تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[شطر]:

صفحة 24 - الجزء 7

  والشَّطْرُ: مصْدَر شَطَرَ النّاقَةَ والشّاةَ يَشْطُرُها شَطْراً: أَنْ تَحْلُبَ شَطْراً، وتَتْرُكَ شَطْراً، وللنَّاقةِ شَطْرانِ: قادِمَانِ، وآخِرانِ، وكُلُّ* خِلْفَيْنِ شَطْرٌ والجمع أَشْطُرٌ.

  وشَطَّرَ بِنَاقَتِه تَشْطِيراً: صَرَّ خِلْفَيْها، وتَرَك خِلْفَيْنِ، فإِنْ صَرَّ خِلْفاً واحداً قِيلَ: خَلَّفَ بها، فإِنْ صَرَّ ثلاثَةَ أَخْلافٍ، قيل ثَلَث بها، فإِذا صَرَّها كُلَّها قيل: أَجْمعَ بها، وأَكْمَشَ بها.

  وشَطَّرَ الشَّيْءَ تَشْطِيراً: نَصَّفَه، وكل ما نُصِّفَ فقد شُطِرَ.

  وشَاةٌ شَطُورٌ، كصَبُورٍ: يَبِسَ أَحدُ خِلْفَيْهَا.

  ونَاقَةٌ شَطُورٌ: يَبِسَ خِلْفَانِ من أَخْلافِها؛ لأَنّ لها أَرْبَعَةَ أَخْلاف، فإِنْ يَبِسَ ثلاثَةٌ فهي ثَلُوثٌ.

  أَو شاةٌ شَطُورٌ، إِذا صارَتْ أَحَدُ طُبْيَيْهَا أَطْوَلَ من الآخَرِ، وقد شَطرَت، كنَصَرَ وكَرُمَ شِطَاراً.

  وثَوْبٌ شَطُورٌ، أَي أَحَدُ طَرَفَيْ عَرْضِه كذلِكَ، أَي أَطْوَلُ من الآخر، قال الصّاغاني: ويقال له بالفارسيّة «كُوسْ»، بضَمّةٍ غير مُشْبَعَة.

  ومن المَجَاز: قولُهُم: حَلَبَ فُلانٌ الدَّهْرَ أَشْطُرَه، أَي خَبَرَ ضُرُوبَه، يعنِي مَرَّ بِه خَيْرُه وَشَرُّه وشِدَّتُه ورَخَاؤُه، تَشْبِيهاً بحَلْبِ جميعِ أَخْلافِ النّاقَةِ ما كان منها حَفِلاً وغير حَفِل، ودَارّاً وغيرَ دَارٍّ، وأَصلُه من أَشْطُرِ النّاقَة، ولها خِلْفَانِ قادمَان وآخَرَان، كأَنَّه حَلَبَ القَادِمَيْنِ، وهما الخَيْرُ، والآخِرَيْنِ، وهما الشَّرّ. وقيل: أَشْطُرُه: دِرَرُه.

  ويُقَال أَيضاً: حَلَبَ الدَّهْرَ شَطْرَيْه.

  وفي الكامل للَمُبَرّد⁣(⁣١): يُقَال للرَّجُل المُجَرِّب للأُمورِ: فلانٌ قد حَلَبَ [الدَّهَر]⁣(⁣٢) أَشْطُرَه، أَي قد قاسَى الشَّدَائِدَ والرّخاءَ، وتصَرّفَ في الفَقْرِ والغنَى، ومعنَى قوله: أَشْطُره، فإِنما يُريدُ خُلُوفَه، يقول⁣(⁣٣): حَلَبْتُها شَطْراً بعد شَطْر، وأَصلُ هذا من التَّنْصِيفِ؛ لأَنَّ كلَّ خِلْفٍ عَدِيلٌ لصاحِبِه⁣(⁣٤). وإِذا كانَ نِصْفُ وَلَدِكَ ذُكُوراً ونِصْفُهُم إِناثاً فَهُمْ شِطْرَةٌ، بالكَسْرِ يقال: وَلَدُ فُلانٍ شِطْرَة.

  وإِناءٌ شَطْرَانُ، كسَكْرَانَ: بَلَغَ الكَيْلُ شَطْرَهُ، وقَدَحٌ شَطْرانُ، أَي نَصْفَانُ⁣(⁣٥) وكذلك جُمْجُمَةٌ شَطْرَى، وقَصْعَةٌ شَطْرَى.

  وشَطَرَ بَصَرُهُ يَشْطِرُ شُطُوراً بالضَّمّ، وشَطْراً: صار كأَنَّهُ يَنْظُر إِليكَ وإِلى آخَرَ، رواه أَبُو عُبَيْد عن الفَرّاءِ، قاله الأَزهريّ، وقد تقَدَّم قريباً.

  والشَّاطِرُ: مَنْ أَعْيَا أَهْلَهُ ومُؤَدِّبَه خُبْثاً ومَكْراً، جمعُه الشُّطّارُ، كرُمّان، وهو مأْخُوذٌ من شَطَرَ عنهم، إِذا نَزَحَ مُرَاغِماً، وقد قيل: إِنّه مُوَلّد.

  وقد شَطرَ، كَنصَرَ وكَرُمَ، شَطَارَةً، فيهِمَا، أَي في البابين، ونقل صاحبُ اللسان: شُطُوراً أَيضاً.

  وشَطَرَ عنهُم شُطُوراً وشُطُورَةً، بالضمّ فيهما، وشَطَارَةً، بالفَتْحِ إِذا نَزَحَ عَنْهُمْ وتَركَهُم مُراغِماً أَو مُخالِفاً، وأَعياهُم خُبْثاً.

  قال أَبو إِسحاق: قَوْلُ الناس: فلانٌ شاطِرٌ: معناه أَنه آخِذٌ⁣(⁣٦) في نَحْوٍ غيرِ الاستواءِ، ولذلك قيل له: شاطِرٌ؛ لأَنه تَبَاعَدَ عن الاسْتِواءِ.

  قلْت: وفي جَواهِرِ الخمس للسَّيّد محمّد حَمِيد الدّين الغَوْث ما نصُّه: الجَوْهَرُ الرابِع مَشْرَبُ الشُّطَّار، جمع شاطِر، أَي السُّبَّاقِ المُسْرِعِينَ إِلى حَضْرة الله تعالَى وقُرْبِه، والشَّاطِرُ: هو السّابِقُ، كالبَرِيدِ الذي يَأْخُذُ المَسَافَةَ البعيدَةَ في المُدَّةِ القَريبةِ، وقال الشيخُ في مَشْرَبِ الشُّطّار: يَعْنِي أَنه لا يَتَوَلّى هذِه الجهَةَ إِلّا مَنْ كَانَ مَنْعُوتاً بالشّاطر الذي أَعْيَا أَهْلَه ونَزَحَ عنهُم، ولو كانَ معهم، إِذْ يَدْعُونَه إِلى الشَّهَوات والمَأْلُوفاتِ، انتهى.

  والشَّطِيرُ كأَمِير: البَعِيدُ يقال: مَنْزِلٌ شَطِيرٌ، وحَيٌّ شَطِيرٌ، وبَلَدٌ شَطِيرٌ.

  والشَّطِيرُ: الغَرِيبُ، والجمع الشُّطُرُ، بضمّتين، قال امرُؤُ القَيْس:


(*) في القاموس: فَكلُّ.

(١) الكامل للمبرد ١/ ٢٤٨.

(٢) زيادة عن المبرد.

(٣) عند المبرد: يقال.

(٤) بعدها في المبرد: وللشطر وجهان في كلام العرب، فأحدهما النصف، من ذلك قولهم: شاطرتك مالي، والوجه الآخر: القصد، يقال: خذ شطر زيد أي قصده.

(٥) ضبطت بالفتح عن الصحاح واللسان.

(٦) اللسان: «أخذ» وفي التهذيب: «أنه قُدَّ».