[غرر]:
  الإِنْسَانَ على مَحابِّه ووَراءَ ذلك ما يَسُوءُه، كَفَانَا اللهُ فِتْنَتَه.
  وقِيل: إِنّ الشَّيْطَانَ أَقْوَى الغارِّين وأَخْبَثُهُم.
  وقال الزَّجّاج: ويَجُوزُ أَنْ يكُونَ الغُرُور بالضَّمّ، وقال في تَفْسِيره: الغُرُور: الأَباطِيلُ، كأَنَّهَا جمع «غَرّ» مصدر غَرَرْتُهُ غَرًّا. قال الأَزهريّ: وهو أَحسنُ من أَنْ يُجْعَل [مَصْدَرَ](١) غَرَرْتُ غُرُوراً لأَنَّ المتعدِّيَ من الأَفعال لا تَكادُ تَقع مصادِرُهَا على فُعُولٍ إِلّا شاذًّا. وقد قال الفَرّاءُ: غَرَرْتُه غُرُوراً. وقال أَبو زَيْد: الغُرُورُ: الباطِلُ، وما اغْتَرَرْتَ به من شَيْءٍ فهو غُرُورٌ. وقال الزَّجّاج: ويَجُوزُ أَنْ يكونَ جَمْع غارٍّ، مثل شاهِدٍ وشُهُودٍ، وقاعِدٍ وقُعُودٍ.
  وقَولُهُم: أَنَا غَرِيرُك منه، أَي أُحَذِّرُكَهُ، وقال أَبو نَصْرٍ في كتابِ الأَجْنَاس: أَي لن يأْتِيَكَ منه ما تَغْتَرُّ به، كأَنَّهُ قال: أَنا القَيِّم لكَ بذلِكَ(٢). وقال أَبو مَنْصُورٍ: كأَنَّهُ قال(٣): أَنا الكَفِيلُ لك بِذلِكَ. وقال أَبو زَيْد في كِتَابِ الأَمْثَال: ومن أَمْثَالِهِم في الخِبْرَةِ والعِلْم: «أَنا غَرِيرُك من هذا الأَمْرِ»(٤)، أَي اغْتَرَّنِي فسَلْني مِنْه على غِرَّة، أَي أَني عالم به فمَتَى سَأَلْتَنِي عنه أَخْبَرْتُك به من غَيْرِ اسْتِعْدَادٍ لذلك ولا رَوِيَّة.
  وقال الأَصمعيّ: هذا المَثَلُ معناهُ أَنَّك لَسْتَ بمَغْرُورٍ منّي لكِنّي أَنا المَغْرُور، وذلِك أَنّه بَلَغَنِي خَبرٌ كان باطِلاً وأَخبرْتُك به، ولم يكُنْ على ما قُلْتُ لك وإِنّمَا أَدَّيْتُ(٥) ما سَمِعْتُ.
  وقال أَبو زَيْدٍ: سمعتُ أَعرابِيًّا يقول لآخَرَ: «أَنا غَرِيرُك مِنْ تَقُولَ ذلك» يقول: مِنْ أَنْ تقولَ ذلك. قال: ومعناه اغْتَرَّنِي فسَلْنِي عن خَبَرِه، فإِنّي عالم به أُخْبِركَ عن أَمْرِه على الحَقّ والصِّدْق. وقال الزمخشريّ بمثل ما قال أَبو زَيْدٍ حيث قال: أَي إِن سَأَلْتَنِي على غِرَّةٍ أُجِبْك به لاسْتِحْكَام عِلمِي بحَقِيقَتِه.
  وغَرَّرَ بِنَفْسِه وكذلك بالمالِ تَغْرِيراً وتَغِرَّةً، كتَحِلَّة وتَعِلَّة: عَرَّضَها لِلْهَلَكَةِ من غير أَنْ يَعْرِفَ، والاسْمُ الغَرَر، مُحَرَّكةً، وهو الخَطَرُ، ومنه الحديثُ: «نَهَى رَسُولُ الله صلَّى الله تعالَى عليه وسَلَّم عن بَيْعِ الغَرَر»، وهو مِثْلُ بَيْعِ السَّمَك في المَاءِ، والطَّيْرِ في الهَوَاءِ. وقِيلَ: هو ما كانَ له ظاهرٌ يَغُرّ المُشْتَرِيَ، وباطِنٌ مَجْهُول. وقِيل: هو أَنْ يكونَ على غَيْرِ عُهْدَةٍ ولا ثِقَةٍ. قال الأَزهريّ: ويَدْخُل في بَيْع الغَرَرِ البُيُوعُ المَجْهُولَة الّتي لا يُحِيطُ بكُنْهِها المُتبايِعانِ حَتَّى تَكُونَ مَعْلُومَةً.
  وغَرَّرَ القِرْبَةَ: مَلأَها، قاله الصاغانِيّ، وكذا غَرَّرَ السِّقاءَ. قال حُمَيْد:
  وغَرَّرَهُ حَتَّى اسْتَدارَ كَأَنَّهُ ... عَلَى القَرْوِ عُلْفُوفٌ مِنَ التُّرْكِ رَاقِدُ(٦)
  وغَرَّرَتِ الطَّيْرُ: هَمَّتْ بالطَّيَرَانِ ورَفَعَتْ أَجْنِحَتَهَا، مَأْخُوذٌ مِنْ غَرَّرَتْ أَسنانُ الصَّبِيّ، إِذا هَمَّت بالنَّباتِ وخَرَجَت.
  والغُرَّةُ والغُرْغُرَةُ، بضمّهما: بَيَاضٌ في الجَبْهَة، وفي الصحاح: في جَبْهَةِ الفَرَس، وفَرَسٌ أَغَرُّ وغَرّاءُ، قال ابنُ القَطّاع: غَرَّ الفَرَسُ يَغَرُّ غُرَّةً فهو أَغَرُّ. وفي اللّسَان: وقيل: الأَغَرّ من الخَيْلِ: الذي غُرَّتُه أَكْبَرُ من الدِّرْهَم، قد وَسَطَتْ جَبْهَتَه، ولم تُصِب واحِدَةً من العَيْنَيْن، ولم تَمِلْ على واحِدٍ من الخَدَّيْنِ، ولم تَسِلْ سُفْلاً، وهي أَفْشَى من القُرْحَةِ، والقُرْحَة قَدْرُ الدّرْهم فما دُونَه. وقِيلَ: الأَغرّ: ليس بضَرْبٍ واحدٍ بل هو جِنسٌ جامِعٌ لأَنْوَاعٍ من قُرْحَة وشِمْرَاخٍ ونَحْوِهما. وقِيل: الغُرَّةُ إِنْ كانَتْ مُدَوَّرَةً فهي وَتِيرَةٌ، وإِنْ كانت طَوِيلَةً فَهِيَ شادِخَةٌ. قال ابنُ سِيدَه: وعندي أَنّ الغُرَّة نَفْسُ القَدْرِ الذي يَشْغَلُه البَيَاضُ من الوَجْه لا أَنّه البَيَاضُ.
  وقال مُبْتَكِرٌ الأَعرابيّ: يُقَال: بِم غُرِّرَ فَرَسُك؟ فيقولُ صاحِبُه: بشادِخَةٍ أَو بِوَتِيرَةٍ أَو بيَعْسُوبٍ(٧). وقال ابنُ الأَعْرَابيّ: فَرَسٌ أَغَرُّ، وبه غَرَرٌ، وقد غَرَّ يَغَرُّ غَرَراً، وجَمَلٌ أَغَرُّ، وفيه غَرَرٌ وغُرُورٌ.
  والأَغَرُّ: الأَبْيَضُ من كُلّ شيْءٍ وقد غَرَّ وَجْهُهُ يَغَرّ، بالفَتْح، غَرَراً وغُرَّةً: ابْيَضَّ؛ عن ابن الأَعْرَابيّ كما سيأْتي.
(١) زيادة عن التهذيب.
(٢) التهذيب واللسان ونسبا القول إلى الأصمعي.
(٣) التهذيب: كأنه أراد.
(٤) مجمع الميداني ١/ ٣٠.
(٥) التهذيب: أديت إليك كما سمعت.
(٦) في التهذيب واللسان: على الفرو. بالفاء. والعلفوف: الجافي الكثير اللحم والشعر. وورد في الشعر والشعراء لابن قتيبة برواية:
وعزاه حتى أسنداه كأنه ... على القرو علفوف من الترك راقد
(٧) في اللسان: يعسب: واليعسوب غرّة الفرس مستطيلة تنقطع قبل أن تساوي أعلى المنخرين.