تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[صرر]:

صفحة 85 - الجزء 7

  يقال: أَصْلُهَا صَرَّرٌ من الصِّرّ، وهو البَرْدُ، فأَبْدَلُوا مكانَ الراءِ الوُسْطَى فاءَ الفعل، كما قالوا تَجَفْجَفَ الثوبُ، وكبكبوا، وأَصله تَجَفَّفَ وكُبِّبُوا.

  ويقال: هو من صَرِيرِ البابِ، ومن الصَّرَّةِ، وهي الضَّجَّة، قال ø: {فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ}⁣(⁣١) قال المفسّرون: في ضَجَّةٍ وصَيْحَةٍ.

  وقال ابنُ الأَنْبَارِيّ في قوله تعالى: {كَمَثَلِ رِيحٍ فِيها صِرٌّ}⁣(⁣٢) ثلاثة أَقوال: أَحدها: فيها بَرْدٌ. والثاني: فيها تَصْوِيتٌ وَحَرَكَة. ورُويَ عن ابنِ عبّاس قولٌ آخر، {فِيها صِرٌّ}، قال: فيها نارٌ.

  وصُرَّ النّبَاتُ، بالضَّمِّ، صَرًّا: أَصابَهُ الصِّرُّ، أَي شِدّة البَرْدِ.

  وصَرَّ، كفَرَّ، يَصِرُّ، كيَفِرُّ، صَرًّا، بالفتح، وصَرِيراً، كأَمِيرٍ: صَوَّتَ وصاحَ شَدِيداً، أَي أَشَدَّ الصِّيَاحِ، كصَرْصَرَ، قال جَرِيرٌ يَرْثِي ابنَه سَوَادَةَ:

  قالُوا نَصِيبُكَ من أَجْرٍ فقُلْتُ لَهُمْ ... مَنْ للعَرِينِ إِذَا فَارَقْتُ أَشْبَالِي

  فارَقْتَنِي حينَ كَفَّ الدَّهْرُ من بَصَرِي ... وحِينَ صِرْتُ كعَظْمِ الرِّمَّةِ البَالِي

  ذاكُمْ سَوَادَةُ يَجْلُو مُقْلَتَيْ لَحِمٍ ... بازٍ يُصَرْصِرُ فوقَ المَرْقَبِ العالِي

  قال ثَعْلَب: قيل لامرأَةٍ: أَيَّ النّسَاءِ أَبْغَضُ إِلَيْكِ؟

  فقالَتْ: التي إِن صَخِبَتْ صَرْصَرَتْ.

  وصَرَّ الجُنْدَبُ يَصِرُّ صَرِيراً، وصَرَّ البابُ يَصِرُّ، وكُلُّ صَوْتٍ شِبْه ذلك فهو صَرِيرٌ إِذا امْتَدَّ، فإِذا كانَ فيه تحْفِيفٌ وتَرْجِيعٌ في إِعَادَةٍ ضُوعِف كقول: صَرْصَرَ الأَخْطَبُ صَرْصَرَةً، كأَنَّهم قدَّرُوا في صوتِ الجُنْدُبِ المَدَّ، وفي صوتِ الأَخْطَبِ التَّرْجيعَ، فحَكَوْه على ذلك وكذلك الصَّقْرُ والبازِيّ.

  وصَرَّ صِمَاخُه صَرِيراً: صاحَ⁣(⁣٣) من العَطَشِ. وقال ابنُ السّكِّيت: صَرَّتْ أُذُنِي صَرِيراً، إِذا سَمِعْت لها دَوِيَّاً⁣(⁣٤). وصَرَّ البابُ والقَلَمُ صَرِيراً، أَي صَوَّتَ.

  وفي الأَسَاس: صَرَّت الأُذنُ⁣(⁣٥) سُمِعَ لها طَنِينٌ.

  وصَرَّ صِمَاخُه من الظَّمَإِ.

  وصَرَّ النَّاقَةَ، وصَرَّ بها يَصُرُّهَا، بالضَّمّ، صَرَّاً، بالفَتْح: شَدَّ ضَرْعَها بالصِّرَارِ، فهي مَصْرُورَةٌ ومُصَرَّرَةٌ، وفي حديث مالكِ بنِ نُوَيْرَة حين جمَع بَنُو يَرْبُوع صَدَقَاتِهم ليُوَجِّهُوا بها إِلى أَبي بَكْرٍ، ¥، فمنَعهم من ذلك، وقال:

  وقُلْتُ: خُذُوها هذِهِ صَدَقاتُكُمْ ... مُصَرَّرَة أَخْلافُهَا لم تُحَرَّدِ

  سأَجْعَلُ نَفْسِي دُونَ ما تَحْذَرُونَه ... وأَرْهَنُكُم يوماً بما قُلْتُه يَدِي

  وصَرَّ الفَرَسُ والحِمَارُ بأُذُنِه يَصُرُّ صَرَّاً وصَرَّهَا، وأَصَرَّ بِهَا: سَوَّاهَا ونَصَبَهَا للاسْتِمَاعِ، كصَرَّرَها.

  وقالَ ابنُ السِّكِّيتِ: يقالُ: صَرَّ الفَرَسُ أُذُنَيْهِ: ضَمَّهُمَا إِلى رَأْسِه، فإِذا لم يُوقِعُوا⁣(⁣٦) قَالُوا: أَصَرَّ الفَرَسُ، بالأَلف، وذلك إِذا جَمَعَ أُذُنَيْهِ وعَزَمَ على الشَّدِّ.

  وقال غَيْرُه: جَاءَتِ الخَيْلُ مُصِرَّةً آذَانَها، أَي مُحَدِّدَةً آذَانَها، رافِعَةً لها، وإِنما تَصُرُّ آذانَها إِذا جَدَّتْ في السَّيْرِ.

  والصِّرَارُ ككتَابٍ: ما يُشَدُّ بهِ الضَّرْعُ، ج أَصِرَّةٌ، وهو الخَيْطُ الذي تُشَدُّ به التَّوادِي علَى أَطْرَافِ النَّاقَةِ وتُذَيَّرُ الأَطْباءُ بالبَعرِ الرَّطْبِ؛ لئلّا يُؤَثِّرَ الصِّرَارُ فيها.

  وقال الجَوْهَرِيّ: الصِّرَارُ: خَيْطٌ يُشَدّ فوقَ الخِلْفِ⁣(⁣٧)؛ لئَلّا يَرْضَعَها وَلَدُهَا، وفي الحديث: «لا يَحِلُّ لرَجُل {يُؤْمِنَّ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} أَنْ يَحُلّ صِرَارَ ناقَة بغَيْرِ إِذْنِ صاحِبِها فإِنّه خاتَمُ أَهْلِها» قال ابنُ الأَثِير: من عادَةِ العَرَبِ أَن تَصُرَّ ضُروعَ الحَلْوباتِ إِذا أَرْسلوهَا المَرْعَى⁣(⁣٨) سارِحَةً، ويُسمُّونَ ذلك الرِّبَاطَ صِرَاراً، فإِذا رَاحَت عِشيًّا حُلَّتْ تلْكَ الأَصِرَّةُ،


(١) سورة الذاريات الآية ٢٩.

(٢) سورة آل عمران الآية ١١٧.

(٣) اللسان: صوّت.

(٤) التهذيب: صوتاً ودويْاً.

(٥) الأساس: الآذان.

(٦) أي لم يريدوا تعدية الفعل.

(٧) الأصل واللسان عن الجوهري، وفي الصحاح: الخلف والتودية.

(٨) النهاية واللسان: إلى المرعى.