تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[عشزر]:

صفحة 230 - الجزء 7

  الدَّهْرُ، وهو كُلُّ مُدَّةٍ مُمْتَدّةٍ غَيْرِ مَحْدُودَة، تَحْتَوِي على أُمَمٍ تَنْقَرِض بانْقَراضِهِم، قاله الشِّهَابُ في شرح الشفاءِ، ونَقَلَه شيخُنَا. قلتُ: وبه فَسَّر الفَرّاءُ قولَهُ تعال: {وَالْعَصْرِ إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ}⁣(⁣١) ج أَعْصَارٌ وعُصُورٌ وأَعْصُرٌ وعُصُرٌ، الأَخِير بضَمَّتَيْن. قال العَجّاج:

  والعَصْرِ قَبْلَ هذه العُصُورِ ... مُجَرِّسَاتِ غِرّةَ الغَرِيرِ

  والعَصْرُ: اليَوْمُ. والعَصْرُ: اللَّيْلَةُ قال حُمَيْدُ بنُ ثَوْرٍ:

  ولَنْ يَلْبَثَ العَصْران يَوْمٌ ولَيْلَةٌ ... إِذا طَلَبَا أَنْ يُدْرِكَا ما تَيَمَّمَا

  وفي الحديث: «حافظْ على العَصْرَيْنِ» يريد صَلاةَ الفَجْرِ وصَلاةَ العَصْر، سمَّاهُمَا العَصْرَيْن لأَنَّهما يَقَعَان في طَرَفَيِ العَصْرَيْنِ، وهُما اللَّيْلُ والنَّهارُ، والأَشْبَهُ أَنَّهُ غَلَّبَ أَحَدَ الاسْمَيْنِ على الآخَرِ، كالقَمَرَيْنِ للشَمْسِ والقَمَر.

  والعَصْرُ: العَشِيُّ إِلى احْمِرارِ الشَّمْسِ. وصَلاةُ العَصْرِ مُضافَةٌ إِلى ذلك الوقت، وبه سُمِّيَتْ، قال الشاعر:

  تَرَوَّحْ بِنا يا عَمْرُو قَدْ قَصُرَ العَصْرُ ... وفي الرَّوْحَةِ الأُولَى الغَنِيمَةُ والأَجْرُ

  وقال أَبو العَبّاس: الصَّلاةُ الوُسْطَى: صَلاةُ العَصْرِ، وذلك لأَنَّها بَيْنَ صَلاتَيِ النَّهَارِ وصَلَاتَيِ اللَّيْل، ويُحَرَّك فيُقَال: صَلاةُ العَصَر، نقله الصّاغانيّ عن ابن دُريد⁣(⁣٢).

  والعَصْرُ: الغَدَاة، ويُسْتَعْمَل غالِباً فيما جاءَ مُثَنًّى. قال ابنُ السِّكّيت: ويقال: العَصْرانِ: الغَدَاةُ والعَشِيّ، وأَنشد:

  وأَمْطُلُهُ العَصْرَيْنِ حَتَّى يَمَلَّني ... ويَرْضَى بنِصْفِ الدَّيْنِ والأَنْفُ راغِمُ

  يقول: إِذا جاءَني أَوّلَ النَّهَار وَعَدْتُه آخِرَه. هكذا أَنشده الجوهريّ، وقال الصاغانيّ⁣(⁣٣): والصَّوابُ في الرِّوايَة:

  ويَرْضَى بنِصْفٍ الدَّيْن في غَيْرِ نائلِ

  والشِعْرُ لعَبْد الله بن الزَّبِيرِ الأَسَديّ. وفي الحديث⁣(⁣٤): «حافِظْ على العَصْرَيْنِ»: يُرِيد صَلاةَ الفَجْر وصَلَاةَ العَصْرِ.

  وفي حديثِ عَليّ ¥: «{ذَكِّرْهُمْ بِأَيّامِ اللهِ}، واجْلسْ لهم العَصْرَيْن»، أَيْ بُكْرَةً وعَشيًّا.

  والعَصْرُ: الحَبْسُ، يقال: ما عَصَركَ؟ وما شَجَرَكَ وثَبَرَكَ وغَصَنَك؟ أَي ما حَبَسَكَ ومَنَعَكَ. قيل: وبه سُمِّيَتْ صَلاةُ العَصْرِ لأَنّها تُعْصَر أَي تُحْبَسُ⁣(⁣٥) عن الأُولَى. والعَصْرُ: الرَّهْطُ والعَشيرَةُ، يقال: تَوَلَّى عَصْرُك، أَي رَهْطُك وعَشِيرَتُكُ. وقيل: عَصْرُ الرَّجُلِ: عَصَبَتُه. والعَصْرُ: المَطَرُ من المُعْصِراتِ، وبه فُسِّر بَيْتُ ذِي الرُّمَّة:

  تَبَسَّمُ لَمْحَ⁣(⁣٦) البَرْقِ عن مُتَوَضِّحٍ ... كنَوْر الأَقاحِي شافَ أَلْوانَها العَصْرُ

  والأَكْثَرُ والأَعْرَف في رِوَايَة البيتِ: «شَافَ أَلْونَهَا القَطْر». والعَصْرُ: المَنْعُ والحَبْسُ وكُلّ شيْءٍ مَنَعْتَه فقد عَصَرْتَهُ، ومنه أُخِذَ اعْتصَارُ الصَّدَقَةِ. والعَصْرُ أَيضاً: العَطِيَّةُ. عَصَرَه يَعْصِرُهُ، بالكَسْر: أَعْطَاهُ، فهُما من الأَضْداد؛ صَرَّحَ به ابنُ القَطّاع في كتاب التهذيب، وأَغْفَلَه المُصَنِّف. وقال طَرَفَةُ:

  لَوْ كانَ في أَمْلاكِنَا أَحَدٌ ... يَعْصِرُ فينا كالَّذِي تَعْصِرْ⁣(⁣٧)

  وقال أَبو عُبَيْد: مَعْنَاه يَتَّخِذُ فينا الأَياديَ. وقال غيرُه: أَي يُعْطِينا كالذي تُعْطِي. وكان أَبو سَعِيد يَرْوِيه: «يُعْصَر فينا كالذي يُعْصَر⁣(⁣٨)، أَي يُصابُ منه، وأَنْكَرَ تَعْصِر.

  والعَصَرُ، بالتَّحْريك: المَلْجَأُ والمَنْجَاةُ، قاله أَبو عُبَيْدة. وقال الدِّينَوَرِيّ: وكُلُّ حِصْنٍ يُتَحَصَّن به فهو عَصَرٌ، كالعُصْرِ، بالضَّمّ، والمُعَصَّر، كمُعَظَّم، والعُصْرَةِ والمُعْتَصَرِ. قال لَبِيدُ:

  فَبَاتَ وأَسْرَى القَوْمُ آخِرَ لَيْلِهمْ ... وما كانَ وَقَّافاً بِدَارِ مُعَصَّرِ


(١) الآية الأولى من سورة العصر.

(٢) الجمهرة ٢/ ٣٥٤.

(٣) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله: وقال الصاغاني، وذكر قبله:

ألين إذا اشتد الغريم وألتوى ... إذا لان حتى يدرك الدَّين قابلي

(٤) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله: وفي الحديث: حافظ الخ قد مرّ قريباً فالأولى حذفه».

(٥) تعصر ... تحبس ضبطت بالبناء للمجهول عن التهذيب وضبطت في اللسان بالبناء للمعلوم.

(٦) في التهذيب: لمع.

(٧) البيت من قصيدة في ديوانه ساكنة الروي.

(٨) عن اللسان، بالأصل «تعصر».