فصل الجيم مع الراء
  والجَوَارُ، كسَحَابٍ: الماءُ الكثير القَعِيرُ، قال القُطامِيُّ يصفُ سفينةَ نُوحٍ، على نَبِيِّنَا وعليه الصّلاةُ والسّلامُ:
  وعَامَتْ وهْي قاصدَةٌ بإِذْنٍ ... ولولا الله جَارَ بها الجَوَارُ
  أَي الماءُ الكثيرُ.
  ومنه: غَيْثٌ جِوَرٌّ.
  والجَوَارُ(١) من الدّار: طَوَارُهَا، وهو ما كان على حَدِّهَا وبحِذائِها.
  والجَوَار: السُّفُنُ، لغةٌ في الجَوَارِي، نقلَ ذلك عن أَبي العَلاءِ صاعِدٍ اللُّغُويِّ في الفُصُوص، وهذا غَرِيبٌ. قال شيخُنَا: قلت: لا غرابَةَ؛ فالقلبُ مشهورٌ، وكذلك إِجراءُ المُعلِّ مُجْرَى الصَّحِيح وعَكْسه، كما في كُتُب التَّصْريف.
  وشِعْبُ الجَوَارِ: قُرْبَ المَدِينَةِ المشرَّفةِ، على ساكنها أَفضلُ الصلاةِ والسلام من ديارِ مُزَيْنَةَ.
  والجِوَارُ، بالكسر: أَن تُعْطِيَ الرَّجلَ ذِمَّةً وعَهْداً فيكونَ بها جارَكَ، فتُجيرَه وتُؤَمِّنه.
  وقد جاوَرَ بني فلانٍ وفيهم مُجَاورةً وجِواراً: تَحَرَّم بجِوَارهم، وهو مِن المُجَاوَرة: المُساكَنة، والاسمُ الجِوَارُ والجُوَارُ، أَي بالضمّ والكسر؛ فالمصدرُ الذي ذَكَرَه المصنِّف بالكسر فقط، والحاصلُ بالمصدر وهو العَهْدُ الذي بين المُعَاهِدَيْن، يُضَمُّ ويُكْسَرُ، كما صَرَّحَ به غيرُ واحدٍ من الأَئمَّة. وقد غَلِطَ هنا أَكثرُ الشُّرَّاح، ونَسبُوا المصنِّفَ إِلى القُصُور، وكلامُه في غاية الوُضُوح.
  والجَوّارُ ككَتّان: الأَكّارُ. التَّهْذِيب: هو الذي يَعملُ لك في كَرْمٍ أَو بُسْتَان.
  وجاوَرَه مُجَاوَرَةً، على القِيَاس وجواراً(٢) بالفتح، على مُقْتَضَى اصطلاحِه، وأَوْرَدَه ابنُ سِيدَه في المُحكَم، وبالضمِّ كما أَوْرَدَه ابنُ سِيدَه أَيضاً، وإِنما اقتَصَر المصنِّفُ على واحدٍ؛ بناءً على طريقته التي هي الاختصارُ، وهو قد يكون مُخِلًّا في المواضع المشتَبهة كما هنا؛ فإِن قولَه: وقد يُكْسَرُ لا يدل إلّا على أَنه بالفتح - على مُقْتَضَى اصطلاحه، وقد أَنْكَرَه بعضٌ - وأَنَّ الكسر مَرْجُوحٌ، وما عداه هو الراجحُ الأَفصحُ، وقد أَنكَر الضمَّ جماعةٌ منهم ثعلبٌ وابنُ السِّكِّيت، وقال الجوهريُّ: الكسرُ هو الأَفصحُ، وصَرَّح به في المِصباح، وقال: إن الضَّمَّ اسمُ مَصْدَرٍ؛ ففي عبارة المصنِّفَ تَأَمُّلٌ: صارَ جارَه وسَاكَنَه، والصَّحِيحُ الظاهِرُ الذي لا يُعْدَلُ عنه أَن أَفْصَحِيَّةَ الكسر إِنما هو في الجِوار بمعنَى المُسَاكَنة، وبالضمّ والفتح لُغتَان، والضمُّ بمعنى العَهْد والزِّمام، والكسرُ لغةٌ فيه، أَو هو مصدرٌ، والضمُّ الحاصلُ بالمصدر.
  وتَجَاوَرُوا واجْتَوَرُوا بمعنًى واحدٍ: وجَاوَرَ(٣) بعضُهم بعضاً، وأَصَحُّوها؛ فاجْتَوْرُوا، إِذا كانت في معنى تَجَاوَرُوا، فجَعَلُوا تَرْكَ الإِعلال دليلاً على أَنه في معنَى ما لا بُدَّ مِن صِحَّتِه، وهو تَجَاوَرُوا. وقال سِيبَوَيْهِ: اجْتَوَرُوا تَجاوُراً، وتَجاوَرُوا(٤) اجْتِوَاراً؛ وَضَعُوا كلَّ واحدٍ من المصدَرين(٥) في مَوضع صاحِبه؛ لتَساوِي الفِعْلَيْن في المعنى، وكثرة دُخُول كلِّ واحدٍ من البِنَاءَيْن على صاحِبه. وفي الصّحاح: إِنما صَحَّت الواوُ في اجْتَوَرُوا؛ لأَنه في معنَى ما لا بُدَّ له مِن أَن يخرجَ على الأَصلِ؛ لسُكُون ما قبله وهو تَجاوَرُوا فبُنِيَ عليه، ولو لم يكن معناهما واحداً لاعْتَلَّتْ، وقد جاءَ اجتارُوا مُعَلًّا، قال مُلَيْخٌ الهُذَليُّ:
  كدُلَّخِ الشَّرَبِ المُجتارِ زَيَّنَهَ ... حَمْلٌ عَثاكِيلُ فهو الواثِنُ الرَّكِدُ
  والمُجَاوَرَةُ: الاعتكافُ في المسجدِ، وفي الحديث: «أَنه كان يُجَاوِر بحِرَاءٍ». وفي حديث عطاءٍ: «وسئِل عن المجَاوِرِ يَذْهبُ للخَلاءِ» يَعْنِي المُعْتَكِف، فَأَمَّا المُجَاورةُ بمكّةَ والمدينَةِ فيُراد بها المُقَامُ مطلقاً غيرَ مُلْتَزمٍ بشرائطِ الاعتكاف الشّرعيّ.
  وجَارَ واسْتَجَارَ: طَلَبَ أَن يُجارَ، أَو سَأَلَه أَن يُجِيرَه؛ أَمّا
(١) ضبطت بالفتح على أنها معطوفة على ما قبلها، وفي اللسان ضبطت بكسر الجيم، ضبط قلم.
(٢) ضبطت في القاموس بضم الجيم ضبط قلم. وفي اللسان: وجواراً وجُواراً والكسر أفصح.
(٣) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله: وجاور بعضهم الخ، هكذا بخطه وعبارة اللسان: وتجاوروا واجتوروا بمعنى واحد جاور بعضهم بعضاً أصحوا احتوروا إذا كانت في معنى تجاوروا الخ وهي أظهر مما هنا».
(٤) عن اللسان وبالأصل «وتجاورا».
(٥) بالأصل «المصدر».