[ذكر]:
  ومن المَجاز: الذِّكْر: الصِّيتُ، قال ابنُ سِيده: يكون في الخَيْرِ والشَّرّ، كالذُّكْرَةِ، بالضَّمّ، أَي في نقِيض النِّسيان وفي الصِّيت، لا في الصِّيتِ وَحْدَه كما زَعَمَه المُصَنِّف، واعترض عليه. أَما الأَوّل، ففي المُحْكَم: الذِّكر والذِّكْرَى بالكَسْر: نَقِيضُ النِّسْيَانِ، وكذلك الذُّكْرَةُ، قال كَعْبُ بنُ زُهَيْر:
  أَنَّى أَلَمَّ بك الخَيَالُ يَطِيفُ ... ومَطافُه لك ذُكْرَةٌ وشُعُوفُ
  الشُّعُوفُ: الوَلُوعُ بالشيْءِ حَتَّى لا يَعْدِلَ عَنْه.
  وأَمَّا الثاني فقال أَبو زَيْد في كتابه الهوشن والبوثن: يقال: إِنَّ فُلاناً لرَجلٌ لو كان له ذُكْرَة. أَي ذِكْرٌ، أَي صِيتٌ.
  نقله ابنُ سِيدَه.
  ومن المَجَاز: الذِّكْر: الثَّنَاءُ، ويكون في الخَيْر فَقَط، فهو تَخْصِيصٌ بعد تَعْمِيم ورجلٌ مَذْكُور، أَي يُثْنَى عَليه بخَيْر.
  ومن المَجَاز: الذِّكْر: الشَّرَفُ. وبه فُسِّر قولُه تعالى: {وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ}(١) أَي القُرْآن شَرَفٌ لك ولَهُم.
  وقَولُه تعالى: {وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ}(٢) أَي شَرَفَك. وقيل: معناه: إِذا ذُكِرْتُ ذُكِرْتَ مَعِي والذِّكْر: الصلاةُ لله تَعَالَى والدُّعاءُ إِليه والثَّنَاءُ عليه. وفي الحديث: «كَانَتِ الأَنبياءُ $ إِذا حَزَبَهم أَمرٌ فَزِعوا إِلى الذِّكْر» أَي إِلى الصلاة يَقُومون فيُصَلُّون. وقال أَبو العَبّاس: الذِّكْر: الطَّاعَة والشُّكْر، والدُّعَاءُ، والتَّسْبِيح، وقِرَاءَةُ القرآنِ وتَمْجِيدُ الله وتَسْبِيحُه وتَهْليلُه والثَّناءُ عَلَيْه بجَمِيع مَحامِده.
  والذِّكْرُ: الكِتَابُ الذي فيه تَفْصِيلُ الدِّينِ ووَضْعُ المِلَلِ، وكُلُّ كِتابٍ من(٣) الأَنْبِيَاءِ ذِكْرٌ، ومنه قولُه تعالى: {إِنّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنّا لَهُ لَحافِظُونَ}(٤) قال شيخُنا: وحُمِل على خُصُوص القُرآنِ وَحْدَه أَيضاً وصُحِّحَ.
  والذِّكْر مِنَ الرّجالِ: القَوِيُّ الشُّجَاعُ الشَّهْم الماضِي في الأُمور الأَبِيُّ الأَنِفُ، وهو مَجازٌ. هكذا في سَائِر الأُصول(٥)، ولا أَدْرِي كيف يَكُونُ ذلِك. ومُقْتَضى سِياق ما في أُمَّهاتِ اللُّغةِ أَنه في الرجال والمَطَرِ، والقَول الذَّكَر مُحَرَّكة لا غير، يقال رَجُلٌ ذَكَرٌ، ومَطَرٌ ذَكَرٌ وقَوْلٌ ذَكَرٌ.
  فليحقّق ذلك ولا إِخال المُصَنّف إِلّا خالَفَ أَو سَها، وسبحانَ من لا يَسْهُو، ولم يُنبِّه عليه شيخُنا أَيضاً وهو منه عَجِيب.
  والذَّكَر(٦): من المَطَر: الوابِلُ الشَّدِيدُ. قال الفرزْدَقُ:
  فرُبَّ رَبِيع بالبَلالِيقِ قد رَعَتْ ... بمُسْتَنِّ أَغْياثٍ بُعَاقٍ ذُكُورُها
  وفي الأَساس: أَصابت الأَرضَ ذُكُورُ الأَسْمِيَة؛ وهي التي تَجِيءُ بالبَرْد الشَّدِيد وبالسَّيْل. وهو مَجاز.
  والذَّكَر(٧) مِنَ القَولِ: الصُّلبُ المَتِينُ، وكذا شِعْر ذَكَرٌ، أَي فَحْلٌ وهو مَجَاز.
  ومن المجاز أَيضاً: لِي على هذا الأَمرِ ذِكْرُ حَقٍّ، ذِكْرُ الحَقّ، بالكَسْر: الصَّكُّ، والجَمْع ذُكُورُ حُقُوقٍ، وقيل: ذُكُورُ حَقٍّ. وعلى الثاني اقْتَصَر الزَّمَخْشَرِيّ، أَي الصُّكُوك.
  وادَّكَرهُ، واذَّكَرَه، واذْدَكَرَه، قَلَبوا تاءَ افْتَعَلَ في هذا مع الذَّال بغير إِدْغام، قال:
  تُنْحِي على الشَّوْكِ جُرَازاً مِقْضَبَا ... والهَمُّ تُذْرِيه اذْدِكاراً عَجَبَا
  قال ابن سِيده: أَمّا اذَّكَرَ وادّكَرَ فإِبدال إِدغَامٍ، وهي الذِّكْر والدِّكر، لما رَأَوهَا قد انقلبتْ في ادَّكَر(٨) الّذِي هو الفِعْل المَاضي قَلَبُوها في الذِّكْر الذي هو جَمْع ذِكْرة.
  واسْتَذْكَرَه كاذَّكَره، حَكَى هذِه الأَخيرةَ أَبو عُبَيْد عن أَبِي زَيْد، أَي تَذَكَّرَه. فقال أَبو زَيْد: أَرْتَمْتُ إِذا رَبَطْتَ في إِصْبَعِه خَيْطاً يَسْتَذْكِر به حاجَتَه.
  وأَذْكَرَه إِيَّاه وذَكَّرَه تَذْكِيراً، والاسْمُ الذِّكْرَى، بالكَسْر.
  تَقُولُ؛ ذَكَّرتُه تَذْكِرَةً، وذِكْرَى غَيْرَ مُجْراة، وقولُه تعالى:
(١) سورة الزخرف الآية ٤٤.
(٢) سورة الانشراح الآية ٢.
(٣) التهذيب: من كتب الأنبياء.
(٤) سورة الحجر الآية ٩.
(٥) يريد أنها بكسر الذال وسكون الكاف. وفي التهذيب واللسان والتكملة «ذكر» بالتحريك.
(٦) مقتضى ضبطها حسب سياق القاموس بالكسر وسكون الكاف على اعتبار أنها معطوفة على ما قبلها. وضبطت محركة بناءً على ما تقدم، انظر الحاشية السابقة.
(٧) راجع الحاشية السابقة.
(٨) اللسان: اذَّكَر.