تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل العين مع الراء

صفحة 273 - الجزء 7

  الَّذِي في الحَدَقَةِ. ويقالُ: بِعَيْنِه عُوّارٌ، أَي قَذًى. وجَمْعُ العُوّارِ عَوَاوِيرُ، وقد جاءَ في قَوْل الشاعِرِ بَحذْفِ الياءِ ضَرُورَةً:

  وكَحَّلَ العْنَيْنِ بالعَوَاوِرِ⁣(⁣١)

  ورَوَى الأَزهرِيُّ عن اليَزِيدِيّ: بَعِيْنِه ساهِكٌ وعائِرٌ، وهُمَا من الرَّمَدِ. وقال اللَّيْث: العائرُ: غَمَصَة تَمُضُّ العَيْنَ كأَنَّمَا وَقَع فيها قَذًى، وهو العُوّارُ. قال: وعَيْنٌ عائِرَةٌ: ذاتُ عُوّارٍ، ولا يُقَال في هذا المعنَى: عارَتْ، إِنّمَا يُقَال: عارَتْ إِذا عَوِرَتْ وقِيل: العائرُ: بَثْرٌ يكون في الجَفْنِ الأَسْفَلِ من العَيْنِ، وهو اسمٌ لا مَصْدَر، بمَنْزِلَة الفالِج والناعر والباطِل، وليس اسمَ فاعلِ ولا جارِياً على مُعْتَلٍّ، وهو كما تِاه مُعْتَلّ. والعائِرُ من السِّهام: ما لا يُدْرَى رامِيهِ وكذا من الحَجَارَة. ومن ذلك الحدِيث: «أَنَّ رَجُلاً أصابَهُ سَهْمٌ عائِرٌ فقَتَلَه» والجمع العَوَائِرُ، وأَنشد أبو عُبَيْدٍ:

  أَخْشَى عَلَى وَجْهِكَ يا أَمِيرُ ... عَوائِراً من جَنْدَلٍ تَعِيرُ

  وفي التَّهْذِيب في ترجمة «نسأ»: وأَنشد لمالِكِ بن زُغْبَةَ الباهِلِيّ:

  إِذا انْتَسَؤُوا فَوْتَ الرَّمَاحِ أَتَتْهُمُ ... عَوَائِرُ نَبْلٍ كالجَرادِ نُطِيرُها

  قال ابنُ برّيّ: عَوائرُ نَبْلٍ، أَي جَماعَةُ سِهامٍ مُتَفَرِّقَة لا يُدْرَى من أَيْنَ أَتَتْ.

  وعائِرُ العَيْنِ: ما يَمْلَؤُها من المالِ حتَّى يَكادَ يَعُورُها.

  يُقَال: عَلَيْه من المالِ عائِرَةُ عَيْنِيْنِ، وعَيِّرةُ عَيْنَيْن، بتَشْدِيدِ.

  الياءِ المَكْسُورة، كِلاهُما عن اللّحْيَانيّ، أَي كَثْرةٌ تَمْلَأُ بَصَرَهُ. قال مرّة: أَي ما يَكادُ مِنْ كَثْرَتِه يَفْقأُ عَيْنَيْهِ. وقال الزمخشريّ: أَي بما يَملَؤُهما ويَكادُ يُعَوَّرهُما. وقال أَبو عُبَيْد: يُقَال للرَّجُل إِذا كَثُرَ مالُه: تَرِدُ على فُلان عائِرَةُ عَيْنٍ، وعائِرَةُ عَيْنَيْن، أَي تَرِد عليه إِبِلٌ كثيرةٌ كأَنّهَا من كثْرتها تَمْلأُ العَيْنَيْن حتَّى تكادَ تَعُورُها، أَي تَفْقَؤُها⁣(⁣٢). وقال أَبو العبّاس: معناه أَنّه مِنْ كَثْرَتها تَعِير فيها العَيْن. وقال الأَصمعيّ: أَصْلُ ذلك أَنّ الرَّجلَ من العَرَبِ في الجاهلية كان إِذا بَلَغ إِبلُه أَلْفاً عارَ عَيْنَ بَعِير منها، فأَرادُوا بعائرَةِ العَيْنِ أَلْفاً من الإِبِل تُعَوَّرُ⁣(⁣٣) عَيْنُ واحِدٍ منها. قال الجَوْهَرِيّ: وعنده من المالِ عائِرَةُ عَيْنٍ، أَي يَحارُ فيه البَصَر من كَثْرِتِه كأَنّه يَمْلأُ العَيْن فيَعُورُها⁣(⁣٤). وفي الأَساسِ مِثْلُ ما قاله الأَصمعيّ.

  والعُوَارُ، مُثلَّثَةً، الفَتْحُ والضَّمُّ ذَكَرَهُما ابنُ الأَثير: العَيْبُ يقال سِلْعَةٌ ذاتُ عَوَار، أَي عَيْبٍ، وبه فُسِّر حَدِيثُ الزَّكاة: «لا يُؤْخَذُ في الصَّدَقَةِ هَرِمَةٌ ولا ذاتُ عَوَارٍ».

  والعَوَار⁣(⁣٥) أَيضاً: الخَرْقُ والشَّقُّ في الثَّوْبِ والبَيْتِ ونَحْوِهما. وقيل: هو عَيْبٌ فِيهِ - فلم يُعَيِّنْ ذلك - قال ذو الرُّمةِ:

  تُبَيِّنُ نِسْبَةَ المَرَئِيّ⁣(⁣٦) لُؤْماً ... كما بَيَّنْتَ في الأَدَمِ العَوَارَا

  والعُوّارُ، كرُمّانٍ: ضَرْبٌ من الخَطاطِيفِ أَسْوَدُ طَوِيلُ الجَنَاحَيْن. وعَمَّ الجَوْهَرِيُّ فقال: هو الخُطّافُ، ويُنْشَد:

  كما⁣(⁣٧) انْقَضَّ تَحْتَ الصِّيقِ عُوّارُ

  الصِّيقُ: الغُبَار.

  والعُوّار: اللَّحْم الذي يُنْزَع من العَيْنِ بَعدَ ما يُذَرّ عَلَيْه الذَّرُور، وهُوَ من العُوّار، بمَعْنَى الرَّمَصِ الّذِي في الحَدَقَةِ كالعَائِر، والجَمْعُ عَوَاوِيرُ، وقد تَقَدّم. والعُوّار: الَّذِي لا بَصَرَ لَهُ في الطَرِيقِ ولا هِدايَةَ، وهو لا يَدُلُّ ولا يَنْدَلّ، كالأَعْوَر؛ قاله الصاغانيّ. وفي بعض النُّسخ: «بالطّرِيق»، ومِثْلُه في التّكْمِلَة. ولو قال عِنْدَ ذِكْر معانِي الأَعْوَرِ: «والدَّلِيل السَيِّئُ الدَّلالَة كالعُوّار» كان أَخْصَرَ. والعُوّارُ: الضَّعِيفُ الجَبَانُ السَّرِيعُ الفِرَارِ، كالأَعْوَرِ بعد قوله:

  «الضَّعِيفُ الجَبَانُ» فقال: «كالعُوَّار» كان أَخْصَرَ. ج عَواوِيرُ قال الأَعْشَى:

  غَيْرُ مِيلٍ ولا عَواوِيرَ في الهَيْ ... جا ولا عُزَّلٍ ولا أَكْفَالِ


(١) حذف الياء من «العواوير» للضرورة ولم يهمز لأن الياء في نية الثبات، فكما كان لا يهمزها والياء ثابتة كذلك لم يهمزها والياء في نية الثبات.

(٢) كذا بالأصل والتهذيب، وفي اللسان: تكاد تعورهما، أي تفقؤهما.

(٣) ضبطت في التهذيب واللسان: تَعُورُ.

(٤) في الصحاح: فيكاد يعورها.

(٥) بالأصل «العور» وما أثبت عن التهذيب.

(٦) عن التهذيب والديوان، وبالأصل «المزني».

(٧) في الصحاح: «كأنما».