تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل الصاد المهملة مع الراء

صفحة 87 - الجزء 7

  حَوَّلُوا ياءَه أَلفاً، فقالوا: صِرَّى وأَصِرَّى، كما قالوا: نُهِيَ عن قِيلٍ وقَالَ، وقال: أُخْرجَتا من نِيَّة الفِعْل إِلى الأَسماءِ، قال: وسمعْتُ العَرَبَ تقُولُ: أَعْيَيْتَنِي من شُبَّ إِلى دُبَّ، ويُخْفَضُ، فيقال: من شُبٍّ إِلى دُبٍّ. ومعناه: فعَل ذلك مُذْ كان صغيراً إِلى أَن دَبٍّ كبيراً.

  وصَخْرَةٌ صَرَّاءُ: صَمّاءُ، وفي اللسان: مَلْساءُ.

  وفي التكملة: وحَجَرٌ أَصَرُّ: صُلْبٌ.

  ورَجلٌ صَرُورٌ، كصَبُورٍ، وصَرُورَةٌ، بالهَاءِ، وصَرَارَةٌ، كسَحَابَة، وصَارُورَةٌ، كقَارورَة، وصَارُورٌ، بغير هَاءٍ، وصَرُورِيّ وصارُورِيّ، كلاهما بياءِ النَّسَب، وصارُوراءُ، كعاشوراءَ، عن الكسائيّ نقله الصّاغانيّ. قال شيخنا: يُلحَقُ بنظائِرِ عاشُوراءَ التي أَنكرَها ابنُ دُريْد. انتهى، والمعروف في الكلام رجُل صَرورٌ، وصَرُورَةٌ: لم يَحُجَّ قَطُّ، وأَصلُه من الصرِّ: الحَبْس والمَنْع، وقد قالوا: صَرُورِيٌّ وصارُورِيٌّ، فإِذا قلْتَ ذلك ثَنَّيْتَ وجَمَعْت وأَنَّثْتَ. وقال ابنُ الأَعرابِيّ: كلُّ ذلك من أَوَّله إِلى آخِره مثَّنًّى مَجموعٌ، كانت فيه ياءُ النَّسبِ أَو لم تكن، ج صَرَارةٌ وصَرَارٌ، بالفَتْح فيهما.

  أَو الصَّارُورَةُ والصَّارُورُ: هو الذي لم يَتَزَوَّجْ، للوَاحِدِ والجَمِيع⁣(⁣١) وكذلك المؤنّث.

  والصَّرُورَةُ في شعرِ النّابِغَةِ: الذي لم يَأْتِ النّسَاءَ، كأَنّه أَصَرّ على ترْكِهِنَّ، وفي الحديثِ: «لا صَرُورَةَ في الإِسْلامِ».

  وقال اللِّحْيَانِيّ: رَجُلٌ صَرُورَةٌ، ولا يُقَال إِلّا بالهَاءِ.

  وقال ابن جِنِّي: رَجلٌ صَرُورَةٌ، وامرأَةٌ صَرُورَةٌ، ليست الهاءُ لتأْنِيث الموصوفِ ما هي فيه، وإِنّمَا لحِقَت لإِعْلامِ السامِعِ أَنَّ هذا الموصوفَ ما هي فيه قد بلغَ الغايَةَ والنهايَةَ، فجُعِلَ تأْنِيثُ الصِّفةِ أَمارةً لما أُرِيد من تأْنِيثِ الغَايَةِ والمُبَالَغَةِ.

  وقال الفَرَّاءُ عن بعضِ العَرَبِ: قال: رَأَيْتُ أَقواماً صَرَاراً، بالفَتْح، واحدُهُم صَرَارَةٌ. وقال بعضُهُمْ: قَوْمٌ صَوارِيرُ: جمْع صارُورَة، قال: ومن قالَ: صَرُورِيّ وصارُورِيّ ثَنّى وجَمَعَ وأَنَّثَ.

  وفَسَّرَ أَبو عُبَيْد قَوْلَه #: «لا صَرُورَة في الإِسْلامِ» بأَنّه التَّبَتُّلُ، وتَرْكُ النِّكَاحِ، فجعلَه اسماً للحَدَثِ، يقول: ليسَ يَنْبَغِي لأَحَد أَن يقولَ: لا أَتزَوَّجُ، يقول: ليس هذا من أَخلاقِ المُسْلِمينَ⁣(⁣٢)، وهذا فِعلُ الرُّهْبَانِ، وهو معروفٌ في كلام العَرَبِ، ومنه قولُ النابِغَةِ:

  لو أَنَّهَا عَرَضَتْ لأَشْمَطَ رَاهِبٍ ... عَبَدَ الالهَ صَرُورَةٍ مُتَعَبِّدِ⁣(⁣٣)

  يعني الرَّاهِبَ الذي قد تَرَكَ النّساءَ.

  وقال ابنُ الأَثِير في تفسيرِ هذا الحَدِيثِ: وقيل أَرادَ: مَنْ قَتَلَ في الحَرَمِ قُتِلَ، ولا يُقْبَلُ منه أَنْ يَقُولَ: إِنّي صَرُورَةٌ ما⁣(⁣٤) حَجَجْت ولا عَرَفْتُ حُرْمَةَ الحَرَم، قال: وكان الرجلُ في الجاهِليَّةِ إِذَا أَحْدَثَ حَدَثاً، ولجَأَ إِلى الكَعْبَةِ لم يُهَجْ، فكان إِذَا لَقِيَه وَلِيُّ الدّمِ في الحَرَمِ قيل له: هو صَرُورَةٌ ولا تَهجْه.

  وحافِرٌ مَصْرُورٌ ومُصَطَرٌّ⁣(⁣٥): مُتَقَبِّضٌ⁣(⁣٦) أَو ضَيِّقٌ، والأَرَحُّ: العَرِيضُ، وكلاهما عَيْبٌ، وأَنشد:

  لا رَحَحٌ فيه ولا اصْطِرَارُ

  وقال أَبو عُبَيْد: اصْطَرَّ الحافِرُ اصْطِراراً، إِذا كان فاحِش الضِّيقِ، وأَنشَدَ لأَبِي النَّجْمِ العِجْلِيِّ:

  بكُلِّ وَأْبٍ للحَصَى رَضّاحِ ... ليَس بمُصْطَرٍّ ولا فِرْشَاحِ

  أَي بكُلِّ حافِرٍ وَأْبٍ مُقَعَّبٍ يَحْفِرُ الحَصَى لِقُوَّتِه، ليس بضَيِّق، وهو المُصْطَرُّ، ولا بفِرْشاحٍ، وهو الواسِعُ الزائدُ على المعروفِ.


(١) القاموس: للواحد والجمع.

(٢) النهاية: المؤمنين.

(٣) يريد قوله:

لو أنها عرضتْ لَأشمطَ راهبٍ ... يخشى الإله صرورةٍ متعبِّدِ

(٤) كذا في النهاية واللسان وبالأصل «وما».

(٥) عن القاموس وبالأصل «ومسطر».

(٦) على هامش القاموس عن نسخة ثانية: «منقبض».