فصل السين المهملة مع الراء
  وقال أَبو الهَيْثَم: السِّرُّ: السُّرُورُ، فسُمِّيتِ الجاريةُ سُرِّيّة لأَنّها مَوضعُ سُرورِ الرَّجُلِ، قال: وهذا أَحْسَنُ ما قيل فيها.
  وقيل: هي فُعُّولَةٌ من السَّرْوِ، وقُلِبَتِ الواوُ الأَخِيرَةُ ياءً طَلَبَ الخِفَّةِ، ثم أُدغِمَت الواو فيها فصارت ياءً مثْلها، ثم حُوِّلَت الضَّمَّةُ كَسْرةً لمُجَاوَرَةِ الياءِ.
  وقد تَسَرَّرَ وتَسَرَّى، على تحويل التضعيف، وقال اللَّيْثُ: السُّرِّيَّةُ فُعلِيَّةٌ من قولك: تَسَرَّرْتُ، ومن قال تَسَرَّيْتُ فإِنّه غلط، قال الأَزهريّ: هو الصَّوابُ(١)، والأَصلُ تَسَرَّرْتُ، ولكن لما تَوالَت ثلاثُ راآتٍ أَبدَلُوا إِحداهُنّ ياءً، كما قالوا: تَظَنَّيْتُ من الظَّنّ، وقَصَّيْتُ أَظفَارِي، والأَصل قَصَصْتُ.
  وقال بعضُهُم: اسْتَسَرَّ الرَّجلُ جارِيَتَه، بمعنَى تَسَرَّاها، أَي اتَّخَذَهَا سُرِّيَّةً، وفي حديث عائِشَةَ - وذكر لها المُتْعَة فقالَت -: «والله ما نَجِدُ في كَلِام الله إِلا النِّكَاحَ والاسْتِسْرارَ» تُرِيدُ اتَّخَاذَ السَّرارِيّ، وكان القِيَاسُ الاسْتِسْرَاءَ من تَسَرَّيْتُ، لكنها رَدَّت الحَرْفَ إِلى الأَصْلِ، وقيل: أَصْلُها الياءُ، من الشَّيْءِ السَّرِيِّ النَّفِيسِ، وفي الحديث: «فاسْتَسَرَّنِي»، أَي اتَّخَذَنِي سُرِّيَّة، والقِيَاس أَن يقولَ:(٢) تَسَرَّرَنِي، أَو تَسَرَّانِي، فأَمَّا اسْتَسَرَّنِي فمعناه أَلْقَى إِلى سِرَّه، قال ابنُ الأَثِيرِ: قال أَبو موسَى: لا فَرْقَ بينَه وبين حديثِ عائشةَ في الجواز. كذا في اللسَان.
  وجمع السُّرِّيَّةِ السَّرَارِي، بتخفيف الياءِ وتشْدِيدِهَا، نقله النَّوَوِيّ عن ابن السِّكِّيتِ.
  والسَّرِيرُ، كأَمِيرٍ: م، أَي معروف، وهو ما يُجْلَسُ عليه، ج: أَسِرَّةٌ وسُرُرٌ، الاخِير بضمَّتَيْن. وفي التنزيل العزيز: {عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ}(٣) وبعضُهُم يَسْتَثْقِلُ اجتماع الضَّمَّتين مع التضعيف، فيردّ الأَوّل منهما إِلى الفتح لِخِفّته فيقول سُرَرٌ، وكذلك ما أَشبَهه من الجمع مثل ذَلِيلٍ وذُلُلٍ، ونحوه.
  ومن المجاز: ضَرَبَ سَرائِرَ رَأْسِه، وضَرَبُوا أَسِرَّةَ رُؤُوسِهِم، جمع سَرِير، وهو مُسْتَقَرُّ الرأْسِ في مُرَكَّب العُنُقِ، وأَنشد:
  ضَرْباً يُزِيلُ الهَامَ عن سَرِيرِهِ ... إِزَالَةَ السُّنْبُلِ عن شَعِيرِهِ
  وقد يُعَبَّرُ بالسَّرِيرِ عن المُلْكِ وأَنشَد:
  وفَارَقَ منها عِيشَةً غَيْدَقِيَّةً ... ولم يَخْشَ يَوْماً أَن يَزُولَ سَرِيرُهَا
  ومن المجاز: السَّرِيرُ: النِّعْمَةُ والعِزُّ وخَفْضُ العَيْش ودَعَتُه، وما اطْمَأَنَّ واستَقَرَّ عليه.
  والسَّرِيرُ: النَّعْشُ قبلَ أَنْ يُحْمَلَ عليهِ المَيِّتُ، فإِذا حُمِلَ عليهِ فهُو جِنَازَة.
  ونَقَلَ شيخُنَا عن بعض أَئمّةِ الاشتقاقِ: أَنَّ السَّرِيرَ مأْخُوذٌ من السُّرُورِ؛ لأَنه غالباً لأُولِي النِّعْمَةِ والمُلْكِ، وأَربابِ السَّلْطَنَةِ، وسَرِيرُ المَيت أُطْلِق عليه لشَبَهِه صُورَةً، وللتفاؤُل(٤)، كما قاله الراغب وغيره، وأَشار إِليه في التَّوْشِيحِ.
  والسَّرِيرُ: ما على الكَمْأَةِ(٥) من الرَّمْلِ والطِّينِ والقُشُورِ، والجمعُ أَسْرَارٌ، وفي التَّكْمِلة: ما على الأَكَمَةِ، ومثله في بعض النسخ.
  والسَّرِيرُ: المُضْطَجَعُ، أَي الذي يُضْطَجَعُ عليه.
  والسَّرِيرُ: شَحْمَةُ البَرْدِيّ، كالسِّرَارِ، ككِتَاب، وبه فُسِّر قول الأَعْشَى الآتي في إِحْدَى رِوَايَتَيْه.
  وسُرَيْرٌ كزُبَيْرٍ: وادٍ بالحِجَازِ.
  ومَوْضِعٌ آخَرُ هو فُرْضَةُ سُفُنِ الحَبَشَةِ الوَارِدَةِ على المَدِينَةِ المُنَوَّرَة بِقُرْبِ الجَارِ، وقد تقدّم ذِكْر الجَارِ.
  وعن ابنِ الأَعْرَابِيّ: السَّرَّةُ: الطَّاقَةُ من الرَّيْحَانِ.
  والمَسَرَّةُ: أَطْرَافُ الرَّياحِينِ، كالسُّرورِ، بالضَّمّ.
  قال اللَّيْثُ: السُّرُور من النَّبَات: أَنْصَافُ سُوقِه العُلَا،
(١) عبارة التهذيب: «قلت: ليس بغلط» يعني قوله: تسرّيت.
(٢) في النهاية واللسان: «تقول» والضمير يعود على القائلة وهي «سلامة» كما في المصدرين.
(٣) سورة الصافات الآية ٤٤ وسورة الحجر الآية ٤٧.
(٤) يعني تفاؤل الميت بالسرور الذي يلحقه برجوعه إلى جوار الله تعالى وخلاصه من سجنه المشار إِليه بقوله ص: الدنيا سجن المؤمن. عن المفردات للراغب.
(٥) في القاموس: «الأَكَمَةِ» وفي التهذيب واللسان فكالأصل.