تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل الشين المعجمة مع الراء

صفحة 19 - الجزء 7

  والشَّرّانُ، ككَتّان، دَوَابُّ كالبَعُوضِ⁣(⁣١) يَغْشَى وَجْهَ الإِنسان ولا يَعَضُّ، وتُسمِّيه العَربُ الأَذَى، واحدَتُها شَرّانَةٌ، بهاءٍ، لغةٌ لأَهْلِ السّوادِ، كذا في التهذيب.

  والشَّرَاشِرُ: النَّفْسُ، يقال: أَلْقَى عليه شَرَاشِرَه، أَي نَفْسَه، حِرْصاً ومحَبَّة، كما في شَرْح المصنِّف لديباجَةِ الكشّاف، وهو مجَازٌ.

  والشَّرَاشِرُ: الأَثْقَالُ، الواحد شُرْشُرَةٌ⁣(⁣٢)، يقال: أَلْقَى عليه شَرَاشِرَهُ، أَي أَثْقَالَه.

  ونقلَ شيخُنا عن كشْفِ الكَشّاف: يقال: أَلْقَى عليهِ شَرَاشِرَه، أَي ثَقْلَه وجُمْلته، والشَّراشِرُ: الأَثقال، ثم قال: ومن مَذْهَبِ صاحب الكَشّاف أَن يَجْعَلَ تَكَرُّر الشيْءِ للمُبَالَغَةِ، كما في زَلْزَلَ ودَمْدَم، وكأَنَّه لِثقَلِ الشَّرِّ في الأَصل، ثم استعمل في الإِلْقاءِ بالكليّة شَرّاً كان أَو غيره. انتهى.

  قال شيخُنا: وقوله ومن مذْهب صاحبِ الكَشّاف إِلى آخرِه، هو المشهور في كلامه، والأَصل في ذلك لأَبي عليِّ الفارسِيّ، وتلميذِه ابن جِنِّي، وصاحبُ الكَشّاف إِنما يَقْتدي بهما في أَكثر لُغَاتِه واشتقاقاتِه، ومع ذلك فقد اعترضَ عليه المصنِّف في حَوَاشِيه على دِيبَاجَةِ الكَشّاف، بأَن ما قاله غيْرُ جَيِّد؛ لأَنّ مادة شرشر ليست موضوعة لضِدِّ الخَيْرِ، وإِنّمَا هي موضوعة للتَّفَرُّقِ والانتشار، وسُمِّيَت الأَثقال لتفرّقِهَا. انتهى.

  والشَّراشِرُ: المَحَبَّة، وقال كُراع: هي مَحَبَّةُ النَّفْس.

  وقيل: هي جَمِيعُ الجَسَدِ وفي أَمثالِ الميدانيّ: «أَلقَى عليه شَرَاشِرَهُ وأَجْرانَه وأَجْرَامَه» كُلُّهَا بمعنًى.

  وقال غيره: أَلقى شَرَاشِرَه: هو أَن يُحِبَّه حتَّى يَسْتَهْلكَ في حُبِّه.

  وقال اللِّحْيَانيّ: هو هَوَاهُ الذي لا يُريدُ أَن يَدَعَه من حاجتِه، قال ذو الرُّمَّة:

  وكائنْ تَرَى من رَشْدَة في كَرِيهَةٍ ... ومنْ غَيَّةِ تُلْقَى عليها الشَّرَاشرُ

  قال ابنُ بَرّيّ: يُريدُ: كم تَرَى من مُصِيب في اعتقادِ ورَأْي، وكم تَرَى من مُخْطِئ في أَفْعَاله وهو جادٌّ مجتهدٌ في فِعْلِ ما لا يَنْبَغِي أَن يُفْعَلَ، يُلْقِي شَراشِرَه على مَقَابِحِ الأُمورِ، ويَنْهمِكُ في الاستكْثَارِ منها. وقال الآخَرُ:

  ويُلْقَى عليهِ كلَّ يَوْمِ كَرِيهَةٍ ... شَرَاشِرُ من حَيَّىْ نِزَار وأَلْبُبُ⁣(⁣٣)

  الأَلْبُبُ: عُروقٌ مُتَّصِلَة بالقلْب، يقال أَلقَى عليه بَنَاتِ أَلْبُبِه⁣(⁣٤) إِذا أَحبّه، وأَنشد ابنُ الأَعرابيّ:

  وما يَدْرِي الحَرِيصُ عَلَام يُلْقِي ... شَرَاشِرَه أَيُخْطئُ أَم يُصِيبُ

  والشَّرَاشِرُ من الذَّنَب. ذَبَاذِبُه أَي أَطرَافُه، وكذا شَراشِرُ الأَجنحة: أطرافُها، قال:

  فَقَويْنَ⁣(⁣٥) يسْتَعْجِلْنَه ولَقِينَه ... يَضْرِبْنَه بشَرَاشِرِ الأَذْنابِ

  قالوا: هذا هو الأَصلُ في الاستعمال، ثمّ كُنِيَ به عن الجُملة، كما يقال أَخَذَه بأَطْرافِه، ويمَثّل به لمن يَتَوَجَّه للشيْءِ بكُلِّيَّته، فيقال: أَلْقَى عليه شَرَاشِرَه، كما قاله الأَصمعيّ، كأَنَّه لَتَهَالُكِه طَرَحَ عليه نَفْسَه بكلِّيَّتِه، قال شيخُنَا - نقلاً عن الشهاب - وهذا هو الذي يَعْنُون في إِطْلاقه، ومُرَادُهم: التَّوَجُّهُ ظاهراً وباطناً، الواحدة شُرْشُرَةٌ، بالضّم، وضبطه الشِّهاب في العِنَايةِ في أَثناءِ الفاتحة بالفَتْحِ، كذا نقله شيخُنا.

  وشَرَاشِرُ، بالفتح: ع.

  وشَرْشَرَه: قَطَّعَه وشَقَّقَهُ، وفي حديث الرُّؤْيَا: «فيُشَرْشِرُ بشِدْقِه⁣(⁣٦). إِلى قَفَاه».

  قال أَبو عبيد: يعني يُقَطِّعه ويُشَقّقُه، قال أَبو زُبَيْد يصفُ الأَسَدَ:

  يَظَلُّ مُغِبَّا عندَه مِن فَرَائِسٍ ... رُفَاتُ عِظَامٍ أَو عَرِيضٌ مُشَرْشَرُ


(١) التهذيب: شبه البعوض.

(٢) الأصل والصحاح واللسان بضم المعجمتين، وبهامش اللسان: «وضبطه الشهاب في العناية بفتحهما» وسيرد قوله قريباً.

(٣) في الصحاح ونسبه للكميت وصدره فيه:

وتلقى عليه عند كل عظيمةٍ

(٤) عن اللسان، وبالأصل «ألبب».

(٥) في الأساس: «فعوين»، نسب البيت لابن هرمة.

(٦) عن اللسان، وبالأصل «شدقه».