإِثْرُ بكَسْر الهَمْزةِ لخُلَاصَةِ السَّمْنِ، وأَمّا فِرِنْدُ السَّيْف فكلُّهُم يقول: أُثْر.

  وعن ابن بُزُرْج: وقالوا: أُثْرُ السَّيْفِ، مضمومٌ: جُرْحُه، وأَثْرُه⁣(⁣٣)، مفتوحٌ: رَوْنَقُه الّذِي فيه.

  قلتُ: وزَعم بعضٌ أَنّ الضَّمَّ أَفصحُ فيه وأَعرَفُ.

  وفي شَرْح الفَصِيح لابن التَّيَانِيِّ: أَثْرُ السَّيفِ مثالُ صَقْر، وأُثُرُه، مِثَال طُنُبٍ: فِرِنْدُه.

  وقد ظهرَ بما أَوردنا من النُّصُوص أَنّ الكسْرَ مسموعٌ فيه، وأَوردَه ابن سِيدَه وغيرُه، فلا يُعَرَّجُ على قول شيخِنَا: إِنه لا قائلَ به من أَئِمَّة اللغةِ وأَهلِ العربيّة. فهو سَهْوٌ ظاهرٌ، نَعم، الأُثْر بضمِّ، على ما أَوردَه الجوهَرِيُّ وغيرُه، وكذا الأُثُر، بضمَّتَيْن على ما أَسْلَفْنَا، مُسْتَدْرَكٌ عليه، وقد أُغْفِلَ⁣(⁣٤) شيخُنا عن الثّانية.

  والأَثِيرُ، كأَمِيرٍ الذي ذكرَه المصنِّفُ أَغفلَه أَئِمَّةُ الغَرِيب.

  وحَكَى اللَّبْلِيُّ في شرح الفَصِيح: الأُثْرَةُ للسَّيفِ بمعنى الأَثْر، جمعُه أُثَر كغُرَفٍ، وهو مُستدَركٌ على المصنِّف.


(١) وهي في اللسان.

(٢) يعني بفتح الثاء المثلثة.

(٣) ضبطت عن التهذيب، وضبطت في اللسان وأَثَرُه بفتح الهمزة والثاء المثلثة، ضبط قلم.

(٤) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله «عن الثانية» كذا بخطه وأغفل يتعدى بنفسه، ولعل الفعل مبني للمجهول.