فصل الغين المعجمة مع الراء
  «أَنّ قادِماً قَدم عَلَى النَّبِيّ ﷺ، فَسَأَلَه عن خِصْبِ البِلاد.
  فحَدَّث أَنَّ سَحابَةً وَقَعَتْ فاخْضَرَّت لها الأَرْضُ، وفيها غُدُرٌ تَنَاخَسُ، والصَّيْدُ قد ضَوَى إِلَيْهَا» قال شَمِرٌ: قولُه: غُدُرٌ تَناخَسُ، أَي يَصُبُّ بعضُهَا في إِثْرِ بَعْض.
  ومن المَجَازِ الغَدِيرُ: السَّيْفُ، على التَّشْبِيه، كما يقال له اللُّجّ.
  والغَدِيرُ: اسمُ رَجُل، هكذا ذَكَرُوه. قلتُ: وهو اسْمُ والِدِ بَشامَةَ الشاعِر، من بَنِي غَيْظِ بنِ مُرَّةَ بنِ عَوْفِ بنِ سَعْدِ بنِ ذُبْيَانَ(١)، ووالدُ عَلِيٍّ الشاعر مِنْ بَنِي ثَعْلَبَةَ بنِ سَعْدِ بنِ عَوْفِ بنِ كَعْبِ بنِ جِلّانَ ابن غَنْمِ بنِ غَنِيٍّ(٢).
  وغَدِيرٌ(٣): وادٍ بدِيار مُضَرَ، نَقَلَه الصاغانيّ.
  والغَدِيرُ والغدِيرَة، بهاءٍ: القِطْعَة من النَّبَات، على التَّشْبيه أَيضاً، ج غُدْرانٌ، بالضمّ لا غير.
  والغَدِيرَةُ: الذُّؤَابَةُ، قال اللَّيْث: كلُّ عَقِيصَةٍ غَدِيرَةٌ.
  والغَديرَتانِ: الذُؤابَتانِ اللَّتَان تَسْقُطَان على الصَّدْرِ، ج غَدائِرُ، وقِيل: الغَدَائِرُ لِلنِّساءِ، وهي المَضْفُورَة، والضَّفَائِرُ للرِّجال. وقال امرُؤ القَيس:
  غَدائِرُه مُسْتَشْزَرَاتٌ إِلى العُلَا ... تَضِلُّ العِقَاصُ في مُثَنًّى ومُرْسَلِ
  والغَدِيرَةُ: الرَّغِيدَةُ، عن الفَرّاءِ واغْتَدَر: اتَّخَذَ غَدِيرَةً، إِذا جَعَلَ الدَّقِيقَ في إِنَاءٍ وصَبَّ عَلَيْه اللَّبَن ثمّ رَضَفَه بالرِّضاف. وقال الصّاغانيّ: الغَدِيرَةُ: هي اللَّبَن الحَلِيبُ يُغْلَى ثم يُذَرّ عليه الدَّقِيقُ حَتَّى يَخْتَلِطَ فيَلْعَقَه الغُلَامُ لَعْقاً.
  والغَدِيرَةُ: الناقَةُ تَرَكها الرّاعِي، وقد أَغْدَرَها. قال الراجِز:
  فَقَلَّمَا طارَدَ حَتَّى أَغْدَرَا ... وَسْطَ الغُبَارِ خَرَباً مُجَوَّرَا
  وإِنْ تَخَلّفَتْ عن الإِبِلِ هي بنَفْسها فلَمْ تَلْحَقْ فغَدُورٌ، كصَبُورِ، وفي بعض النُّسخ: فغَدُورَةٌ، بزيادة الهاءِ، والأُولى الصَّواب. وغَدَر، كضَرَبَ: شَرِبَ ماءَ الغَدِيرِ، وهو المُجْتَمِع من السَّيْلِ ومن ماءِ السَّمَاءِ. وكفَرِحَ: شَرِبَ ماءَ السَّمَاءِ، هكذا في سائر النُّسَخ والأُصول المُصَحَّحَة(٤)، وفي التَّهْذِيب: قال المُؤَرّج: غَدَرَ الرَّجُلُ يَغْدِرُ غَدْراً، إِذا شَرِبَ من ماءِ الغَدِيرِ.
  قال الأَزهريّ: والقِيَاسُ غَدِرَ يَغْدَرُ، بَهذا المَعْنَى، لا غَدَر، مِثْل كَرِعَ، إِذا شَرِبَ الكَرَع، وهكذا نقله الصاغانيّ، ولكنّه زاد بعد قوله: الكَرَع: وهو ماءُ السَّمَاءِ. قلتُ: فقولُه: وهو ماءُ السماءِ، راجعٌ إِلى الكَرَع، لا أَنَّه معنى غَدِرَ كفَرِحَ.
  وظَنّ المصنّف أَنّه من جُمْلَة مَعانِي غَدِرَ، وهو وَهَمٌ صَرِيحٌ.
  ثم إِنّه فَرَّقَ بَيْنَ ماءِ الغَدِير وماءِ السَّماءِ، مع أَنَّ الغَدِيرَ هو مُسْتَنْقَع ماءِ السماءِ، كما تَقَدَّم عن اللَّيث، وهذا غَرِيبٌ مع أَنّ الأَزهريّ أَزالَ الإِشْكَالَ بقوله: بهذا المَعْنَى. فَتَأَمَّل، ولا تَغْتَرّ بقول المُصَنّف، فقد عَرَفْتَ مِنْ أَيْنَ أَخَذ؟ وكيف أَخَذَ؟ واللهُ يَعْفُو عَنّا وعَنْه.
  وغَدِرَ اللَّيْلُ، كفَرِحَ، يَغْدَرُ غَدَراً، وأَغْدَرَ - ذَكَره ابنُ القَطّاع، ومثْلهُ في اللسان. فالعَجَبُ من المُصَنّف كَيْفَ تَرَكَه -: أَظْلَمَ أَو اشْتَدَّ ظَلامُه، كما قاله ابنُ القَطّاع فهِيَ(٥) أَي اللَّيْلَة غَدِرَة، كفَرِحَة يُقَال: لَيْلَةٌ غَدِرَة بَيِّنَةُ الغَدَر، ومُغْدِرَة، كمُحْسِنَةٍ: شَدِيدَةُ الظُّلْمَةِ تَحْبِسُ الناسَ في مَنَازِلِهم وكِنِّهم فيَغْدِرُون، أَي يَتَخَلَّفُون. وفي الحديث: «مَنْ صَلَّى العِشَاءَ في جَمَاعةٍ في اللَّيْلَة المُغْدِرَة فقد أَوْجَبَ». وقيل إِنَّمَا سُمِّيَتْ مُغْدِرَةً لِطَرْحها مَنْ يَخْرُج فيها في الغَدَرِ، وهي الجِرَفَة. وفي حَدِيث كَعْبٍ: «لَوْ أَنَّ امْرَأَةً من الحُورِ العِينِ اطَّلَعَتْ إِلى الأَرْضِ في لَيْلَةٍ ظَلْمَاءَ مُغْدِرَةٍ لأَضاءَتْ ما عَلَى الأَرْض».
  وغَدِرَتِ الناقَةُ عن الإِبِلِ غَدَراً: تَخلَّفَتْ عن اللُّحُوق، وكذا الشاةُ عن الغَنَمِ. ولو ذكره عند قَوْله: «وإِنْ تَخَلَّفَتْ هي فغَدُورٌ» وقال: وقد غَدِرَتْ، بالكَسْرِ، كان أَخْصَرَ.
  وغَدِرَت الغَنَمُ غَدَراً: شَبِعَتْ في المَرْتَع. وفي المحكم: في المَرْجِ في أَوَّلِ نَبْتِه.
  وغَدِرَتِ الأَرضُ: كَثُر بها الغَدَرُ، فهِيَ غَدْرَاءُ؛ قاله ابنُ القَطَّاع.
(١) انظر المؤتلف والمختلف للآمدي ص ٦٦ الخلاف في نسبه.
(٢) انظر المؤتلف والمختلف للآمدي ص ١٦٤.
(٣) قيده في معجم البلدان بالتصغير.
(٤) في التكملة: غَدَرَ الرجلُ يَغْدِر غَدْراً مثال صَبَر يَصْبِرُ صَبْراً أَي شرب ماء الغدير.
(٥) على هامش القاموس عن نسخة أخرى «وهي».