تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل العين مع الراء

صفحة 231 - الجزء 7

  وقال أَبُو زُبَيْد⁣(⁣١):

  صادِياً يَسْتَغِيثُ غَيْرَ مُغَاثٍ ... ولَقَدْ كَانَ عُصْرَةَ المَنْجُودِ

  أَي كانَ مَلْجَأَ المَكْرُوبِ، وهو مَجاز. الأَخيران⁣(⁣٢) ذَكَرَهُمَا الصاغانيّ في التكملة. وفي اللسان: قال ابنُ أَحْمَرَ:

  يَدْعُونَ جارَهُمُ وذِمَّتَهُ ... عَلَهاً وما يَدْعُونَ منْ فالعُصْر

  أَراد: منْ عُصُر، فخفّف، وهو المَلْجَأْ. قلتُ: فالعُصْر الذي ذكره المُصَنِّف تَبَعاً للصاغانيّ إِنّما هو مُخَفَّف من عُصُر، بضَمَّتين، فتأَمَّل.

  والعَصَرُ: الغُبَارُ الشَّديدُ، كالعَصَرَة، والعِصَارِ، ككِتَابٍ.

  وأَعْصَرَ الرَّجُلُ: دَخَلَ في العَصْرِ. وأَعْصَرَ أَيضاً: كأَقْصَرَ. ومن المَجاز: أَعْصَرَت المَرْأَةُ: بَلَغَتْ عَصْرَ شَبابِها وأَدْرَكَتْ، وقِيل: أَوّلَ ما أَدْرَكَتْ وحاضَتْ، يقال: أَعْصَرَتْ، كأَنَّهَا دَخَلَتْ، عَصْرَ شَبابِها. قال مَنْصُورُ⁣(⁣٣) بن مَرْثَدِ الأَسَدِيّ، كما في اللِّسَان، ويقال لمَنْظُور بنِ حَبَّةَ، كما في التَّكْمِلَة.

  جَارِيَةٌ بسَفَوانَ دارُها ... تَمْشِي الهُوَيْنَا ساقطاً إِزارُها

  قد أَعْصَرَتْ⁣(⁣٤) أَوْ قَدْ دَنَا إِعصارُهَا

  أَو أَعْصَرتْ: دَخَلَتْ في الحَيْضِ، أَو قَارَبَت الحَيْضَ، لأَنّ الإِعْصَارَ في الجَاريَة كالمُرَاهَقَة في الغُلام، رُوِيَ ذلك عن أَبي الغَوْثِ الأَعرابِيّ، أَو أَعْصَرت: رَاهَقَتْ العِشْرِينَ، أَو هي التي قد وُلِدَت وهذه أَزَدِيَّةِ أَو هي الّتي حُبِسَتْ في البَيْت، يُجْعَلُ لها عَصَراً سَاعَة طَمِثَتْ، أَي حاضَتْ، كعَصَّرَتْ، في الكُلِّ، تَعْصيراً، هكذا هو مَضْبُوطٌ في سائر النُّسَخ، وفي نُسْخَة التَّهْذيب لابن القَطَّاع: وأَعْصَرَت الجارِيَةُ: بَلَغَتْ، وعَصَرَتْ لُغَةٌ فيه، هكذا هو مَضْبُوطٌ بالتَّخْفيف. وهي مُعْصِرٌ، وقال ابنُ دُرَيْد: مُعْصِرَةٌ، بالهاءِ، وأَنشد قَوْلَ مَنْظُورِ بن حَبَّة السابق:

  مُعْصِرَةٌ أَوْقَدْ دَنَا إِعْصَارُها

  قال الصاغانيّ: وفي رَجَزِه: «قد أَعْصَرَت». ج مَعاصِرُ ومَعَاصِيرُ وقيل: سُمِّيَت المُعْصِر لانْعِصارِ دَمِ حَيْضِها ونُزُولِ ماءِ تَريبتَها للجِمَاعِ ويقال: أَعْصَرَت الجاريَةُ وأَشْهَدتْ وتَوَضَّأَتْ، إِذا أَدْرَكَتْ. قال اللَّيْث: ويُقال للجارِيَة إِذا حَرُمَتْ عليها الصَّلاةُ ورَأَتْ في نَفْسَها زِيَادَةَ الشَّبابِ: قد أَعْصَرَتْ، فهي مُعْصِرٌ: بَلَغَتْ عُصْرَةَ شَبَابِها وإِدْراكِها، ويُقَال: بَلَغَت عَصْرَهَا وعُصُورَهَا، وأَنشد:

  وفَنَّقَها المَرَاضِعُ والعُصُورُ

  وفي حديثِ ابن عَبّاس: «كانَ إِذا قَدِمَ دِحْيَةُ لم يَبْقَ مُعْصِرٌ إِلّا خَرَجَتْ تَنْظُرُ إِليه من حُسْنه». قال ابن الأَثير: المُعْصِرُ: الجارِيَةُ أَوّلَ ما تَحِيضُ لانْعِصَارِ رَحِمِها. وإِنّمَا خَصّ المُعصِرَ بالذِّكْر للمُبَالَغَةِ في خُرُوج غَيْرِهَا من النِّسَاءِ.

  وعَصَرَ العِنَبَ ونَحْوَهُ ممّا له دُهْنٌ أَو شَرابٌ أَو عَسَلٌ يَعْصِرُه، بالكسر، عَصْراً، فهو مَعْصُورٌ وعَصِيرٌ، واعْتَصَرَهُ: اسْتَخْرَج ما فيه. أَو عَصَرَهُ: وَلِيَ عَصْرَ ذلك بنَفْسِهِ، كعَصَّره تَعْصِيراً، أَيضاً، كما نقله الصاغانيّ.

  واعْتَصَره، إِذا عُصِرَ له خاصّةً. واعْتَصَرَ عَصِيراً: اتَّخَذَهُ. وقد انْعَصَر وتَعصَّرَ.

  وعُصَارَتُه، أَي الشَّيْءِ، بالضّمّ وعُصَارُهُ، بغير هاءٍ، وعَصيرُه: ما تحلَّبَ منه إِذا عَصَرْتَه، قال الشاعر:

  كأَنَّ العَذَارَى قَدْ خَلَطْنَ لِلمَّتِي ... عُصَارَةَ حِنّاءٍ مَعاً وصَبيبِ

  وقال آخَرُ:

  حَتَّى إِذَا ما أَنْضَجَتْهُ شَمْسُه ... وأَنَى فَلَيْسَ عُصَارُه كعُصَارِ

  وكُلّ شَيْءٍ عُصِرَ ماؤُه فهو عَصِيرٌ، قال الراجز:

  وصارَ باقي الجُزءِ⁣(⁣٥) من عَصيرِهِ ... إِلى سَرَارِ الأَرْضِ أَو قُعُورِهِ


(١) عن التهذيب، وبالأصل «أبو زيد».

(٢) بالأصل «الأخيرين».

(٣) كذا والصواب «منظور» كما في الجمهرة ٢/ ٣٥٤ ومعجم الشعراء.

(٤) في الجمهرة: معصرة أو قددنا إعصارها.

(٥) بالأصل: «وصار ما في الخبز من عصيره» وما أثبت عن التهذيب، قال: يعني بالعصير الجزء وما بقي من الرطب في بطون الأرض ويبس ما سواه.