تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[ثقر]:

صفحة 150 - الجزء 6

  قال: ولا يُكَسَّرُ لقلَّة فَعُلَة في كلامهم، ولم يَحْك الثَّمُرَةَ أَحدٌ غيرُه. وقال شيخُنَا: لما تعدَّد الواحدُ خالَفَ الاصطلاحَ، وهو قولُه: وهي بهاءٍ. ج ثِمَارٌ مثلُ جَبَل وجِبَال، وجج، أَي جَمْعُ الجَمْع، ثُمُرٌ مثلُ كِتاب وكُتُب، عن الفَرّاءِ وججج أَي جَمْعُ جَمْع الجَمْع أَثْمَارٌ.

  وقال ابن سيدَه: وقد يجوزُ أَن يكونَ الثُّمُرُ جَمْعَ ثَمَرَة، كخَشَبَة وخُشُب، وأَن لا يكونَ جَمْعَ ثِمَار؛ لأَن بابَ خَشَبَة وخُشُب أَكثرُ من باب رِهَان ورُهُن، قال: أَعْنِي أَنّ الجَمْعَ قليلٌ في كلامهم.

  وقال الأَزهريُّ: سمعْتُ أَبا الهَيْثَم يقول: ثَمَرَةٌ، ثم ثَمَرٌ، ثم قُمُرٌ جَمْعُ الجَمْع، وجَمْعُ الثُّمُر أَثْمَارٌ، مثلُ عُنُق وأَعناق.

  وأَما الثَّمَرَةُ فجمعُه ثَمَرَاتٌ، مثلُ قَصَبَة وقَصَبَات، كذا في الصّحاح والمصْباح⁣(⁣١).

  وقال شيخُنَا: هذا اللَّفْظُ في مَراتب جَمْعه من غَرائب الأَشبَاه والنَّظَائِر، قال ابنُ هِشَام في شرح الكعبيّة:⁣(⁣٢) ولا نَظِيرَ لهذا اللَّفْظِ في هذا الترتيب في الجُمُوعِ غيرُ الأَكَم، فإِنّه مثلُه؛ لأَن المفردَ أَكَمَةٌ - محَرَّكة - وجمعُه أَكَمٌ - محَرَّكة - وجمعُ الأَكَم إِكامٌ، كثَمَرَة وثَمَر وثِمَار، وجمعُ الإِكامِ - بالكسر - أُكُمٌ، بضَمَّتَيْن كما قِيل ثِمارٌ وثُمُرٌ، ككتاب وكُتُبٍ، وجمعُ الأُكُمِ - بضمتَيْن - آكامٌ، كثُمُر وأَثْمَارٍ، ونظيرُه عُنُقٌ وأَعناقٌ، وجمعُ الأَثْمَارِ والآكامِ أَثامِيرُ وأَكامِيمُ، فهي سِتُّ مَرَاتِبَ لا تُوجَدُ في غير هذَيْن اللفظيْن، والله أَعلم. والثُّمُرُ: الذَّهَبُ والفِضَّةُ، حَكَاه الفارسيُّ؛ يرفعُه إِلى مُجاهِدٍ في قوله ø: وكان له ثُمُرٌ، فيمن قَرَأَ به، قال: وليس ذلك بمعروفٍ في اللُّغَة، وهو مَجَازٌ.

  والثَّمَرَةُ: الشَّجَرَةُ، عن ثعلب.

  والثَّمَرَةُ: جِلْدَةُ الرَّأْسِ، عن ابن شُمَيْل.

  ومِن المَجازِ: الثَّمَرَةُ مِن اللِّسَان: طَرَفُه وعَذَبَتُه، تقول: ضَرَبَنِي فلانٌ بثَمَرَةِ لسانِه. وفي حديث ابنِ عَبّاس: «أَنه أَخَذَ بثَمَرَةِ لسانِه، وقال: قُلْ خَيْراً تَغْنَمْ، أَو أَمْسِكْ عن سُوءٍ فتَسْلَمْ»⁣(⁣٣). قال شَمِرٌ: يريد: أَخَذَ بطَرَفِ لسانِه. وقال ابنُ الأَثِير: أَي طَرَفه الذي يكونُ في أَسفلِه.

  ومِن المَجَاز: الثَّمَرَةُ مِن السَّوْط: عُقْدَةُ أَطرافِه؛ تَشْبِيهاً بالثَّمَرِ في الهيئةِ والتَّدَلِّي عنه، كتَدَلِّي الثَّمَرِ عن الشَّجَرة، كذا في البَصَائر للمصنِّف. وفي الحديث: «أَمَرَ عُمَرُ الجَلَّادَ أَن يَدُقَّ ثَمَرَةَ سَوْطِه» أَي لِتَلِينَ؛ تخفيفاً على الذي يُضْرَبُ.

  ومن المَجَاز: قُطِعَتْ ثَمَرَةُ فلانٍ، أَي ظَهْرُه، ويَعْنِي به النَّسْل. وفي حديث عَمْرو بن سعيد⁣(⁣٤): «قال لمُعَاويةَ: ما تسأَلُ عَمَّن ذَبُلَتْ بَشَرَتُه، وقُطِعَتْ ثَمَرَتُه»؛ يَعْنِي نَسْلَه.

  وقيل: انقطاع شَهْوَتِه للجِماع.

  ومِن المَجَاز: الوَلَدُ ثَمَرَةُ القَلْبِ. وفي الحديث: «إِذا ماتَ وَلَدُ العَبْدِ قَال الله لملائكتِه: قَبَضْتُم ثَمَرَةَ فُؤادِه؟ فيقولون: نَعَمْ» ..

  قيل للولدِ: ثَمَرَةٌ؛ لأَنّ الثَمَرَةَ ما يُنْتِجُه الشَّجَرُ، والوَلَدُ يُنْتِجُه الأَبُ. وقال بعض المُفَسِّرين في قوله تعالى: {وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَراتِ}⁣(⁣٥) أَي: الأَولادِ والأَحفادِ، كذا في البصائِر.

  وفي المُحْكَم: ثَمَرَ الشَّجرُ وأَثْمَرَ: صارَ فيه الثَّمَرُ. أَو الثّامِرُ: ما خَرَجَ ثَمَرُه. وعبارةُ المُحْكَم: الذي بَلَغَ أَوَانَ أَن يُثْمِرَ. والمُثْمِرُ: ما بَلَغَ أَنْ يُجْنَى. هذه عن أَبي حَنِيفَةَ، وأَنشدَ:


(١) ما أثبت في الأصل هي عبارة المصباحَ، وفي الصحاح: الثمرة: واحدة الثمر والثمرات.

(٢) عبارة ابن هشام وردت في شرحه للبيت:

سمر العجايات يتركن الحصى زيماً ... لم يقهن رؤوس الأكم تنعيل

قال: الأُكُم بضمتين جمع إكام ككتب جمع كتاب، والإكام جمع أكم كالجبال جمع جبل، والأكم جمع أَكَمَة كالثَّمرَ جمع ثمرة ويجمع الأول وهو الأُكُم على آكام كما يقال: عُنُق وأعناق، ونظيره جمع ثمرةٍ على ثَمَرٍ كشجرة وشجر وجمع ثَمَر على ثمار كجبال، وجمع ثمار على ثُمُر ككتب، وجمع ثُمُر على أثمار كأعناق ذكرهما الجوهري، وحكي الثاني عن الفراء ولا أعرف لهما نظيراً في العربية.

(٣) في اللسان والتهذيب: تسلم.

(٤) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله سعيد، الذي في اللسان: مسعود ومثله في النهاية.

(٥) سورة البقرة الآية ١٥٥.