تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

(فصل الباء) الموحدة مع الراء

صفحة 106 - الجزء 6

  عن التَّبَقُّرِ في الأَهْل والمالِ، قال أَبو عُبَيْد: قال الأَصمعيّ: يُرِيدُ الكَثْرَةَ والسَّعَة، قال: وأَصلُ التَّبَقُّرِ التَّوَسُّعُ والتَّفَتُّحُ، ومنه قيل: بَقَرْتُ بَطْنَه، إِنَّمَا هو شَقَقْتُه وَفَتَحْتُه، ومنه حديثُ أُمِّ سُلَيْمٍ: «إِنْ دَنَا منِّي أَحدٌ من المُشْرِكين بَقَرْتُ بَطنَه». وَبَيْقَرَ الرجلُ: هَلَكَ. وبَيْقَرَ: فَسَدَ، وفي بعض النُّسَخ: أَفْسَدَ، وكلتاهما صَحِيحتان، وعلى الأُولى فَسَّرُوا قولَه:

  يا مَنْ رَأَى النُّعْمَانَ كان حِيَرَا ... فَسُلَّ مِنْ ذلك يَوْمَ بَيْقَرَا

  أَي يومَ فَسَادٍ، قال ابن سِيدَه: هذا قولُ ابنِ الأَعرابيِّ جَعَلَه اسماً، قال: ولا أَدرِي لتَرْكِ⁣(⁣١) صَرْفِه وَجْهاً إِلّا أَن يُضَمِّنَه الضَّمِيرَ، ويَجْعَلَه حِكايَةً، ويُرْوَى: «يَوماً بَيْقَرَا»، أَي يوماً هَلَكَ أَو فَسَدَ فيه مُلْكُه، وعلى النُّسْخَة الثانِيةِ فَسَّرَ ابنُ الأَعرابيِّ قولَه:

  وقد كان زَيْدٌ والقُعُودُ بأَرْضِه ... كرَاعِي أُناسٍ أَرْسَلُوه فَبَيْقَرَا

  وقوله: «كرَاعِي أُناسٍ»، أَي ضَيَّعَ غَنَمَه للذِّئْب.

  وبَيْقَرَ: مَشَى كالمُتَكَبِّرِ، هكذا في النُّسَخ، وفي اللِّسَان وغيرِه من الأُمَّهات: مَشَى مِشْيَةَ المُنَكِّسِ، ولعلَّ ما في نُسَخ القاموس تَصْحِيف عن هذا، فلْيُنْظَرْ.

  وبَيْقَرَ الرجلُ: أَعْيَا وحَسَرَ، وقال ابن الأَعرابيِّ: بَيْقَرَ؛ إِذا تَحَيَّرَ، يقال: بَقِرَ الكَلْبُ وَبَيْقَرَ، إِذا رَأَى البَقَرَ فَتَحَيَّرَ، كما يقال: غَزِلَ، إِذا رَأَى الغَزالَ فَلَهَا.

  وبَيْقَرَ، إِذا شَكَّ في الشَّيْءِ. وبَيْقَرَ، إِذا مَاتَ. وأَصلُ البَيْقَرَةِ الفَسَادُ.

  وبَيْقَرَ الدّارَ، إِذا نَزَلَهَا واتَّخَذها مَنْزِلاً، عن أَبي عُبَيْدَةَ.

  وبَيْقَرَ: نَزَلَ إِلى الحَضَر وأَقامَ هنالك، وتَرَكَ قَومَه بالبادِيَةِ، وخَصَّ بعضُهم به العِراقَ، كما سيأْتي.

  وبَيْقَرَ: خَرَجَ إِلى حيثُ لا يُدْرَى.

  وبَيْقَرَ: أَسْرَعَ مُطَأْطِئاً رَأْسَه، وهذا يُؤَيِّدُ ما في الأُصُول: مَشَى مِشْيَةَ المُنَكِّسِ، كما تقدَّم، قال المُثَقِّبُ العَبْدِيُّ، ويُروَى لعَدِيِّ بنِ وَدَاعٍ:

  فبَاتَ يَجْتَابُ شُقَارَى⁣(⁣٢) كمَا ... بَيْقَرَ مَنْ يَمْشِي إِلى الجَلْسَدِ

  وبَيْقَرَ: حَرَصَ بِجَمْعِ - وفي بعض الأُصول: «على جَمْعِ» - المالِ ومَنَعَه.

  وبَيْقَرَ الفَرَسُ إِذا خَامَ⁣(⁣٣) بِيَدَهِ كما يَصْفِنُ بِرِجْلِه، نُقِلَ ذلك عن الأَصمعيّ، والخَوْمُ هو الصُّفُون، كما سيأْتي.

  وبَيْقَرَ: خَرَجَ من الشّام إِلى العِراقِ، قال امرُؤُ القَيْس:

  أَلَا هلْ أَتَاها والحَوَادِثُ جَمَّةٌ ... بأَنَّ امْرَأَ القَيْسِ بنَ تَمْلِكَ بَيْقَرَا

  وبَيْقَرَ: هَاجَرَ من أَرضٍ إِلى أَرضٍ، ويقال: خَرَجَ من بلدٍ إِلى بلدٍ، فهو مُبَيْقِرٌ، وهو مّما أَلْحَقُوه بالمُصَغَّرَاتِ، وليس بمُصَغَّر، في أَلفاظ سَبَقَ ذِكرُهَا في ب ط ر. وقال السُّهَيْلِيُّ في الرَّوض: المُهَيْنِمُ والمُبَيْطِرُ والمُبَيْقِرُ لو صَغَّرْتَ واحداً من هذه الأَسَماءِ لَحَذَفْتَ الياءَ الزائدةَ، كما تَحْذِفُ الأَلِفَ من مَفَاعِلَ، ويَلحَقُ ياءُ التَّصْغِيرِ في مَوْضِعِها، فيعودُ اللَّفْظُ إِلى ما كان، فيقال في تَصْغِير: مُهَيْنِمٍ ومُبَيْطِرٍ: مُهنم ومُبطر⁣(⁣٤)، وله في هذا المَقَام بحثٌ نَفِيسٌ فراجِعْه.

  والبُقَّيْرَى، كسُمَّيْهَى: لُعْبَة الصِّبْيَانِ، وهي كَوْمَةٌ مِن تُرَابٍ وحَولَهَا خُطُوطٌ، ذَكَرَه ابن دُرَيْدٍ.

  وبَقَّرَ الصَّبِيُّ تَبْقِيراً: لَعِبَهَا يأْتُون إِلى مَوضعٍ قد خُبِّئَ لهم فيه شييْءٌ، فيَضْرِبُون بأَيْدِيهم بلا حَفْرٍ، يَطْلُبُونه، والذي في الجَمْهَرة لابنِ دُرَيْدٍ: بَيْقَرَ الصَّبِيُّ بَيْقَرَةً: لَعِبَ البُقَّيْرَى، فهو مُبَيْقِرٌ. فانْظُرْه وتَأَمَّلْ.

  والبَيْقَرَانُ: نَبْتٌ، عن أَبي مالِكٍ، قال ابن دُرَيْدٍ⁣(⁣٥): ولا أَدْرِي ما صحَّتُه.

  والبُقّارَى بالضَّمِّ والشَّدِّ وفتح الرّاءِ: الكَذِبُ، والدّاهِيَةُ،


(١) بالأصل: «أترك» وبهامش المطبوعة المصرية: «قوله أترك، كذا بخطه، والأولى كما في اللسان: لترك».

(٢) شقارى مخفف من شُقّارى، نبت، خففه للضرورة.

(٣) كذا بالأصل والتهذيب، وفي القاموس «حام» بالحاء المهملة.

(٤) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله مهنم ومبطر، أي بعد حذف الياء الأصلية، وقيل ياء التصغير».

(٥) الجمهرة ٣/ ٣٨٨.