فصل العين مع الراء
  المَرْعَى؛ وهذا هو مَعْنَى قَوْلِ النّبيّ ﷺ: «لا يُمْنَع فَضْلُ المَاءِ ليُمْنَعَ به فَضْلُ الكَلإِ».
  وفي الحَدِيث: «مَنْ جَهَّز جَيْش العُسْرَةِ فَلَهُ الجَنَّة»: هو بالضمّ، جَيْشُ تَبُوكَ. قال ابنُ عَرَفَةَ: سُمِّيَ به لأَنَّهم نُدِبُوا إِليها في حَمَارَّة القَيْظِ، فعَسُر ذلك عَلَيْهم وغَلُظ، وكان إِبّانَ إِيناعِ الثَّمَرَة. قال: وإِنَّما ضُرِبَ المَثَلُ بجَيْشِ العُسْرَة لأَنّ النبيّ ﷺ لم يَغْزُ قَبْلَه في عَدَد مِثْلِه، لأَنَّ أَصحابَهُ يَوْمَ بَدْرٍ كانوا ثلاثمَائة وبِضْعَةَ عَشَر، ويومَ أُحُدٍ سَبْعَمائة، ويَوْمَ خَيْبَر أَلْفاً وخَمْسَمائةِ، ويَوْمَ الفَتْح عَشَرَةَ آلافٍ، ويَوْمَ حُنَيْن اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفاً، ويَوْمَ تَبُوكَ ثلاثينَ أَلْفاً.
  والعِسْر، بالكَسْر: قَبِيلة من الجنّ، وبه فَسَّرَ بعضُهم قولَ ابنِ أَحْمَرَ:
  وفِتْيانٍ كجِنَّةِ آلِ عِسْرٍ ... إِذا لَمْ يَعْدِلِ المِسْكُ القُتَارَا
  أَو العِسْرُ أَرضٌ يسْكُنُونَهَا، وقد تُفْتح، نقله الصاغانيّ.
  وقال ابنُ دُرَيْد: العَيْسُرانُ(١) مِثَال هَيْجُمان: نَبْتٌ.
  وقال ابنُ شُمَيْلٍ: جاؤُوا عُسَارَيَاتٍ وعُسَارَى، مثال سُكَارَى، أَي بَعْضُهُم في إِثْرِ بَعْض. قال الصاغانيّ: وواحِدُ العُسَارَيَات عُسَارَى مثل حُبَارَى وحُبَارَيَات.
  والعَسِيرُ، كأَمِير، هكذا ضَبَطه الصاغانيّ وصاحِبُ اللّسَان، فلا يُلْتَفَت إِلى ضبط النُّسخ كُلّها مصغَّراً: كانَت بئْراً بالمَدِينَة، على ساكِنها أَفضلُ الصلاة والسلام، لأَبي أُمَيَّةَ المَخْزُوميّ، فَسَمَّاها النبيُّ صَلَّى الله تعالى عَليْه وسَلَّم اليَسِيرَةَ، بفتح التَّحتيَّة وكسْر السين، تَفَاؤُلاً.
  ونَاقَةٌ عَوْسَرَانِيَّة، إِذا كان مِنْ دَأْبِهَا تَعْسِيرُ ذَنَبِهَا، هكذا في التَّكْمِلَة، وفي نسخة اللّسَان: تَكْسِيرُ ذَنَبهَا إِذَا عَدَتْ ورَفْعُهُ، ومنه قَوْلُ الطِّرِمّاح:
  عَوْسَرَانِيَّةٌ إِذَا انْتَفَضَ الخِمْ ... سُ نِطَافَ(٢) الفَضِيض أَيَّ انْتِفاضِ
  الفَضِيضُ: المَاءُ السائلُ، أَراد أَنَّهَا تَرْفَع ذَنَبَهَا من النَّشَاط، وتَعْدُو بعد عَطَشِهَا وآخِرِ ظِمْئِها في الخِمْس.
  ونقل الصاغانيّ عن ابنِ السِّكِّيت: ذهَبُوا عُسَارَيَاتٍ وعُشَارَيات، أَي ذَهَبُوا أَيَادِيَ سَبَا مُتَفَرِّقِين في كُلّ وَجْهٍ.
  ورجلٌ مِعْسَرٌ، كمِنْبَرٍ: مُقَعِّطٌ على غَرِيمه، كذا في التهذيب، والتّكْمِلَةِ.
  واعْتسَرَ الرجُلُ من مالِ وَلدِه: أَخَذَ منه كَرْهاً، من الاعْتِسَار، وهو الاقتِسَارُ(٣) والقَهْرُ، ويُرْوَى بالصَّادِ. وفي حديث عُمَر: «يَعْتَسِرُ الوالِدُ من مال وَلَدِه»، أَي يَأْخُذُه وهو كارِهٌ. هكذا روَاه النَّضْرُ في هذا الحديث بالسينِ، وقال: معناه: وهُوَ كارِهٌ، وأَنشد:
  مُعْتَسِر الصُّرْمِ(٤) أَو مُذِلّ
  وغَزْوَةُ ذي العُسَيْرَة معروفَة، رُوِي بالسين وبالشّين، وبالأَخير أَعْرَفُ، وقال الصاغانيّ: أَصَحّ.
  * وممّا يُسْتَدرَك عليه:
  يقال: بَلَغْت مَعْسُورَ فُلانٍ، إِذا لم تَرْفُقْ به.
  واعْتسَرْتُ الكلَامَ، إِذا اقْتَضَبْتَه قَبْلَ أَن تُزَوِّرَه وتُهَيِّئه، وقال الجَعْدِيُّ:
  فذَرْ ذا وعَدِّ إِلى غيرِه ... فشَرُّ المَقالةِ ما يُعْتَسَرْ
  قال الأَزْهَرِيُّ: وهذا من اعْتِسَارِ البعِير ورُكوبِه قبل تَذْليلِه. ومثله قولُ الزمخشريّ، وهو مجاز.
  وتَعاسَرَ البَيِّعَانِ: لَمْ يَتَّفِقَا. وكذلك الزَّوْجَانِ. وفي التَّنْزيل: {وَإِنْ تَعاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرى}(٥) وحَمَامٌ أَعْسَرُ: بجنَاحِه من يَسَارِه بَياضٌ.
  والمعاسَرَةُ والتعَاسُر: ضِدّ المُياسَرَةِ والتَّيَاسُر.
  وعَسَرْتُ الناقَة عَسْراً، إِذا أَخذْتَها من الإِبِل.
(١) ضبطت بالقلم في القاموس بفتح السين، وما أثبت عن الجمهرة ٣/ ٤١٣.
(٢) في التهذيب: نفاض.
(٣) في المطبوعة الكويتة: الاقتصار.
(٤) في التهذيب: «للصرم» وقبله:
إن أصح عن داعي الهوى المضلّ ... صُحُوّ ناسي الشوق مستبلّ
(٥) سورة الطلاق الآية ٦.