تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل الحاء المهملة مع الراء

صفحة 299 - الجزء 6

  اليَرْبُوعُ ذلِك قيل لِمَنْ يَطْلُبه دَعْه فقد حافَرَ، فلا يَقْدِر عليه أَحدٌ. ويقال: إِنَّه إِذا حَافَرَ وأَبَى أَن يَحْفِرَ التُّراب ولَا يَنْبُثَه ولا يُدْرَى⁣(⁣١) وَجْهُ جُحْرِه يقال: قد حثى⁣(⁣٢)، فترَى الجُحْرَ مَمْلُوءاً تُراباً مُسْتَوِياً مع ما سِوَاهُ إِذا حثَى ويُسَمَّى ذلك الحاثِياءَ. يقال: ما أَشَدَّ اشتِباهَ حاثِيائِه.

  وقال ابنُ شُمَيْل: رَجُلٌ مُحافِرٌ: لَيْسَ لَه شَيْءٌ. وأَنْشد:

  مُحَافِرُ العَيْشِ أَتَى جِوَارِي ... لَيْسَ لَه مِمَّا أَفاءَ الشَّارِي

  غَيْرُ مُدىً وبُرْمَةٍ أَعْشَارِ

  وفي الأَساس: وحَفَر عن⁣(⁣٣) الضَّبّ واليَرْبُوع لِيَسْتَخْرِجَه.

  ويُتَّسَعُ فيه فيقال: حَفَرتُ الضّبَّ واحتفَرْتُه. وحَافَرَ اليَرْبُوعُ: أَمعَنَ في حَرِهِ. وفلانٌ أَرْوغُ من يَرْبُوعٍ مُحَافِرٍ. وهو نَصّ مكْشُوفٌ، وبُرْهَانٌ جَلِيٌّ ينادِي على صِحّة ما ذَكَرتُ في: {يُخادِعُونَ اللهَ}، و: {حاشَ لِلّهِ}، انتهى.

  وفي اللسان: وكانت سُورَةُ براءَة تُسَمَّى الحَافِرَةَ؛ وذلك أَنَّهَا حَفَرَت عن قُلُوب المُنَافِقِين، وذلك أَنه لمّا فُرِضَ القِتَالُ تَبَيَّن المُنَافِقُ مِن غَيْره، ومَنْ يُوالِي المُؤْمِنِين مِمَّن يُوالِي أَعداءَهم.

  وقرأْتُ في الحَمَاسَة:

  ومُسْتَعْجِل بالحَرْبِ والسِّلْمُ حَظُّه ... فلمّا استُثِيرَتْ كَلَّ عَنْهَا مَحَافِرُهْ⁣(⁣٤)

  قال في الهامش: جمْع محفر، والمراد به هنا السِّلاحُ.

  والحافِرَةُ: الأَرْضُ المَحْفُورَةُ. ويَقُولُونَ للقَدَمِ حافِراً إِذا أَرادوا تَقْبِيحها، على الاستِعَارَةِ. قال جُبَيْهَاءُ الأَسَدِيّ يَصِف ضَيْفاً طارِقاً أَسْرَعَ إِلَيْه:

  فأَبْصَرَ نَارِي وهي شَقْرَاءُ أُوقِدَتْ ... بلَيْلٍ فلاحَتْ للعُيُونِ النّواظِرِ

  فما رَقَدَ الوِلْدَانُ حتّى رأَيْتُه ... على البَكْرِ يَمْرِيه بساقٍ وحافِرِ

  ومعنى يَمْرِيه: يَسْتَخْرِج ما عِنْدَه مِن الجَرْيِ.

  والحَفْر، بفتح فسكون: اسمُ المَكَان الَّذِي حُفِرَ كخَنْدَقٍ أَو بِئر.

  وعن ابنِ الأَعرابيّ: أَحفَرَ الرّجلُ، إِذا رَعَى إِبلَه الحِفْرَى. قال الأَزهرِيُّ: وهو من أَرْدَإِ المَرْعَى⁣(⁣٥).

  قال: وأَحْفَرَ، إِذا عَمِلَ بالحِفْرَاة، وهي المِعْزَقَة.

  وقال: وحَفِرَ كفَرِحَ، إِذا فَسَدَ.

  وحُفْرَة وحُفَيْرَة: موضِعان، وكذلك الأَحفَارُ وأَحْفَارٌ. قال الفَرَزْدَقُ:

  فيَا لَيتَ دارِي بالمَدِينةِ أَصْبَحَتْ ... بأَحْفَارِ فَلْجِ أَو بِسِيفِ الكَوَاظِم

  وقال ابنُ جِنِّي: أَراد الحَفَر وكَاظِمةَ، فجَمعَهُمَا ضَرُورَةً.

  ويقال: هذا البَلَدُ مَمَرُّ العَسَاكِرِ ومَدَقُّ الحَوَافِرِ. وفُلانٌ يَمْلِكُ الخُفَّ والحافِرَ. ومن المجاز: وَطِئَهُ كُلُّ خُفٍّ وحَافِرٍ.

  ورَجَع إِلى حَافِرَتهِ: شاخَ وهَرِمَ⁣(⁣٦).

  وحَفَرَ الفَصيلُ أُمَّه حَفْراً، وهو استِلالُه طِرْقَها⁣(⁣٧) حتى يَسْتَرْخِي لحمُها [بامتصاصه إِيّاهَا]⁣(⁣٨).

  وتَحَفَّر السَّيْلُ: اتَّخذَ حُفَراً في الأَرْضِ.

  وابنُ أَبِي الحَوافِر: طبِيبٌ مَشْهُورٌ.

  والحفَّارة: قَرْيَة من أَعمال الجِيزة: والحَافِرَةُ: قَرْيَة بالصَّعِيد الأَدْنَى. وحَفَرُ السِّيدانِ عند كاظمةَ. وحَفَرُ الرِّباب: مَوْضع.

  وحُفَارٌ، كغُرَابٍ: مَوضِعٌ باليمن.


(١) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله ولا يدري كذا بخطه بالدال المهملة والذي في اللسان: يذرى بالذال المعجمة وليحرر» وفي التهذيب فكالأصل بالدال.

(٢) في المطبوعة الكويتية: حشى تحريف، وفي التهذيب «حثا».

(٣) عن الأساس وبالأصل «على».

(٤) عن شرح الحماسة للتبريزي ٤/ ٤٠ والبيت غير منسوب، وبالأصل «محافر». يقال استعجل الشيء إذا طلب عجلته ولم يصبر إلى وقته.

(٥) في التهذيب: المراعي.

(٦) عبارة الأساس: ورجع إلى حافرته أي إلى حالته الأولى. ورجع فلان على حافرته إذا شاخ وهرم.

(٧) عن الأساس وبالأصل «طرفيها».

(٨) زيادة عن الأساس.