تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[شرر]:

صفحة 16 - الجزء 7

  لغة عن كُراع: نَقِيضُ الخَيْرِ، ومثله في الصّحاح، وفي اللسان: الشَّرُّ: السُّوءُ. وزاد في المِصْباح: والفَسَادُ والظُّلْمُ، ج شُرُورٌ، بالضَّمّ، ثمّ ذَكَر حديثَ الدُّعاء: «والخَيْرُ كُلُّه بِيَدَيْكَ، والشَّرُّ ليسَ إِلَيْكَ» وأَنّه نَفَى عنه تعالى الظُّلْم والفَسَادَ، لأَنّ أَفعالَه، تعالى [صادِرَةٌ]⁣(⁣١) عن حِكْمَة بالِغَة، والموجودات كُلُّها مِلْكُه، فهو يَفْعَلُ في مِلْكِه ما يشاء، فلا يُوجَد في فِعْلِه ظُلْمٌ ولا فَسَاد. انتهى. وفي النهاية: أَي أَنَّ الشَّرَّ لا يُتَقَرَّبُ بهِ إِليكَ، ولا يُبْتَغَى به وَجْهُك، أزو أَنّ الشَّرّ لا يَصْعَدُ إِليك، وإِنّما يَصْعَدُ إِليك، وإِنّما يَصعدُ إِليك الطَّيِّبُ من القَوْلِ والعمَل، وهذا الكلامُ إِرشادٌ إِلى استعمالِ الأَدَبِ في الثَّنَاء على الله تعالى وتَقَدَّس، وأَن تُضَافَ إِليه ø محاسِنُ الأَشياءِ دون مساوِيها، وليس المَقْصُودُ نَفْيَ شيْءٍ عن قُدْرَتِه وإِثْبَاتَه لها، فإِنّ هذا في الدُّعاءِ مَنْدُوبٌ إِليه، يقال: يا ربَّ السماءِ والأَرْضِ، ولا يقال: يا ربَّ الكِلاب والخنَازِير، وإِن كانَ هُوَ رَبَّها، ومنه قولُه تعالى: {وَلِلّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى فَادْعُوهُ بِها}⁣(⁣٢).

  وقد شَرَّ يَشُرُّ، بالضَّمّ، ويَشِرُّ بالكسر - قال شيخُنَا: هذا اصطِلاحٌ في الضَّمّ والكسرِ مع كونِ الماضِي مَفْتُوحاً، وليس هذا مما ورَدَ بالوجْهيْن، ففي تعبِيرِه نَظَرٌ ظاهِر - شَرّاً وشَرَارَةً، بالفتح فيهما، وقد شَررْتَ يا رَجُلُ، مثَلَّثة الرّاءِ، الكسر والفتح لغتان، شَرّاً وشَرَراً وشَرَارَةً، وأَما الضّمّ فحكاه بعضُهم، ونقله الجَوْهَرِيّ والقَيُّومِيّ، وأَهْلُ الأَفْعالِ.

  وقال شيخُنَا: الكسرُ فيه كفَرِحَ هو الأَشْهَر، والضمّ كلَبُبَ وكرُم وأَما الفتحُ فغَرِيبٌ، أَورَدَه في المُحْكمِ وأَنكرَه الأَكثرُ، ولم يتعرَّض لذِكْر المُضارِع، إِبقاءً له على القياس، فالمضمومُ مضارِعُه مضمومٌ، على أصل قاعدته، والمكسورُ مفتوحُ الآتِي على أَصل قاعدته، والمفتوحُ مكسورُ الآتِي على أَصلِ قاعِدتِه، لأَنه مُضَعَّفٌ لازِمٌ، وهو المُصَرَّحُ به في الدواوين. انتهى.

  وهو شَرِيرٌ، كأَمِير، وشِرِّيرٌ، كسِكِّيتٍ، مِنْ قومٍ أَشْرَارٍ وشِرِّيرِينَ.

  وقال يونس: واحدُ الأَشرارِ رجُلٌ شَرٌّ، مثل زَنْدٍ وأَزْنَادٍ. قال الأَخْفَشُ: واحدُها شَرِيرٌ، وهو الرَّجُلُ ذو الشَّرِّ مثْل: يتِيم وأَيْتَامٍ.

  ورجلٌ شِرِّيرٌ مِثال فِسِّيق، أَي كثيرُ الشَّرّ.

  ويقال: هو شَرٌّ مِنْكَ، ولا يقال: هو أَشَرُّ مِنْكَ، قَلِيلَةٌ أَو رَدِيئَةٌ، القول الأَولُ نسبه الفَيُّومِيّ إِلى بني عامِر، قال: وقُرئَ في الشّاذّ: مَن الكَذّابُ الأَشَرُّ⁣(⁣٣) على هذه اللغَة.

  وفي الصّحاح: لا يُقَال: أَشرُّ النَّاسِ إِلا فِي لُغَة ردِيئَة.

  وهِي شَرَّةٌ، بالفتح، وشُرَّى، بالضّم، يُذهَب بهما إِلى المُفَاضلة، هكذا صَرّح به غيرُ واحد من أَئِمَّة اللُّغَة، وجعله شَيْخُنَا كلاماً مختلطاً، وهو محلُّ تأَمُّل.

  قال الجوْهَرِيّ، ومنه قولُ امرأَة من العَرب: أُعِيذُك بالله من نَفْسٍ حَرَّى، وعَيْن شُرَّى. أي خَبِيثَة، من الشَّرّ.

  أَخرَجَتْه على فُعْلَى، مثل أَصْغَر وصُغْرَى.

  قلْت: ونسبَ بعضُهم هذه المرأَةَ إِلى بني عامِر، كما صَرّح به صاحبُ اللّسَانِ، وغيره.

  وقالُوا: عينٌ شُرَّى، إِذا نَظَرَت إِليك بالبَغْضَاءِ، هكذا فَسَّرُوه في تفسير الرُّقْيَةِ المذكورة⁣(⁣٤).

  وقال أَبو عمْرو: الشُّرَّى: العَيَّانَةُ⁣(⁣٥) من النّساءِ.

  وقال كُرَاع: الشُّرَّى: أُنْثَى الشَّرّ الذي هو الأَشَرُّ في التقدير، كالفُضْلى الذي هو تأْنيثُ الأَفْضَلِ.

  وفي المحكم: فأَمّا ما أنشَدَه ابنُ الأَعْرَابيّ من قوله:

  إِذا أَحْسَنَ ابنُ العَمّ بعدَ إِساءَة ... فلسْتُ لشَرِّي فِعْلَه بحَمُولِ

  إِنما أرادَ: لشَرِّ فعلِه، فقَلَب.

  وقد شَارَّه، بالتَّشْدِيد، مُشَارَّةً، ويقال: شَارَّاه، وفلان يُشَارُّ فلاناً ويُمارُّه ويُزَارُّه، أَي يُعادِيه. والمُشارَّةُ:


(١) زيادة عن المصباح، والنص منقول عنه.

(٢) سورة الأعراف الآية ١٨٠.

(٣) سورة القمر الآية ٢٦.

(٤) وقد وردت في اللسان عن امرأة من بني عامر قالت: أرقيك بالله من نفس حرّى وعين شُرّى.

(٥) الأصل واللسان، وفي التهذيب: العيّابة.