تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل الصاد المهملة مع الراء

صفحة 86 - الجزء 7

  وحُلِبَتْ، فهي مَصْرُورَةٌ ومُصَرَّرَةٌ، قال: وعلى هذا المعنَى تأَوّلُوا قَوْلَ الشافِعِيِّ فيما ذَهَب إِليه في أَمْرِ المُصَرَّاةِ⁣(⁣١).

  وقال الشّاعرُ:

  إِذَا اللِّقَاحُ غَدَتْ مُلْقىً أَصِرَّتُهَا ... ولا صَرِيمَ من الوِلْدَانِ مَصْبُوحُ

  والصِّرَارُ: ع، بِقُرْبِ المَدِينَةِ على ساكِنهَا أَفضلُ الصلاة والسلام، وهو ماءٌ مُحْتَفَرٌ جاهليّ على سَمْتِ العِرَاقِ، وقيل: أُطُمٌ لبني عبدِ الأَشْهَلِ، قلْت: وإِليه نُسِب محمّدُ بنُ عبدِ الله الصِّرَارِيّ، ويقال فيه: محمَّدُ بنُ إِبراهِيمَ الصِّرَارِيّ، والأَوّل أَصحّ، روى عن عَطَاءٍ، وعنه بكْرُ بنُ مُضَرَ⁣(⁣٢)، هكذا قاله أَئمّة الأَنْسَابِ، وقال الحافظُ ابنُ حَجَر: إِنما رَوَى عن عَطَاءٍ بواسِطَةِ ابنِ أَبي حُسَيْنِ.

  قلْت: وابْنُ أَبِي حُسَيْن⁣(⁣٣) هذا هو عبدُ الله بنُ عبد الرّحمنِ بنِ أَبي حُسَيْن، رَوَى عن عَطَاءٍ.

  والمُصَرَّاةُ: المُحَفَّلَةُ، على تحويل التضعيف.

  أَو هي مِنْ صَرَّى يُصَرِّي تَصرِيَةً، فمحلّ ذِكْرِه المعتلّ.

  ونَاقَةٌ مُصرَّةٌ: لا تَدِرّ، قال أُسامةُ الهُذَلِيُّ:

  أَقَرّتْ علَى حُول عَسُوسٌ مُصِرَّةٌ ... ورَاهَقَ أَخْلافَ السَّدِيسِ بُزُولُها

  والصَّرَرُ محرّكةً: السُّنْبُلُ بعدَ ما يُقَصِّبُ وقبل أَن يَظْهَر.

  أَو هو السُّنْبُلُ ما لم يَخْرُجْ فيهِ القَمْحُ، قاله أَبو حنيفة، واحِدَتُه صَرَرَةٌ، وقد خالفَ هنا قاعدَتَه، وهي قولُه، وهي بهاءٍ. وقد أَصَرَّ السُّنْبُلُ. وقال ابنُ شُمَيْل: أَصَرَّ الزَّرْعُ إِصْراراً، إِذَا خَرَجَ أَطْرَافُ السَّفاءِ قبل أَن يَخْلُصَ سُنْبُلُه، فإِذا خَلَصَ سُنْبُلُه قيل، قد أَسْبَلَ، وقال في مَوضعٍ آخَرَ: يَكُونُ الزَّرْعُ صَرَراً حينَ يَلْتَوِي الوَرَقُ، ويَيْبَسُ طَرَفُ السُّنْبُلِ وإِن لم يَخْرُجْ فيه القَمْحُ. وأَصَرَّ يَعْدُو، إِذا أَسْرَعَ بعض الإِسْرَاعِ، ورواه أَبو عُبَيْد: أَضَرَّ، بالضَّاد، وزعمَ الطُّوسِيّ أَنّه تَصحيفٌ.

  وأَصَرَّ على الأَمْرِ: عَزَم، ومنه يقال: هُو مِنّي صِرِّي، بالكَسر وأَصِرِّي، بفتح الهَمْزة وكسر الصاد والراءِ، وصِرَّي، بكسْر الصاد وفتْحِ الراءِ المشدَّدَةِ، وأَصِرَّى، بزيادة الهمزة، وصُرِّي، بضَمّ الصاد وكسر الرّاءِ، وصُرَّى، بفتح الرَّاءِ المشدّدَة، أَي غَزِيمَةٌ وجِدٌّ.

  وقال أَبو زَيْد: إِنَّهَا منِّي لأَصِرِّي، أَي لحقيقةٌ، وأَنشد أَبو مالكٍ:

  قدْ عَلِمَتْ ذاتُ الثَّنايَا الغُرِّ ... أَنّ النَّدَى من شِيمَتِي أَصِرِّي

  أَي حقيقة.

  وقال أَبو سَمَّال⁣(⁣٤) الأَسَدِيّ حين ضَلَّت نَاقَتُه: اللهُمَّ إِنْ لم تَرُدَّهَا عليَّ فلَمْ أُصَلِّ لكَ صَلَاةً. فَوَجَدَها عَنْ قَرِيبٍ، فقال:

  علمَ الله أَنها⁣(⁣٥) منِّي صِرّي، أَي عَزْمٌ عليه.

  وقال ابنُ السِّكِّيتِ: إِنّهَا عَزيمةٌ مَحْتُومةٌ، قال: وهي مُشْتَقَّةٌ من أَصْرَرْت على الشَّيْءِ، إِذا أَقمْتَ ودُمْتَ عليه، ومنه قوله تعالى: {وَلَمْ يُصِرُّوا عَلى ما فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ}⁣(⁣٦).

  وقال أَبو الهَيْثَمِ: أَصِرِّي، أَي اعْزِمِي، كأَنّه يُخَاطِبُ نَفْسَه من قولكَ: أَصَرَّ عَلَى فِعْله يُصِرُّ إِصْراراً، إِذَا عَزَم عَلَى أَن يَمْضِيَ فيه ولا يَرجع.

  وفي الصّحاح⁣(⁣٧): وقد يقال: كانت هذه الفَعْلَةُ منِّي أَصِرِّي، أَي عَزيمَةً، ثم جُعِلَت الياءُ أَلفاً، كما قالوا: بأَبِي أَنتَ وبِأَبَا أَنتَ، وكذلك صِرِّي وصِرَّى، على أَن يُحْذَف الأَلفُ من إِصِرَّى، لا على أَنهَا لغة صرَرْتُ على الشيْءِ وأَصْرَرْتُ.

  وقال الفَرّاءِ: الأصلُ في قولهم: كانت مني صِرِّي وأَصِرِّي، أَي أَمْرٌ، فلما أَرادُوا أَن يُغيِّروه عن مَذهبِ الفعل


(١) ذكر الشافعي المصراة وفسرها أنها التي تصر أخلافها ولا تحلب أياماً حتى يجتمع اللبن في ضرعها فإذا حلبها المشتري استغزرها (انظر النهاية مادة صرا).

(٢) معجم البلدان: نصر.

(٣) عن اللباب ومعجم البلدان، وبالأصل «حسن».

(٤) في اللسان «أبو السمال» وفي التهذيب «أبو السماك».

(٥) سقطت من المطبوعة الكويتية.

(٦) الآية ١٣٥ من سورة آل عمران.

(٧) كذا، والعبارة التالية ليست في الصحاح، وهي واردة في التهذيب واللسان.