فصل الجيم مع الراء
  شَهِدْنا فما تَلْقَى لنا مِن كَتِيبَةٍ ... يَدَ الدَّهْرِ إِلّا جَبْرَئِيلُ أَمَامُهَا
  قال ابن بَرِّيٍّ: ورفع «أَمامها» على الإِتباع؛ لنَقْلِه من الظُّرُوف إِلى الأَسماءِ.
  والثانيةُ: جِبْرِيلُ، بالكسر مثالُ حِزْقِيل، وهي أَشهرُهَا وأَفصحُهَا، وهي قراءَةُ أَبي عَمْرو ونافعٍ وابنِ عامرٍ وحَفْص عن عاصم، وهي لغةُ الحِجَاز، وقال حَسّان:
  وجِبْرِيلٌ رسولُ الله فينا ... ورُوحُ القُدِس ليس له كِفَاءُ
  والثالثةُ: جَبْرَئِلُ، مثالُ جَبْرَعِل، أَي بدون ياءِ بعد الهمزةِ، وتُرْوَى عن عاصم، ونَسَبَهَا ابنُ جِنِّي في الشّواذّ إِلى يحيَى بنِ يَعْمُرَ.
  والرابِعَةُ: جَبْرِيلُ، مثالُ سَمْوِيل، بفتحٍ فسكونٍ فكسرٍ، وهي قراءَةُ ابنُ كَثِيرٍ والحَسَنِ. قال الشِّهَاب: وتضعيفُ الفَرّاءِ لها بأَنه ليس في كلامهم فَعْلِيل، أَي بالفتح، ليس بشيْءٍ؛ لأَنّ(١) الأَعْجَميَّ إِذا عُرِّبَ قد يُلْحِقونه بأَوزانهم، وقد لا يُلحقونه، مع أَنه سُمِعَ سَمْوِيلُ لطائرٍ. قال شيخُنَا: وفي سَماعِه نَظَرٌ، ومَن سمِعه لم يدَّعِ أَنه فَعْلِيلٌ بل فَعْوِيلٌ، وهو ليس بعزِيز. قلتُ: وقد يأْتي للمصنِّف في سمل ما يدلُّ على أَن سَمْوِيل فَعْوِيل لا فَعْلِيل.
  والخامسةُ: جَبْرَائِلُ، بفتحِ فسكونٍ وهمزة مكسورة بدون ياءٍ بعد الأَلف، مثال جبْراعِل، وبها قرأَ عِكْرِمَةُ، ونَسبَهَا ابنُ جنِّي إِلى فَيّاضِ بنِ غَزْوانَ ويحْيى بنِ يَعْمُر أَيضاً.
  والسادسةُ: جَبْرائيلُ، مثلُهَا مع زيادةِ ياءٍ بعد الهمزة، مثال جَبْراعِيل.
  والسابعةُ: جَبْرَئِلُّ، بفتحٍ فسكونٍ وهمزةٍ مكسورة ولام مشدَّدَة، مثالُ جَبْرَعِلّ، وتُرْوَى عن عاصم، وقد قِيل إِنّ معناه عبدُ الله في لغتهم. قالَه ابنُ جِنِّي.
  والثامِنَةُ: جبْرَالُ، بالفتح، مثالُ خَزْعَال، وسيأْتي أَنه ليس لهم فَعْلالٌ سِواه، عن الفَرّاءِ. والتاسعةُ: جِبْرَالُ، بالكسر، مثالُ طِرْبَال.
  والعاشرةُ: بسكون الياءِ بلا هَمْزِ: جَبْرَيْلُ، أَي مع فتحٍ فسكونٍ في الأَول، وهي قراءَةُ طلحةَ بنِ مُصرِّف.
  والحاديةَ عشرةَ بفتحِ الياءِ: جَبْرَيَلُ، والباقي كالضَّبْط السابق.
  والثانيةَ عشرةَ بياءَيْن تَحْتِيَّتَيْنِ: جَبْرَيِيلُ، كسَلْسَبيل.
  والثالثةَ عشرةَ: جَبْرِينُ، بالنُّون، بَدَلَ اللَّامِ، ويُكْسَرُ.
  وبه تَتمُّ اللغاتُ أَربعَ عَشرةَ(٢)، ففي قول شيخنَا: إِنَّهَا عند المصنِّف ثلَاثَ عشَرَةَ نَظَرٌ. وقد ذَكر منها البيْضاوِيُّ ثمان لغات، وما بقِيَ أَوردَه ابنُ مالكٍ وأَرْبَابُ الأَفْعَالِ، وقد نَظَم الشيخُ ابنُ مالِك سَبْعَ لغَات، من ذلك في قوله:
  جِبْرِيل جبْرِيلُ جَبْرَائِيلُ جبْرئِلٌ ... وجَبْرئِيلُ وجبْرالُ وجِبْرِينُ
  قال شيخُنَا وذَيَّلَهَا الجَلَالُ السُّيُوطِيُّ بقوله:
  وجَبْرَأَلُّ وجَبْرايِيلُ معْ بَدلٍ ... جبْرائِلٌ وبِيَاءٍ ثمَّ جَبْرِينُ
  قال شيخُنَا: وقولُه: «مع بدلٍ»، إِشارةٌ إِلى جبْرائِين؛ لأَن فيه إِبدال الياءِ بالهمزة واللام بالنُّون.
  قلتُ: وقد فاتَ المصنِّف جبْرَايِيل الذي ذَكَرَه السُّيُوطِيُّ، وهو بياءَيْن بعد الأَلِفِ، وقد أَورَده الشِّهابُ، وقبله ابنُ جِنِّي في الشَّواذّ، فقال: وبها قرأَ الأَعْمشُ، وكذلك جَبْرَايِلُ مقصوراً بالياءِ بدلَ الهمزةِ، وقد ذَكَرَه السُّيُوطِيُّ، وجَبْرَأَلُ، بتخفيفِ اللّام، أَورَده ابنُ مالكٍ. قال ابنُ جِنِّي: ومِن أَلفاظهم في هذا الاسم أَن يقولوا كُوريال - الكاف بين الكاف والقاف - فغالبُ الأَمر على هذا أَن تكونَ هذه اللُّغَاتُ كلُّها في هذا الاسم إِنما يراد بها جُبْرَال، الذي هو كُوريال، ثم لَحِقَها من التَّحْرِيف على طُولِ الاستعمالِ ما أَصارَهَا إِلى هذا التَّفَاوُتِ، وإِن كانت على كلِّ أَحوالِهَا مُتَجَاذِبَةً، يَتَشَبَّثُ بعضُها ببعض. واستدلَّ أَبو الحَسَنِ على زيادة الهمزة في جَبْرئيلَ بقراءَة مَن قرأَ جَبْرِيل ونَحْوه، وهذا كالتَّضَيُّفِ من أَبي الحَسَنِ |؛ لِما قَدَّمْنَاه مِن
(١) بالأصل «إلّا أن» وبهامش المطبوعة المصرية «قوله: إلّا أن الأعجمي، كذا بخطه، ولعل الأولى: «لأن الأعجمي» وهذا ما أثبت.
(٢) انظر التكملة فقد ذكر لغاتٍ خمساً أوردها الجوهري وثمانٍ أخر، قال: فصار في جبرائيل أربع عشر لغة.