(فصل الباء) الموحدة مع الراء
  الفَرّاءُ: جَعَلَ الفِعْلَ لها، ومعنَى مُبْصِرَةً مُضِيئَة، وقال الزَّجّاج(١): ومَن قَرَأَ «مُبْصِرَةً» فالمعنى بَيِّنَةٌ، ومَن قَرَأَ «مُبْصَرَةً» فالمعنى مُبَيَّنَةٌ(١)، وقال الأَخْفَشُ: «مُبْصَرَة»، أَي مُبْصَراً بها، وقال الأَزهريُّ: والقَوْلُ ما قال الفَرّاءُ، أَراد آتَيْنَا ثَمُودَ النّاقَةَ آيَةً مُبْصِرَةً، أَي مُضِيئَةً. وفي الصّحاح: المُبْصِرَةُ: المُضِيئةُ، ومنه قولُه تعالَى: {فَلَمّا جاءَتْهُمْ آياتُنا مُبْصِرَةً}(٢). قال الأَخْفَشُ: أَي تُبَصِّرُهم تَبْصِيراً أَي تَجْعَلُهم بُصْراءَ.
  * وممّا يُسْتَدرَك عليه:
  {الْبَصِيرُ}، وهو مِن أَسماءِ اللهِ تعالَى، وهو الذي يُشَاهِدُ الأَشْيَاءَ كلَّهَا ظاهِرَها وخافِيهَا بغيرِ جارِحَةٍ، والبَصَرُ في حَقِّه عبارةٌ عن الصِّفَةِ التي يَنْكَشِفُ بها كمالُ نُعُوتِ المُبْصَرَاتِ، كذا في النِّهَايَة.
  وأَبصَرَه. إِذا أَخْبَرَ بالذي وقَعَتْ عَينُه عليه، عن سِيبَوَيْهِ.
  وتَبَصَّرْتُ الشَّيْءَ: شِبْهُ رَمَقْتُه.
  وعن ابن الأَعرابِيّ: أَبْصَرَ الرَّجلُ، إِذا خَرَجَ من الكُفْر إِلى بَصِيرَةِ الإِيمانِ، وأَنشدَ:
  قَحْطَانُ تَضْرِبُ رَأْسَ كُلِّ مُتَوَّجٍ ... وعلى بَصَائِرِهَا وإِنْ لم تُبْصِرِ
  قال: بَصَائِرُها: إِسلامُها، وإِن لم تُبْصِر في كُفْرها.
  ولَقِيَه بَصَراً، محرَّكَةً، أَي حين تَباصَرَتِ الأَعيانُ، ورأَى بعضُهَا بَعضاً، وقيل: هو أَوّلُ الظَّلامِ إِذا بَقِيَ من الضَّوءِ قَدْرُ ما تَتَبَايَنُ به الأَشباحُ، لا يُسْتَعْمل إِلّا ظَرْفاً. وفي الحديث: «كان يُصَلِّي بنا صلَاةَ البَصَرِ حتَّى لو أَنَّ إِنساناً رَمَى بِنَبْلِهِ(٣) أَبْصَرَهَا». قيل: هي صلاةُ المَغْرِبِ، وقيل: الفَجْر، لأَنهما يُؤَدَّيانِ وقد اختَلَط الظَّلامُ بالضِّياءِ.
  ومن المَجَاز: ويقال للفِراسَةِ الصّادِقَةِ: فِرَاسَةٌ ذاتُ بَصِيرَةٍ، ومِن ذلك قولُهم: رأَيتُ عليك ذاتَ البَصَائِرِ.
  والبَصِيرَةُ: الثَّباتُ في الدِّين. وقال ابن بُزُرْج: أَبْصِرْ إِليَّ، أَي انْظُرْ إِليَّ، وقيل: الْتَفِتْ إِليّ.
  وقولُ الشّاعر:
  قَرَنْتُ بِحَقْوَيْهِ ثَلاثاً فلم يَزِغْ ... عن القَصْد حتَّى بُصِّرَتْ بدِمَامِ
  قال ابن سِيدَه: يجوزُ أَن يكونَ معناه قَوِّيَتْ، أَي لمّا هَمَّ هذا الرِّيشُ بالزُّوال عن السَّهْمِ لِكَثْرَةِ الرَّمْيِ به، أَلْزَقَه بالغِرَاءِ فثَبَتَ.
  والباصِرُ: المُلَفِّقُ بين شُقَّتَيْنِ أَو خِرْقَتَيْن.
  وقال الجوهَرِيُّ في تفسير البيتِ: يَعنِي طَلَى رِيشَ السَّهْمِ بالبَصِيرَةِ، وهي الدَّمُ.
  وقال تَوْبَةُ:
  وأُشْرِفُ بالغور اليَفَاعِ لَعَلَّنِي ... أَرَى نارَ لَيْلَى أَو يَرَانِي بَصيرُهَا(٤)
  قال ابن سِيدَه: يَعْنِي كَلْبَهَا، لأَنّ الكَلْبَ مِن أَحَدِّ العُيُونِ بَصَراً.
  وبُصْرُ الكَمْأَةِ وَبَصَرُهَا: حُمْرَتُها، قال:
  ونَفَّضَ الكَمْءَ فأَبْدَى بَصَرَهْ
  وبُصْرُ السَّمَاءِ وبُصْرُ الأَرضِ: غِلَظُهما، وبُصْرُ كلِّ شيْءٍ: غِلَظُه. وفي حديث ابن مَسْعُود: «بُصْرُ كلِّ سماء مَسِيرَةُ خَمْسِمائةِ عامٍ»، يُرِيدُ غِلَظَها وسَمْكَهَا، وهو بضمِّ الباءِ. وفي الحديث أَيضاً: «بُصْرُ جِلْدِ الكافِرِ في النَّار أَربعونَ ذِرَاعاً». وثَوْبٌ جَيِّدُ البُصْرِ. قَوِيٌّ وَثِيجٌ.
  والبَصْرَةُ: الطِّينُ العَلِكُ، قيل: وبه سُمِّيَتِ البَصْرَةُ.؟
  عِياضٌ في المَشارِق. وقال اللِّحيانِيُّ: البَصْرُ: الطِّينُ؟
  الجَيِّدُ الذي فيه حَصىً.
(١) في التهذيب: وقال أبو إسحاق: معنى {مُبْصِرَةً} أتبصِّرهم أي تبين لهم. ومن قرأ مَبصَرة فالمعنى بيّنة ومن قرأ مُبصَرة فالمعنى: متبينة.
(٢) سورة النمل الآية ١٣.
(٣) في النهاية: بنبلة.
(٤) قوله بالغور كذا بالأصل، والغور بالفتح القعر من كل شيء، والغور: المطمئن من الأرض. وهذا لا يناسب المقام هنا. وصححت في المطبوعة الكويتية: «بالقوز» وفي اللسان دار المعارف بالقور وقال مصححه: القور جمع القارة وهي الجبل، والأكمة ذات الحجارة السود.