[حفر]:
  أَفصحُ، لأَنه به صَدَّر، وثَنَّى بالتَّحْرِيك، فدَلَّ على أَنّه فَصِيحٌ ومع ذلك تَعقَّبوه. قال اللّبلِيُّ في شَرْحهِ، كان يَنْبغِي لِثَعْلب أَن لا يَذكُر المُحَرَّك مع ساكن الفاءِ؛ لأَنّ هذا مما فيه لُغَتَان، إِحداهُما فَصِيحَة والأُخْرَى لَيْسَتْ بِفَصِيحَة، وكان يَجِب عليه أَن يَذْكُرَ الفَصِيحَة ويَترُكَ الّتِي ليستْ بِفَصِيحَةٍ كما شَرَطَ في أَوّل كِتَابه، انتهى.
  وفي التهذيب: الحَفْرُ والحَفَرُ - جَزْمٌ وفَتْحٌ لُغَتَانِ -: وهو ما يَلْزَق بالأَسْنَان مِن ظاهِرٍ وباطِنٍ. تقول: [حَفِرَتْ أَسنانه حَفَراً، ولغةٌ أخرى](١) حَفَرَتْ أَسنانُه تَحْفِر حَفْراً. ويقال: في أَسنانِه حَفَرٌ، بالتَّحْرِيك، وهو لُغَةُ بَنِي أَسَد. وسُئل شَمِرُ عن الحَفَرِ(٢) في الأَسنان، فقال: هو أَن يَحْفِر القَلَحُ أُصولَ الأَسْنَانِ بين اللِّثَةِ وأَصْلِ السِّنِ من ظاهِرٍ وباطِنٍ يُلِحُّ على العَظْم حتّى يَنْقشِر العَظْم إِن لم يُدْرَك سَرِيعاً. ويقال: أَخَذ فَمه حَفَرٌ وحَفْرٌ. ويُقَال: أَصْبَحَ فَمُ فلانٍ مَحْفُوراً، وقد حُفِرَ فُوه. وحَفَر يَحْفِر حَفْراً وحَفِر حَفَراً فِيهِما.
  ونقل شيخُنا عن ابن دُرُسْتَوَيه في شَرْح الفَصِيح: الحَفْر، بسكون الفاءِ مَصْدرُ فِعْلٍ مُتَعَدٍّ، وهو حَفَرَه يَحْفِره حَفْراً، فكأَنَّ الذِي حَفَر أَسنانَه إِنّمَا هو كِبَرُ السِّنّ أَو دَوَامُ القَلَح أَو آفةٌ لَحِقَتْهَا. قال: وأَما الحَفَر، بفتح الفاءِ، فمَصدُر قولِهِم: حَفِرَت سِنُّةُ تَحْفَر حَفَراً، وهذا الفِعْلُ ليس مُتَعَدِّياً والأَوّل مُتَعَدٍّ. وحكَى صاحِبُ الواعي أَنّه يُقَال في مَصْدر حَفِرَت، بالكَسْر، حَفْراً وحَفَراً، بالإِسكانِ والتَّحْرِيك. قال: والحَفْرُ: بثْرَةٌ تَخْرُج في لِثَةِ الصَّبِيِّ فيقال: صَبِيٌّ مَحْفُورٌ، إِذا أَصابه ذلِك.
  وأَحْفَر الصَّبِيُّ سَقَطَت لَه الثَّنِيَّتَانِ العُلْيَيَانِ والسُّفْلَيَانِ للإِثْنَاءِ والإِرْبَاع، وإِذا سَقَطت رَوَاضِعُه قيل: حَفَرَت، كما تَقدَّم. ومِن المَجَازِ. أَحْفَرَ المُهْرُ: سَقَطَت - وفي بَعْضِ النُّسخِ الجَيِّدة المُصَحَّحَة بعد قوله: والسُّفْليانِ: والمُهْرُ للإِثناءِ، والإِرباعِ، وفي بعض الأُصول زِيادَة والقُرُوح سقطت - ثَنَايَاهُ ورَبَاعِيَاتُهُ.
  وقال أَبو عُبَيْدَةَ في كِتَاب الخَيل: يقال: أَحْفَر المُهْرُ إِحفاراً فهو مُحْفِر، قال: وإِحْفَارُه: أَن تتحرَّك الثَّنِيَّتَانِ السُّفْلَيانِ والعُلْيَيان من رَوَاضِعه، فإِذا تَحرَّكْن قَالُوا: قد أَحفَرَت ثَنَايَا رَوَاضِعِه فسَقَطْن. قال: وأَوَّلُ ما يَحْفِر(٣) فيما بَيْن ثَلاثِينَ شَهْراً أَدْنَى ذلك إِلى ثَلاثَةِ أَعْوَامٍ ثمّ يَسْقُطْن فيَقَع عَلَيها اسْمُ الإِبداءِ، ثُمّ تُبْدِي(٤) فتَخرُج له ثَنِيَّتانِ سُفْليَانِ وثَنِيَّتان عُلْيَيان مكانَ ثَنايَاه الرّوَاضِعِ التي سَقَطْن بعد ثلاثَةِ أَعْوَامٍ، فهو مُبْدٍ(٥). قال: ثمّ يُثْنِي، فلا يزال ثَنِيًّا حتَّى يُحْفِر إِحْفَاراً، وإِحْفارُه: أَن تَتَحَرَّك(٦) له الرَّباعِيَتَانِ السُّفْلَيانِ والرّباعِيتَان العُلْيَيَان من رَوَاضِعِه. وإِذا تَحَرَّكْن قِيلَ: قد أَحْفَرَت رَبَاعِيَاتُ رَوَاضِعِه، فيَسْقُطْن أَولَ(٧) ما يُحْفِرنْ في اسْتِيفائِه أَرْبَعَةَ أَعْوَام، ثم يَقَعُ عَلَيْهَا اسْمُ الإِبْدَاءِ، ثم لا يَزالُ رَبَاعِياً حتّى يُحفِرَ لِلْقُرُوح، وهو أَنْ يَتَحَرَّك قارِحَاهُ، وذلك إِذا استَوْفَى خَمْسَةَ أَعْوَام، ثمّ يَقَع عليه اسمُ الإِبداءِ، على ما وَصَفْنَاه، ثم هو قارِحٌ.
  وفي الأَساس: وحَفَرَتْ رَوَاضِعُ المُهْرِ: تَحَرَّكَت للسقوط، لأَنَّهَا إِذا سَقَطت بَقِيَتْ منابِتُهَا حَفْراً، فَكَأَنَّهَا إِذا نَغَضَتْ أَخَذَتْ في الحَفْرِ. وأَحْفَر المُهْرُ: حَفَرَت رَوَاضِعُه.
  وأَحْفرَ فُلاناً بِئْراً: أَعَانَهُ علَى حَفْرِها.
  والحَفِير: القَبْرُ، فَعِيلٌ بمَعْنَى مَفْعُول، عن ابْنِ الأَعْرَابِيّ كالحُفْرَةِ(٨) والحَفِيرَةِ، كما في الأَساسِ.
  والحَافِرُ: وَاحِدُ حَوَافِرِ الدَّابَّةِ: الخَيْلِ والبِغَالِ والحَمِيرِ، اسمٌ كالكاهِلِ والغَارِب. قال الشاعر في جمع الحَافِر:
  أَوْلَى فأَوْلَى يا امْرَأَ القَيْسِ بَعْدَ مَا ... خَصَفْنَ بآثارِ المَطيِّ الحَوَافِرَا
  أَراد خَصَفْن بالحَوافِرِ آثارَ المَطِيّ، يَعْنِي آثارَ أَخْفافِه.
  ومن المَجاز قَوْلُهم: الْتَقَوْا فاقْتَتَلُوا عِنْدَ الحَافِرَة، أَي عند أَوَّل المُلْتَقَى.(٩).
(١) زيادة عن التهذيب.
(٢) ضبطت عن اللسان، وضبطت في التهذيب بسكون الفاء.
(٣) الأصل واللسان، وفي التهذيب: يُحفِرنَ.
(٤) الأصل واللسان، وفي التهذيب: يُبدئ.
(٥) في التهذيب: مبدئ.
(٦) في التهذيب: أن تُحرَّك.
(٧) التهذيب: وأول.
(٨) عن الأساس وبالأصل «كالحفر».
(٩) في التهذيب: عند أول كلمة وعند أول ما التقوا.