تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[بقطر]:

صفحة 109 - الجزء 6

  وفي التَّهْذِيب: والبُكُور والتَّبْكِيرُ: الخُرُوج في ذلك الوقتِ. والإِبكارُ: الدُّخُول في ذلك الوقتِ.

  و. البَكْرَةُ بالفَتْحِ: اسمٌ للّتي يُسْتَقَى عليها، وهي خَشَبَةٌ مُسْتَدِيرةٌ في وَسَطِها مَحَزٌّ للحَبْل، وفي جَوْفِها مِحْوَرٌ تَدُورُ عليه، يُسْتَقَى عليها، أَو هي المَحَالَةُ السَّرِيعَةُ، ويُحَرَّكُ، وهذه عن الصَّاغَانيّ، وهكذا لابن سِيدَه في المُحكَم، وهو تابعٌ له في أَكثَرِ السِّيَاقِ، فاعتراضُ شيخِنا عليه هنا في غير مَحَلِّه.

  ج بَكَرٌ، بالتَّحْرِيك، وهو من شواذّ الجَمْع؛ لأَن فَعْلَةً لا تُجْمَعُ⁣(⁣١) على فَعَلٍ إِلا أَحْرُفاً، مثل: حَلْقَةٍ وحَلَقٍ، وحَمْأَةٍ وحَمَإِ، وبَكْرَةٍ وبَكَرٍ، كما في الصّحاح، أَو هو اسمُ جِنْسٍ جَمْعِيّ، كشَجَرٍة وشَجَرٍ، قاله شيخُنَا، وَبَكَرَاتٌ أَيضاً، قال الراجز:

  والبَكَراتُ شَرُّهُنَّ الصّائِمَهْ

  يَعْنِي التي لا تَدُور.

  والبَكْرَةُ: الجَمَاعَةُ.

  والفَتِيَّةُ من الإِبلِ.

  قال الجوهريُّ: وج البَكْرِ بِكارٌ كفَرْخٍ وفِرَاخٍ.

  وبَكَرَ عليه وإِليه وفيه يَبْكُرُ بُكُوراً، بالضَّمِّ، وَبَكَّرَ تَبْكِيراً، وابْتَكَرَ، وأَبْكَرَ إِبكاراً وباكَرَه: أَتاهُ بُكْرَةً، كلُّه بمعنًى، أَي باكِراً، فإِن أَردتَ به بُكْرَةَ يومٍ بعَيْنهِ قلتَ:

  أَتيتُه بُكْرَةَ، غيرَ مصروفٍ، وهي من الظروف التي لا تَتَمَكَّنُ.

  وكلُّ مَن بادَرَ إِلى شَيْءٍ فقد أَبْكَرَ إِليه وعليه، وبَكَّرَ في أَيِّ وقتٍ كان بُكْرَةً أَو عَشِيَّةً، يقال: بَكِّروا بصلاةِ المَغْرِب، أَي صَلُّوهَا عند سُقُوطِ القُرْصِ.

  ورَجُلٌ بَكُرٌ في حاجته، كنَدُسٍ، وبَكِرٌ، كحَذِرٍ، وبَكِيرٌ، كأَمِيرٍ: قَوِيٌّ على البُكُورِ وبَكِرٌ وبَكِيرٌ⁣(⁣٢) كلاهما على النَّسَب؛ إِذْ لا فِعْلَ له ثُلاثِيًّا بَسِيطاً. وفي المُحكَم: وبَكَّرَه على أَصحابِه تَبْكِيراً، وأَبْكَرَه عليهم: جَعَلَهُ يُبَكِّرُ عليهم وأَبْكَرَ الوِرْدَ والغَداءَ: عاجَلَهما، وقال أَبو زَيْد: أَبْكَرتُ على الوِرْدِ إِبكاراً، وكذلك أَبْكَرتُ الغَداءَ.

  وقال غيرُه: يقال: باكَرْتُ الشَّيْءَ، إِذا بَكَّرْتَ له، قال لَبِيد:

  باكَرْتُ حَاجَتَها الدَّجاجَ بِسُحْرَةٍ⁣(⁣٣)

  معناه بادَرْتُ صَقِيعَ الدِّيكِ سَحَراً إِلى حاجَتِي.

  ويقال: أَتيتُه باكِراً، فمَن جَعَلَ البَاكِرَ نَعْتاً قال للأُنْثَى: باكِرَة، ولا يقال: بَكُرَ ولا بَكِرَ، إِذا بَكَّرَ.

  وَبكَّرَ تَبْكِيراً، وأَبْكَرَ، وَتبَكَّر: تَقَدَّمَ، وهو مَجازٌ.

  وفي حديث الجُمعَةِ: «مَنْ بَكَّرَ يومَ الجُمعَةِ وابْتَكَرَ فله كذا وكذا»؛ قالوا: بَكَّرَ: أَسْرَعَ وخَرَجَ إِلى المسجد باكِراً، وأَتَى الصّلاةَ في أَوّلِ وَقْتِهَا، وهو مَجازٌ. وقال أَبو سَعِيد: معناه مَن بَكَّر إِلى الجُمعَةِ قبلَ الأَذانِ وإِن لم يَأْتِهَا باكِراً فقد بَكَّرَ: وأَمّا ابتكارُهَا فهو أَنْ يُدْرِكَ أَوَّلَ وَقتِهَا، وقيل: معنى اللَّفْظَيْنِ واحدٌ، مثل فَعَلَ وافْتَعَل، وإِنما كُرِّر للمبالغَةِ والتَّوكيدِ، كما قالوا: جادٌّ مُجِدٌّ.

  وبَكِرَ إِلى الشَّيْءِ كفَرِحَ: عَجِلَ.

  قاله ابنُ سِيده و. من المجاز: غَيْثٌ باكِرٌ وباكُورٌ، البَاكُورُ والبَاكِرُ مِن المَطَرِ: ما جاءَ في أَوّلِ الوَسْمِيِّ، كالمُبْكِرِ؛ مِن أَبْكَرَ، والبَكُورِ، كصَبُورٍ، ويقال أَيضاً هو السَّارِي في آخِرِ اللَّيْلِ وأَوّلِ النَّهَارِ، وأَنْشَدَ:

  جَرَّرَ السَّيْلُ بها عُثْنُونَه ... وتَهادَتْهَا مَدالِيجُ بُكُرْ

  وفي الأَساس: سحابَةٌ مِدْلاجٌ بَكُورٌ.

  والبَاكُورُ: المُعَجَّلُ المَجِيءِ والإِدراكِ من كلِّ شيْءٍ، وبهاءٍ الأُنْثَى، أَي الباكُورة.

  وباكُورَة الثَّمَرة منه، ومن المجاز: ابتَكَرَ⁣(⁣٤) الفاكهةَ: أَكَلَ


(١) عن الصحاح وبالأصل: لا يجمع.

(٢) بالأصل: «وبكر وبكر» وبهامش المطبوعة المصرية: «قوله: وبكر وبكر كذا بخطه والذي في اللسان: وبكر وبكير وليحرر» وهو ما أثبتناه.

(٣) ديوانه وعجزه فيه:

لأُعلَّ منها حين هبّ نيامها

(٤) عن الأساس، وبالأصل «بكر».