تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل الصاد المهملة مع الراء

صفحة 88 - الجزء 7

  والصَّارَّةُ، بتشديد الرّاءِ: الحاجةُ، قال أَبو عُبَيْد: لنا قِبَلَهُ صَارَّةٌ، أَي حاجَةٌ.

  والصَّارَّةُ: العَطَشُ، ج صَرَائِرُ، نادِرٌ، قال ذو الرُّمَّة:

  فانْصاعَتِ الحُقْبُ لمْ تَقْصَعْ صَرَائِرُهَا ... وقد نَشَحْنَ فَلا رِيٌّ ولا هِيمُ

  قال ابنُ الأَعرابِيّ: صَرَّ يَصِرُّ، إِذا عَطِش، ويقال: قَصَعَ الحِمَارُ صَارَّتَه، إِذا شَرِبَ الماءَ فذَهَبَ عَطَشُه.

  وجَمْعُ الصَّارَّة بمعنى الحَاجَةِ صَوَارُّ، قالَه أَبو عُبَيْد، ففي كلامِ المصَنّفِ لَفٌّ ونَشْرٌ غيرُ مُرَتَّبٍ.

  وقيل: إِنّ الصَّرائرَ جمعُ صَرِيرَة، وأَمّا الصّارَّةُ فجمْعه صَوارُّ لا غير.

  ويقال: شرِبَ حتّى مَلأَ مَصَارَّهُ، المَصَارُّ: الأَمْعاءُ، حكاه أَبو حنيفة عن ابنِ الأَعْرَابي، ولم يُفَسِّرْه بأَكْثرَ من ذلك.

  والصَّرَارَةُ، بالفَتْح: نَهْرٌ يأْخذُ من الفُراتِ.

  والصَّرَارِيُّ: المَلّاحُ، قال القُطامِيُّ:

  في ذِي جُلُولٍ يُقَضِّي المَوْتَ صاحِبُه ... إِذَا الصَّرارِيُّ مِنْ أَهْوالِهِ ارْتَسَمَا

  ج صَرَارِيُّون، ولا يُكَسَّرُ، قال العَجَّاج:

  جَذْبُ الصَّرَارِيِّينَ بالكُرُورِ

  ويقالُ للمَلّاحِ: الصَّارِي، مثل القَاضِي، وسيُذْكَرُ في المعتلّ،.

  قال ابنُ بَرّيّ: كان حَقُّ صَرَارِي أَن يُذكَرَ في فصل صَرَا المُعْتَل الّلام؛ لأَنّ الواحدَ عندَهُم صارٍ وجمعُه صُرَّاءٌ، وجمع صُرّاءٍ صَرارِيُّ، قال: وقد ذَكَرَ الجَوْهَرِيُّ في فصْلِ صَرَا أَنّ الصّارِيَ: المَلّاح، وجمعُه صُرّاءٌ، قال ابنُ دُرَيْدٍ: ويقال للمَلّاح: صار، والجمْعُ صُرّاءٌ، وكان أَبو عليٍّ يقول: صُرَّاءُ واحدٌ، مثْل حُسّانٍ للحَسَنِ، وجمعه صَرَارِيُّ، واحتجَّ بقولِ الفَرَزْدَقِ:

  أَشارِبُ خَمْرَة وخَدِينُ زِيرٍ ... وصُرّاءٌ لِفَسْوَتِه بُخَارُ

  قال: ولا حُجَّة لأَبِي عليّ في هذا البيت؛ لأَن صَرارِيّ الذي [هو]⁣(⁣١) عِنْدَه جمعٌ بدليلِ قولِ المُسَيَّب بن عَلَس يَصفُ غائِصاً أَصاب دُرَّة وهو:

  وتَرَى الصَّرَارِي يَسْجُدُون لها ... ويَضُمُّهَا بيَدَيْهِ للنَّحْرِ

  وقد استعمله الفَرزْدَقُ للواحِدِ، فقال:

  تَرَى الصَّرارِيَّ والأَمواجُ تَضْرِبُه ... لو يَسْتَطِيعُ إِلى برِّيَّةٍ عَبَرَا

  وكذلك قول خَلَفِ بنِ جَميل الطُّهَوِيّ:

  ترَى الصَّرَارِيَّ في غبْرَاءَ مُظْلِمَةٍ ... تَعْلُوهُ طَوْراً ويَعْلُو فَوْقَها تِيَرَا

  قال: ولهذا السَّبَبِ، جعل الجَوْهَرِيُّ الصَّرَارِيَّ واحداً لِمَا رآه في أَشعارِ العربِ يُخْبَرُ عنه كما يُخْبَرُ عن الواحد الذي هو الصّارِي، فظنّ أَنَّ الياءَ فيه للنِّسبة، كأَنّه منسوب إِلى صَرَارٍ مثل حَوارِيّ منسوب إِلى حَوَارٍ، وحَوَاريُّ الرجلِ: خاصَّتُه، وهو واحدٌ لا جمع، ويدُلُّك على أَن الجوهريَّ لحَظَ هذا المعنَى كونُه جعلَه في فصل صرر، فلو لم تكن الياءُ للنّسبِ عندَه لم يُدْخِلْهُ في هذا الفصل.

  وصَرَّرتِ النّاقَةُ: تَقَدَّمَتْ، عن أَبي ليلى، قال ذُو الرُّمَّةِ:

  إِذَا ما تَأَرَّتْنَا المَرَاسِيلُ صَرَّرَتْ ... أَبُوضُ النَّسَا قَوّادَةٌ أَيْنُقَ الرَّكْبِ

  وصِرِّينُ، بالكَسْر: د، بالشّام⁣(⁣٢) قال الصّاغانيّ، وقال غيره: مَوضع، ولم يُعَيِّنْه، قال الأَخْطَلُ:

  إِلى هاجِسٍ مِن آلِ ظَمْيَاءَ والَّتِي ... أَتَى دُونَهَا بابٌ بصِرِّينَ مُقْفَلُ⁣(⁣٣)

  والصِّرُّ، بالكسر: طائِرٌ كالعُصْفُورِ في قَدِّه، أَصْفَرُ اللَّوْنِ، سُمِّيَ بِصَوْتِه، يقال: صَرَّ العُصْفُورُ يَصِرُّ، إِذا صاح، وفي حديث جَعْفَر الصّادِقِ: «اطَّلَعَ عليَّ بنُ الحُسَيْنِ وأَنا


(١) زيادة عن اللسان.

(٢) في معجم البلدان بكسر أوله وثانيه، بوزن صفين ... قال: وهو بلد بالشام.

(٣) عن اللسان ومعجم البلدان، وبالأصل «مغلق» وقبله:

فلما انجلت عني صبابة عاشق ... بدا لي من حاجاتي المتأملُ