[خفتر]:
  وشَرْحِها للإِمام كَمالِ الدِّين بن الهُمَام في كِتَابِ الحُدُود، لَيْس هذا مَحَلّه. [سُمِّيَتْ خَمْراً] *. واختُلِف في وَجْه تَسْميَتِه، فقيل لأَنَّهَا تَخْمُرُ العَقْل وتَسْتُرُه، قال شيخُنَا: هو المَرْوِيّ عن سَيِّدنا عُمَرَ ¥، ومَالَ إِلَيْه كَثِيرُون، واعْتَمَده أَكْثَرُ الأُصُولِيِّين.
  قُلتُ: الذي رُوِيَ عن سَيِّدنا عُمَر ¥: «الخَمْر: ما خامَرَ العَقْلَ». وهو في صحيح البُخَارِيّ كما سيأْتي، أَو لأَنَّهَا تُرِكَتْ حَتَّى أَدْرَكَتْ واخْتَمَرَتْ.
  والَّذي نَقَلَه الجَوْهَرِيّ وغَيرُه عن ابْنِ الأَعْرَابِيّ ما نَصُّه: وسُمِّيَت الخَمْرُ خَمْراً لأَنَّهَا تُرِكَت فاخْتَمَرَت، واخْتِمَارُهَا: تَغَيُّر رِيحِها، فلو اقْتَصَر المُصَنِّف على النَّصِّ الوارِد كان أَوْلَى، أَو قَدَّم اخْتَمَرت على أَدْرَكَت لِيكُونَ كالتَّفْسِير لَه، وهو ظَاهِرٌ، أَو لأَنَّها تُخَامِرُ العَقْلَ، أَي تُخَالِطُهُ، وهو الَّذِي رُوِيَ في الحَدِيث عن سَيِّدِنا عُمَرَ ¥ ونَصُّه: «الخَمْر ما خَامَرَ العَقْلَ» وهو في البُخَارِيّ، ونَقَله ابنُ الهُمام في شَرْح الهِدايَة، وأَوردَه المُصَنِّفُ في البَصَائِر.
  وعِبَارَةُ المُحْكَم: الخَمْر: ما أَسْكَر مِن عَصِير العِنَب، لأَنَّهَا خامَرَت العَقْلَ، ثم قال بَعْدَه بِقَلِيل: والمُخَامرةُ: المُخَالَطَة.
  وفي المِصْبَاح: الخَمْرُ: اسمٌ لكلّ مُسْكِرٍ خَامَرَ العَقْل [أي غطّاه](١).
  واخْتَمَرَت الخَمْرُ: أَدْرَكَتْ وغَلَت.
  والعَرَب تُسَمِّي العِنَب خَمْراً. قال ابنُ سِيدَه: وأَظُنُّ ذلِك لكَونِهَا مِنْه، حَكَاها أَبُو حَنِيفَة. قال: وهي لُغَة يَمانِيَة، وقَالَ في قَوْلِه تَعَالى: {إِنِّي أَرانِي أَعْصِرُ خَمْراً}(٢) إِنَّ الخَمْرَ هنا العِنَب. وقال: وأُراهُ سَمَّاه باسْمِ مَا فِي الإِمْكَان أَنْ تَؤُولَ إِلَيه، فَكأَنَّه قال: أَرَانِي أَعْصِر عِنَباً. قال الراعي:
  يُنَازِعُنِي بِهَا نُدْمانُ صِدْق ... شِواءَ الطَّيْرِ والعِنَبَ الحَقِينَا(٣)
  يُرِيدُ الخَمْر. وقال ابنُ عَرَفَة: {أَعْصِرُ خَمْراً}، أَي أَسْتَخْرِجُ الخَمْرَ، وإِذا عُصِرَ العِنَبُ فإِنَّمَا يُسْتَخْرِجُ به الخَمْرُ، فلِذلِك قال: {أَعْصِرُ خَمْراً}.
  قال أَبو حَنِيفَة: «وزعمَ بَعْضُ الرُّوَاة أَنَّه رَأَى يَمانِياً قد حَمَل عِنَباً، فقال له: ما تَحْمِل؟ فقال: خَمْراً، فسَمَّى العِنَب خَمْراً.
  والجَمْع خُمُورٌ، وهي الخَمْرَة، كتَمْرة وتَمْر وتُمُورٌ.
  وفي حَدِيث سَمُرَةَ: «أَنَّه باعَ خَمْراً فقال عُمَرُ: قاتَلَ الله سَمُرَةَ»: قال الخَطَّابيّ: إِنَّمَا باع عَصِيراً ممن يَتَّخِذُه خَمْراً فسَمَّاه باسْمِ ما يَؤُولُ إِلَيْه مَجَازاً، فَلِهذا نَقَمَ عُمرُ رَضِيَ عنه عَلَيه لأَنَّه مَكْرُوهٌ. وأَمَّا أَنْ يَكُونَ سَمُرةُ باعَ خَمْراً فَلَا، لأَنَّه لا يَجْهَل تَحْرِيمَه مع اشْتِهَاره، فاتَّضَح لَكَ مِمَّا ذَكرنا أَنَّ قولَ شَيْخِنا: هذا القَوْلُ غَرِيبٌ، غَرِيبٌ.
  والخَمْر: السَّتْر، خَمَرَ الشَّيْءَ يَخْمُره خَمْراً: سَتَرَه.
  والخَمْرُ: الكَتْمُ، كالإِخْمارِ، فِيهِما: يقال، خَمَرَ الشيْءَ وأَخْمَرَه سَتَرَه. وخَمَرَ فُلانٌ الشَّهادةَ وأَخْمَرها: كَتَمها، وهو مَجَاز. وفي الحَدِيثِ: «لا تَجِدُ المُؤْمِنَ إِلَّا في إِحْدَى ثَلاث: في مَسْجدٍ يَعْمُره، أَو بَيْتٍ يَخْمُرُه، أَو مَعيشَةٍ يُدَبِّرُها» يَخْمُره أَي يَسْتُره ويُصْلِح من شَأْنِه.
  والخَمْر: سَقْيُ الخَمْرِ. يقال: خَمَرَ الرَّجلَ والدَّابَّةَ، يَخْمُره خَمْراً: سَقَاه الخَمْرَ.
  وعن أَبي عَمرو: الخَمْرُ: الاسْتِحْيَاءُ، تقول: خَمَرْتُ الرَّجلَ أَخْمُره إِذا استَحْيَيْتَ منه.
  والخَمْرُ: تَرْكُ استِعْمَال العَجِين والطِّين، هكذا في النُّسَخ، الطِّين بالنُّون، ويقال الطِّيب بالباءِ، كما في أُمَّهات الُّلغَة، ونَحْوِه. والَّذِي في المُحْكَم: ونَحْوِهما. وذلك إِذا صَبَّ فيه المَاءَ وتَرَكَه حَتّى يَجُودَ، أَي يَطِيب، كالتَّخْمِيرِ.
  والفِعْلُ كضَرَبَ ونَصَرَ. يقال: خَمَرَ العَجِينَ يَخْمُره ويَخْمِره، خَمْراً، وخَمَّرَه تَخْمِيراً، وهو خَمِيرٌ ومُخَمَّر، وقد اخْتَمَر الطِّيبُ والعَجِينُ وقيل: خَمَّرَ العَجِينَ: جَعَلَ فيه الخَمِيرَ.
  والخِمْرُ، بالكَسْرِ: الغِمْرُ. الغَيْن لُغَة في الخَاءِ، وهو الحِقْد. وقد أَخْمَرَ.
(٤) (*) ما بين معكوفتين ساقطة من المطبوعتين المصرية والكويتية وما أثبتناه من القاموس.
(١) زيادة عن المصباح.
(٢) سورة يوسف الآية ٣٦.
(٣) ديوانه ص ٢٦٨ وفيه: «ونازعني» بدل «ينازعني» وانظر فيه تخريجه.