فصل العين مع الراء
  وابْنةُ مِعْيَرٍ، كمِنْبَرٍ: الدّاهِيَةُ والشِّدَّةُ يُقَال: لَقِيتُ مِنْهُ ابْنَةَ مِعْيَرٍ. وبَناتِ مِعْيَرٍ، أَي الدَّوَاهِي والشَّدَائد.
  وأَبُو مَحْذُورَةَ أَوْسُ وقِيلَ(١): سَمُرَةُ بنُ مِعْيَر بنِ لَوْذانَ بنِ رَبِيعَةَ بن عُوَيجِ(٢) بنِ سَعْدِ بن جُمَحَ الجُمَحِيّ القُرَشِيُّ: الأَوّل قَوْلُ الزُّبَيْرِ بنِ بَكّار وعَمّه، وإِليه ذَهَبَ ابنُ الكَلْبِيّ، صَحَابِيّ، وهو مُؤذِّنُ النَّبِيّ ﷺ، وحَدِيثُه في التِّرمذيّ. وقد أَشارَ له المُصَنّف أَيضا في «ح ذ ر». قلتُ: وأَخُوهُ أُنَيْسُ بنُ مِعْيَرٍ، قُتِلَ يَوْمَ بَدْر كافِراً؛ قاله ابنُ الكَلْبِيّ.
  والمِعَارُ، بالكسر: الفَرَسُ الّذِي يَحِيدُ عن الطَّرِيق بِراكِبِه، كما يُقَالُ: حادَ عن الطَّرِيق. قال الأَزهريُّ: مِفْعَلٌ مِنْ عارَ يَعِيرُ، كأَنَّهُ في الأَصلِ مِعْيَر فقِيلَ مِعَارٌ، ومنه قَوْلُ بِشْرِ بن أَبي خازِم، كما أَنْشَدَه المُؤَرّج، هكذا بالخاءِ المُعْجَمَةِ كما ضَبَطَه الصاغانيّ لا الطِّرِمّاح، وغَلِط الجوهَرِيُّ. قال شَيْخُنَا: لا غَلَط، فإِنّ هذا الشَّطْرَ وُجِدَ في كَلامِ الطِّرِمّاح وفي كَلام بِشْر، كما قاله رُوَاةُ أَشعارِ العَرَب.
  فكُلٌّ نَسَبَهُ كما رَوَاه أَو وَجَدَهُ. فالتَّغْلِيطُ بمِثْلِه دُونَ إِحَاطَةٍ ولا اسْتِقْراءٍ تامِّ هو الغَلَطُ، كما لا يَخْفَى. ووُقُوعُ الحافرِ على الحافرِ في كلَامِهِم لا يَكَادُ يُفَارِقُ أَكْثَرَ أَكابِرِهم ولا سِيَّما إِذا تَقَارَبَت القَرَائِحُ. انتهى:
  وجَدْنا في كِتَابِ بَنِي تَمِيمٍ ... أَحَقُّ الخَيْلِ بالرَّكْضِ المِعَارُ(٣)
  وقد يُنْشَد: «بَنِي نُمَيْر» أَيضاً(٤).
  وقال الصاغانيّ: البَيْتُ لِبِشْرِ بن أَبي خازِمٍ، وهُوَ مَوْجُودٌ في شِعْرِ بِشْرٍ دُونَ الطرِمّاح. وقال ابنُ بَرّيّ: وهذا البَيْتُ يُرْوَى لِبِشْرِ بن أَبي خازمٍ. قال أَبو عُبَيْدَةَ: والنَّاسُ يَرْوُونَه: المُعَارُ، بضَمّ المِيمِ، من العارِيَّة، هكَذَا في الأُصُول الصَّحِيحَة «يَرْوُونَه» بالواوين من الرِّواية. وقال القَرَافِيّ: «يَرَوُونه» من الرُؤْيَة، أَي يَعْتَقِدُونَه، بالخَطَإِ في الاعْتِقَادِ لا الضِّمّ. قال شَيْخُنَا: وفيه مُخالَفَةٌ ظاهِرَةٌ لِصَنِيع المُصَنّف، كما لا يَخْفَى. قلتُ: ومِثْلُ ما قَال القَرَافِيُّ مَوْجُودٌ في نُسَخِ الصّحاح، ويَدُلّ عَلَى ذلك قَوْلُه فيما بَعْد: وهُوَ خَطَأٌ. أَي اعتِقَادُهُم أَنَّه من العَارِيَّةِ لا الضَّمّ، فتَأَمَّل. هكذا تَحْقِيقُ هذا المَقَامِ على ما ذَهَب إِليه القرافيُّ. والصَّوَابُ أَنَّ الخَطَأَ في الضَّمّ، وفي الاعْتِقَادِ أَنَّهُ من العارِيَّةِ، على ما ذَهَب إِليه الجوهريّ. وقد أَشارَ بذلك الرَّدّ على مِنْ يَقُولُ إِنّه بالضَّمّ من العارِيَّة، وهو قولُ ابنِ الأعرابيّ وَحْدَهُ. وذَكَرَه ابنُ بَرّيّ أَيضاً وقال: لأَن المُعَارَ يُهَانُ بالابْتِذالِ ولا يُشْفَقُ عَلَيْه شَفَقَةَ صاحبِهِ. وقِيل: المُعَارُ هنا: المُسَمَّن من الخَيْلِ، مِنْ أَعَارَه يُعِيرُه، إِذَا أَسْمَنَهُ. ومِنْهُم من قال: المُعارُ هُنا: المَنْتُوفُ الذَّنَبِ، من أَعَارَهُ وأَعْرَاهُ، إِذا هَلَبْتَ ذَنَبَهُ؛ قالَهُمَا ابنُ القَطّاع وغَيْرُه. وقيل: المُعارُ: المُضَمَّر المُقَدَّح. ومَعْنَى أَعِيرُوا خَيْلَكم، أَي ضَمِّرُوها بتَرْدِيدها، من عارَ يَعِيرُ، إِذا ذَهَبَ وجاءَ. فهي أَقوالٌ أَرْبَعَةٌ غيرَ الّذِي ذَكَرَه الجوهَريّ، أَشارَ بالرَدِّ على واحِدٍ منها، وهو قولُ ابنِ الأَعْرَابِيّ وهُنَاكَ رَوَايَةٌ غَرِيَبةٌ تَفرَّد بها أَبو سَعِيدٍ الضَّرِيرُ، فرَوَى «المُغارُ»، بالغَيْن المُعْجَمَة، وقال: مَعْنَاه المُضَمَّرُ؛ كذا نَقَلَه شَيْخُنَا من «أَحَاسِن الكَلامِ ومَحَاسِن الكِرام في أَمْثَالِ العَرَب» لأَبِي النُّعْمَان بِشْرِ بنِ أَبي بَكْرٍ الجَعْفَرِيّ التّبْرِيزِيّ. قال: وقد خَلَتْ عنها الدَّوِاوينُ، فهو نَقْلٌ غرِيبٌ عن غَرِيب. قلتُ: ليس بِغَرِيبٍ، فقد ذَكَرَه اللَّيْثُ في «غ ور» حيث قال: والمُغارُ من الفَرَسِ: الشَّدِيدُ المَفَاصِل. وقال الأَزهريّ مَعْنَاه شِدَّةُ الأَسْرِ، أَي كأَنَّه فُتِلَ فَتْلاً. ومِثْلُه قولُهم: حَبْلٌ مُغارٌ، إِلّا أَنّهم لَمْ يُفَسِّروا به البيتَ. وَسَيَأْتِي الكلامُ عليه في «غ ور».
  ويُقَالُ: عَيَّرَ الدَّنانِيرَ: وَزَنَهَا واحِداً بَعْدَ واحِدٍ، وكذا إِذا أَلْقَاهَا دِينَاراً دِيناراً فوازَنَ به دِينَاراً، يقال هذا في الكَيْلِ والوَزْنِ. قال الأَزهريّ: فَرَّقَ اللَّيْثُ بين عايَرْتُ وعَيَّرْتُ، فجَعَل عايَرْتُ في المِكْيَالِ، وعَيَّرْتُ في المِيزانِ. قلتُ: وإِيّاه تَبعَ المُصَنِّف، ففَرَّقَ بينهما بالذِّكْرِ في المادَّتَيْن، فذَكَرَ المُعَايَرةَ في «ع ور» والتَّعْيِيرُ هُنا.
  وعَيَّرَ الماءُ، إِذا طَحْلَبَ نقله الصَّاغانيّ. قلتُ: والأَشْبَهُ أَنْ يكونَ «أَغْثَرَ الماءُ» بالأَلف والغَيْنِ المعجمة والمُثَلَّثَةِ، كما سيأْتي.
(١) في القاموس: «أوس أو سمرة» انظر مختلف الأقوال في اسمه في أسد الغابة (أبو محذورة ج ٥/ ٢٩٢).
(٢) في أسد الغابة: عريج.
(٣) موقع هذه العبارة بالأصل بين شطري البيت، وقد أخرناها إلى هنا لتنظيم بيت الشعر.
(٤) بهذه الرواية نسب لبشر بن أبي خازم، ورُوي:
أعيروا خيلكم ثم اركبوها ... أحف الخيل بالركض المعار