تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل الحاء المهملة مع الراء

صفحة 262 - الجزء 6

  إِلى أَهلِه، أَي صاحبِه، بحُرّ: بكَرِيمٍ؛ لأَنه لا يَصبِرُ ولا يَكُفُّ عن هوَاه، والمعنَى أَن قلبَه يَنْبُو عن أَهله، ويَصْبُو إِلى غير أَهله؛ فليس هو بكريمٍ في فِعْله.

  ومِن المجاز: الحُرُّ: رُطَبُ الأَزاذِ - كسَحابٍ - وهو السِّبِسْتانُ، وهو بالفارسيّة آزا درخت وأَصْلُه أَزاد درخت، ومعناه الشجرةُ المَعْتُوقَةُ، فحَذَفُوا إِحدى الدّالَيْنِ، ثم لمّا عَرَّبُوا أَعْجَمُوا الذّالَ.

  والحُرُّ: الصَّقْرُ، وبه فَسَّر ابنُ الأَعْرَابيِّ قَولَ الطِّرِمَّاحِ المتقدّم بذِكْرِه وأَنْكَرَ أَن يكونَ الحُرُّ فيه بمعنَى الحَيَّةِ. قال الأَزهريُّ: وسأَلْت عنه أَعرابيًّا فصيحاً، فقال مثْلَ قَولِ ابن الأَعرابيِّ.

  وقيل: الحُرُّ هو البازِي، وهو⁣(⁣١) قريبٌ من الصَّقْر، قصيرُ الذَّنَبِ، عظيمُ المَنْكِبَيْنِ والرَأْسِ، وقيل: إِنه يَضْرِبُ إِلى الخُضْرَة، وهو يَصِيدُ.

  ومِن المَجَاز: لَطَمَ حُرَّ وَجْهِه، الحُرُّ مِن الوَجْهِ: ما بَدَا مِن الوَجْنَة، أَو ما أَقْبَلَ عليكَ منه. قال الشاعر:

  جَلَا الحُزْنَ عن حُرِّ الوُجُوهِ فَأَسْفَرَتْ ... وكانتْ عليها هَبْوَةٌ وتَجَلُّحُ⁣(⁣٢)

  وقيل: حُرُّ الوَجْه: مَسايِلُ أَربعةِ مَدامِعِ العَيْنَيْن، مِن مُقدمِهما ومُؤَخَّرهما.

  ومِن المَجَاز: الحُرُّ مِن الرَّمْل: وَسَطُه وخَيْرُه، وكذا حُرُّ الأَرضِ، وقد تقدَّم في أول التَّرْجَمَة؛ فهو تَكرارٌ، كما لا يخفَى.

  والحُرُّ بنُ يُوسُفَ الثَّقَفِيُّ من بَنِي ثَقِيفٍ وإِليه يُنْسَبُ⁣(⁣٣) نَهْرُ الحُرِّ بالمَوْصِلِ؛ لأَنه حَفَرَه، نقلَه الصَّاغانيّ ولم يَذكرهُ ياقوتٌ في ذِكْر الأنْهار مع استيفائِه.

  والحُرُّ بنُ قَيْسِ بنِ حِصْنِ بنِ بَدْرٍ الفَزارِي بنُ أَخي عُيَيْنَةَ، وكان مِن جُلَسَاءِ عُمَرَ. والحُرُّ بنُ مالكِ بنِ عامرٍ، شَهِدَ أُحُداً، قالَه الطَّبَرِيّ، وقال غيرُه: جَزْءُ بنُ مالك: صَحابِيّانِ، وفي بعض النسخ: صَحابيُّون، بصيغة الجمْعِ، وهو وَهَمٌ.

  والحُرُّ: وادٍ بنَجْدٍ، وهما الحُرّانِ، قاله البَكرِيّ.

  والحُرُّ: وادٍ: آخَرُ بالجَزِيرَةِ، وهما الحُرّانِ أَيضاً، قاله البكريُّ.

  والحُرُّ مِن الفَرَسِ: سَوادٌ في ظاهِرِ أُذُنَيْه، قال الشاعر:

  بَيِّنُ الحُرِّ ذو مِرَاحٍ سَبُوقُ

  وهما حُرّانِ.

  وجُمَيْلُ حُرٍّ، بضمٍّ، وقد يُكْسَرُ: طائِرٌ، نقَلهما الصَّاغانيّ، والذي في التَّهْذيب عن شَمِرٍ: يُقَال لهذا الطائرِ الذي يُقَال له بالعراق: باذنْجان لِأَصغَرِ ما يكون: جُمَيلُ⁣(⁣٤) حُرٍّ.

  وقال أَبو عَدنان⁣(⁣٥): ساقُ حُرٍّ: ذَكرُ القَمَارِيِّ، قال حُمَيْدُ بنُ ثَوْرٍ:

  وما هَاجَ هذَا الشَّوْقَ إِلّا حَمامةٌ ... دَعَتْ ساقَ حُرٍّ تَرْحَةً وتَرَنُّمَا

  وقيل: السّاقُ: الحَمَامُ، وحُرٌّ: فَرْخُها، ويقال: ساقُ حُرٍّ: صَوتُ القَمَارِيّ. ورواه أَبو عَدْنَانَ: «ساق حَرٍّ» - بفتح الحاءِ - لأَنه إِذا هَدَرَ كأَنه يقول: ساق حَرّ ساق حَرّ. وبناه صَخْرُ الغَيِّ فجَعَلَ الاسْمَيْنِ اسماً واحداً، فقال:

  تُنادِي ساقَ حُرَّ وظَلْتُ أَبْكِي ... تَلِيدٌ ما أُبينُ لها كلاماً

  وعَلَّلَه ابن سِيدَه فقال: لأَن الأَصواتَ مَبْنِيَّةٌ إِذ⁣(⁣٦) بَنَوْا مِن الأَسماءِ ما ضارَعَهَا. وقال الأَصمعيّ: ظنّ أَن ساقَ حُرّ ولَدُهَا، وإِنما هو صَوْتُها. قال ابن جِنِّي: يَشْهَدُ عندي بصِحَّة قولِ الأَصمعيِّ أَنه لم يُعْرِب، ولو أَعْرَبَ لصَرَفَ


(١) في اللسان: «والحرّ: الصقر، وقيل هو طائر نحوه وليس به، أنمر أصقع قصير الذنب ...».

(٢) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله: وتجلح، الذي في اللسان: «لا تبلّج».

(٣) على هامش القاموس عن نسخة أخرى نُسِبَ.

(٤) في التهذيب: لأصغر ما يكون جثة: «حُرّ» بسقوط «جميل» وقد ضبطت في اللسان بياء مكسورة مشددة وقد ضبطناه كسابقتها عن القاموس.

(٥) في التهذيب: أبو عبيد.

(٦) بالأصل «وإذ» وما أثبت عن اللسان، وقد نبه إلى عبارة اللسان بهامش المطبوعة المصرية.