تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل الجيم مع الراء

صفحة 181 - الجزء 6

  والجُرَّةُ، بالضمّ، ويُفتَح: خُشَيْبَةٌ⁣(⁣١) نحو الذِّراع يُجْعَل في رَأْسِهَا كِفَّةٌ، وفي وَسَطها حَبْلٌ يَحْبِلُ الظَّبْيَ، يُصادُ بها الظِّبَاءُ، فإِذا نَشِبَ فيها الظَّبْيُ ووَقَعَ فيها ناوَصَهَا ساعةً، واضطربَ فيها، ومَارَسها لينْفَلِتَ، فإِذا غَلَبَتْه سَكَنَ واستَقَرَّ فيها؛ فتِلْك المُسَالَمَةُ. وفي المَثل: «نَاوَصَ الجُرَّةَ ثم سالَمهَا»؛ يُضرَب ذلك للذي يُخَالِفُ القَومَ عن رَأْيِهم، ثم يَرْجِع إِلى قولهم، ويضطرُّ إِلى الوِفاق، وقيل: يُضْرَب مَثَلاً لمن يَقعُ في أَمرِ فيَضطرِبُ فيه، ثم يَسْكُن. قال: والمُناوَصَة أَن: يَضطرِب، فإِذا أَعْيَاه الخَلَاصُ سَكَنَ. وقال أَبو الهيثم: مِن أَمثالهم: «هو كالباحِث عن الجُرَّة»⁣(⁣٢): قال وهي عصاً تُربَط إِلى حِبَالَةٍ تُغَيَّبُ في التُّراب للظَّبْي يُصطادُ بها، فيها وَتَرٌ، فإِذا دخلتْ يدُه في الحِبَالَة انعقدتْ الأَوتَارُ في يَدِه⁣(⁣٣)، فإِذا وَثَبَ ليُفْلِتَ، فمَدَّ يَدَه، ضَرَبَ بتلْك العَصا يدَه الأُخرى ورِجْلَه فكَسَرها، فتلك العَصَا هي الجُرّة.

  والجُرَّةُ: قَعْبَةٌ مِن حَدِيد مَثْقُوبَةُ الأَسْفَلِ، يُجْعَلُ فيها بَذْرُ الحِنْطَةِ حينَ يُبْذَرُ، ويَمْشِي به الأَكَّارُ والفَدّانُ، وهو يَنهالُ في الأَرض، جَمْعُه الجُرُّ، قالَه ابن الأَعرابيّ.

  ويَزِيدُ بنُ الأَخْنَسِ بنِ حَبِيب بنِ جُرَّةَ بن زِعْب أَبو مَعْن السُّلميّ: صَحابِيٌّ، ترجَمه في تاريخ دمشقَ، يقال: إِنه بَدْرِيٌّ، رَوَى له ابنُه مَعْنٌ.

  والجَرَّةُ بالفتح: الخُبْزَةُ، أَو خاصٌّ بالتي في المَلَّة، أَنشدَ ثعلبٌ:

  داوَيْتُه لمّا تَشَكَّى وَوَجِعْ ... بجَرَّةٍ مثْلِ الحِصَانِ المُضْطَجِعْ

  شَبَّهَها بالفَرَس لِعظَمِها.

  والجِرِّيُّ، بالكسر والتَّشْدِيد، وضبطَه في التَّوشِيح بفتح الجيم أَيضاً: سَمَكٌ طويلٌ أَمْلَسُ يُشْبِهُ الحَيَّةَ؛ وتُسَمَّى بالفارسيَّة مارْمَاهِي. وفي حديث عليٍّ كرَّم الله وجهَه: «أَنه كان يَنْهَى عن أَكْل الجِرِّيِّ والجِرِّيتِ». ويقال: الجِرِّيُّ لغةٌ في الجِرِّيت، وقد تقدَّم. وفي التَّوشِيح: هو ما لا قِشْر له من السَّمَك، لا يَأْكلُه اليهودُ، ولا فُصُوصَ له⁣(⁣٤). وفي حديث ابن عَبّاس: «أَنّه سُئِلَ عن أَكْلِ الجِرِّيِّ، فقال: إِنما هو شيءٌ حَرَّمه اليهودُ». ومن المَجَاز: أَلْقَاه في جِرِّيَّتِه، أَي أَكَلَه.

  والجِرِّيَّةُ والجِرِّيئَةُ، بكسرهما: الحَوْصَلَةُ. وقال أَبو زَيْد: هي القِرِّيَّةُ والجِرِّيَّةُ.

  ومِن المَجاز: الجارَّةُ: الإِبلُ التي تَجُرُّ الأَثقالَ، كما في الأَساس، تُجَرُّ بأَزِمَّتِها، كما في الصّحاح، وهي فاعِلَةٌ بمعنى مَفْعُولَةٍ، مثلُ: {عِيشَةٍ راضِيَةٍ}⁣(⁣٥) بمعنى مَرْضيَّة، و {ماءٍ دافِقٍ}⁣(⁣٦) بمعنَى مَدْفُوقٍ. ويجوزُ أَن تكون جارَّة في سَيْرها؛ وجرُّها: أَن تُبْطِيءَ وتَرْتَعَ. وفي الحديث: «ليس في الإِبل الجارَّة صَدَقَةٌ»⁣(⁣٧) وهي العَوَامِلُ؛ سُمِّيتْ جارَّةً لأَنها تُجَرُّ جَرًّا بأَزِمَّتِهَا، أَي تُقاد بخُطُمها، كأَنَّهَا مَجْرُورَةٌ، أَراد: ليس في الإِبلِ العَوَامِلِ صَدقةٌ. قال الجوهريُّ: وهي رَكائِبُ القَومِ؛ لأَنّ الصَّدَقَةَ في السَّوائِم دُونَ العَوَامِل.

  والجَارَّةُ: الطَّرِيقُ إِلى الماءِ.

  والجَرِيرُ: حَبْلٌ، قالَه شَمِرٌ، وجَمْعَه أَجِرَّةٌ وجُرّانٌ. وفي الحديث: «لولا أَن تَغْلِبَكُم النّاسُ عليها⁣(⁣٨) لَنَزعْتُ معكم حتَّى يُؤَثِّرَ الجَرِيرُ بظَهْرِي»؛ والمراد به الحَبْل، وقال زُهَيْرُ بن جَنَابٍ:

  فَلِكُلِّهِمْ أَعْدَدْتُ تَيّاحاً تُغَار لهُ الأَجِرَّهْ⁣(⁣٩)

  أَي الحِبَال. وزاد في الصّحاح: يُجْعَلُ للبعِيرِ بمَنْزِلَة العِذَارِ للدّابَّةِ، وبه سُمِّيَ الرجلُ جَريراً. وفي الحديث: «أَنه قال له نُقادةُ الأَسدِيّ: إِني رجلٌ مُغْفِلٌ فأَين أَسِمُ؟ قال: في موضعِ الجَرِيرِ من السّالِفَة». أَي في مُقَدَّم صَفْحةِ العُنُقِ، والمُغْفِلُ: الذي لا وَسْمَ على إِبله.


(١) الصحاح واللسان: خشبة.

(٢) ضبطت في اللسان بتفح الجيم، وضبطت في التهذيب بالضم والفتح، كالقاموس.

(٣) التهذيب: يديه.

(٤) في القاموس: وليس عليه فُصوصٌ.

(٥) سورة الحاقة الآية ٢١.

(٦) سورة الطارق الآية ٦.

(٧) لفظه في الصحاح: والنهاية: «لا صدقة في الإبل الجارّة» ولفظه في اللسان فكالأصل.

(٨) يعني زمزم كما في اللسان.

(٩) بالأصل واللسان تغازله خطأ، والصواب ما أثبت تغار بالراء، أي تفتل أو يحكم فتلها من أغار الحبل.