تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل الجيم مع الراء

صفحة 211 - الجزء 6

  وجَمَّر الجيشَ تَجْمِيراً، وفي بعض الأُصُول: الجُنْد: حَبَسهم وأَبْقاهم في أَرضِ، وفي بعض الأُصول: في ثَغْر العَدُوِّ ولم يُقْفِلْهم، من الإِقفال وهو الإِرْجاعُ، وقد نُهِي عن ذلك. وقال الأصمعيُّ: جمَّر الأَميرُ الجيشَ، إِذا أَطالَ حبْسهم بالثَّغْر، ولم يأْذَن لهم في القَفْل إِلى أَهالِيهم، وهو التَّجْمِيرُ، ورَوَى الرَّبِيعُ أَن الشافِعِيَّ أَنشدَه:

  وجمَّرْتَنَا تَجْمِيرَ كِسْرَى جُنُودَهُ ... ومنَّيتَنا حتى نَسِينا الأَمانِيَا

  وفي حديثِ عُمر ¥: «لا تُجمِّرُوا الجيشَ فتَفْتِنُوهم». قالوا: تَجْمِيرُ الجيشِ: جَمْعُهم في الثُّغُور، وحَبْسُهم عن العوْد إِلى أَهْلِيهم. ومنه حديثُ الهُرْمُزانِ: «إِنّ⁣(⁣١) كِسْرَى جَمَّرَ بُعُوثَ فارِسَ». وفي بعض النُّسخ: «ولم يَنْقُلْهم»؛ من النَّقْل بالنون والقاف، وفي أُخرى: «ولم يُغفلهم» مِن الغَفْلة. وكله تحريفٌ، والصّوابُ ما تَقَدَّمَ.

  وقد تَجَمَّروا واسْتَجْمرُوا، أَي تَحبَّسُوا.

  والمِجْمَرُ، كمِنْبَر: الذي يُوضَعُ فيه الجَمْرُ بالدُّخْنَةِ.

  وفي التَّهذِيب: قد يُؤَنَّثُ، كالمِجْمَرَةِ، قال: مَن أَنَّثَه ذَهَب به إِلى النار، ومَن ذَكَّرَه عنَى به المَوْضِعَ. جَمْعُهما مجامِرُ.

  وقال أَبو حنيفةَ: المِجْمَرُ: العُودُ نَفْسُه، وأَنشدَ ابنُ السِّكِّيتِ:

  لا تَصْطَلِي النّارَ إِلّا مِجْمراً أَرِجاً ... قد كَسَّرَتْ مِن يَلَنْجُوجِ له وَقَصَا

  البيتُ لحُمَيْدِ بنِ ثَوْرٍ الهِلاليِّ يصفُ امرأَةً ملازِمةً للطِّيب، كالمُجْمَرِ، بالضمّ فيهما. قال الجوهريُّ: ويُنْشَدُ البيتُ بالوَجْهَيْن.

  وقد اجْتَمَرَ بها، أَي بالمِجْمَر.

  والجُمّارُ، كرُمانٍ: شَحْمُ النَّخْلَةِ الذي في قِمَّةِ رَأْسِها، تُقْطَعُ قِمَّتُهَا، ثُمّ يُكْشَطُ عن جُمّارةٍ في جوْفها بيضاءَ، كأَنها قطعةُ سنام ضخمةٌ، وهي رَخْصةٌ، تُؤْكَلُ⁣(⁣٢) بالعَسَل والكافُور، يُخْرَجُ مِن الجُمّارَةِ بين مَشَقِّ السَّعفَتَيْنِ، كالجَامُورِ، وهذه عن الصَّاغانيُّ.

  وقد جَمَّرَ⁣(⁣٣) النخلَةَ: قَطَعَ جُمّارَهَا أَو جامُورَهَا، وقد تَقَدَّمَ في كلام المصنِّف.

  والجَمَارُ، كسَحَابٍ: الجَماعةُ. والجَمار: القَومُ المُجْتَمِعُون.

  وقال الأَصمعيُّ: نجد⁣(⁣٤) فلان إِبلَه جَمَاراً، إِذا عَدَّها ضَرْبَةً واحدةً، ومنه قول ابنِ أَحمرَ:

  وظَلَّ رِعَاؤُها يَلْقَوْن منْها ... إِذا عُدَّتْ نَظائِرَ أَو جمَارَا

  قال: والنَّظَائر: أَن تُعَدَّ مَثْنَى مثْنَى، والجَمار: أَن تُعَدَّ جماعةً، ورَوَى ثعلبٌ عن ابن الأَعرابيِّ⁣(⁣٥) عن المُفَضَّل:

  أَلَمْ تَر أَنَّنِي لاقَيْتُ يوماً ... مَعاشِرَ فيهمُ رَجُلٌ جمَارَا

  فَقِيرُ اللَّيْلِ تَلْقَاه غَنِيّاً ... إِذا ما آنَسَ اللَّيْلُ النَّهَارا

  قال: يقال: فلانٌ غَنِيُّ اللَّيْلِ، إِذا كانت له إِبلٌ سُودٌ تَرْعَى⁣(⁣٦) باللَّيْل. كذا في الِّلسَان.

  وقد جاءُوا جُمَارَى، ويُنَوَّنُ، وهذا عن ثعلبٍ، أَي بأَجْمَعهِم. وإِنكارُ شيخِنا التنوينَ، وأَنه لا يَعْضُده سَماعٌ ولا قِياسٌ، محَلُّ تَأَمُّلٍ.

  وأَنشدَ ثعلَبٌ:

  فمنْ مُبْلِغٌ وَائِلاً قَوْمَنَا ... وأَعْنِي بذلك بَكْراً جُمَارَا


(١) بالأصل: «إلى» وبهامش المطبوعة المصرية: «قوله: إلى كسرى، الذي في اللسان: «إِن بدل إلى».

(٢) عن التهذيب واللسان، وبالأصل «يؤكل».

(٣) ضبطت عن الأساس بالتشديد وضبطت في اللسان وجَمَرَ بتخفيف الميم.

(٤) كذا بالأصل، وبهامش المطبوعة المصرية: «قوله: نجد فلان، كذا بخطه بالجيم، وفي اللسان بالحاء، وبهامشه ما يقتضي أنه ربما يكون محرفاً عن «عدّ» بدليل ما بعده، اه ومما يؤيده عبارة المفضل الآتية» وفي التهذيب: «عدّ فلانٌ».

(٥) في التهذيب: أنه سأل المفضل عن قول الشاعر، وذكر البيتين، فقال: هذا مقدم أريد به التأخير ومعناه: لاقيت معاشر جماراً، أي جماعة فيهم رجل فقير الليل، إذا لم تكن له إبل سود، وفلان غني الليل إذا كانت له إبل سود تُرى بالليل.

(٦) التهذيب: تُرى.