تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل الغين المعجمة مع الراء

صفحة 328 - الجزء 7

  وقال امْرُؤ القَيْسِ يَصف الكلابَ والثَّور:

  وغَوَّرْنَ في ظِلِّ الغَضَا وتَرَكْنَه ... كقَرْمِ الهجَانِ الفادِرِ المُتَشَمِّسِ

  وقال ابنُ الأَعْرَابيّ: المُغَوِّر: النازلُ نِصْفَ النَّهَارِ هُنَيْهَةً ثمّ يَرْحَلُ.

  ويُقَال أَيضاً: غَوَّر تَغْويراً، إِذا نامَ فيه، أَي نِصْف النّهَار، كغارَ، ومنه حديثُ السائب، لمّا وَرَد على عُمَرَ ¥ بفَتْح نَهاوَنْدَ، قال: «وَيْحَك: ما وَرَاءَك؟

  فو الله ما بِتُّ هذه اللَّيْلَةَ إِلَّا تَغْويراً» يُريدُ النَّوْمَةَ القَليلَةَ التي تكون عند القائلَةِ. ومَنْ رَواه «تَغْريراً» جَعَلَه من الغِرَار، وهو النَّوْمُ القَلِيلُ. ويُقَال أَيضاً: غَوَّر تَغْوِيراً: سارَ فِيه، قال ابنُ شُمَيْل: التَّغْويرُ: أَنْ يَسِيرَ الراكِبُ إِلى الزَّوَال ثمَّ يَنْزل. وقال اللَّيْثُ: التَّغْوِيرُ: يكُونُ نُزُولاً لِلْقَائِلَةِ، ويكونُ سَيْراً في ذلك الوَقْتِ، والحُجّةُ للنُّزُولِ قَولُ الرّاعِي:

  ونَحْنُ إِلى دُفُوفِ مُغَوِّراتٍ ... نَقِيسُ عَلَى الحَصَى نُطَفاً بَقِينَا⁣(⁣١)

  وقال ذُو الرُّمَّة في التَّغْوير، فجَعَلَه سَيْراً:

  بَرَاهُنَّ تَغْوِيرِي إِذا الآلُ أَرْفَلَتْ ... به الشَّمْسُ أُزْرَ الحَزْوَراتِ العَوانِكِ⁣(⁣٢)

  ورَواهُ أَبو عَمْرو: أَرْقَلَت، أَي حَرَّكَتْ.

  وفَرَسٌ مُغَارٌ: شَديدُ المَفَاصِلِ.

  واسْتَغَارَ الشَّحْمُ فِيه، أَي في الفَرَس: اسْتَطارَ وسَمِنَ؛ وفي كَلام المصنّف نَظَرٌ، إِذْ لم يَذْكُر آنِفاً الفرسَ حتّى يَرْجِعَ إِليه الضَّمِير كما تَراه، وأَحْسَنُ منه قَوْلُ الجوهريّ: اسْتَغارَ أَي سَمِنَ ودَخَل فيه الشَّحْمُ، وهو تفسيرٌ لقَوْلِ الرّاعِي:

  رَعَتْه أَشْهُراً وخَلَا عَلَيْهَا ... فطارَ النِّيُّ فيه واسْتَغارَا⁣(⁣٣)

  ويُرْوَى: فسارَ النِّيُّ فيها، أَي ارْتَفَعَ. واسْتَغارَ، أَي هَبَطَ. وهذا كما يُقَال:

  تَصَوَّبَ الحُسْنُ عَلَيْهَا وارْتَقَى

  قال الأَزهريّ: معنى اسْتَغارَ في بَيْت الراعِي هذا، أَي اشْتَدَّ وصَلُبَ، يعني شَحْمَ الناقَةِ ولَحْمَها إِذا اكْتَنَز، كما يَسْتَغِيرُ الحَبْلُ إِذا أُغِيرَ، أَي اشْتَدَّ فَتْلُه. وقال بعضُهم: اسْتَغارَ شَحْمُ البَعيرِ، إِذا دَخَلَ جَوْفَه. قال: والقَوْلُ الأَوّلُ.

  واسْتَغارَت الجَرْحَةُ والقَرْحَةُ: تَوَرَّمَتْ.

  ومُغِيرَةُ، بضَمٍّ وتُكْسَرُ المِيمُ في لغَةِ بعضِهِم، وليس إِتْبَاعاً لحَرْف الحَلْق كشِعِير وبِعِير كما قِيلَ: اسمٌ⁣(⁣٤).

  ومنهم مُغِيرَةُ بنُ عَمْرِو بنِ الأَخْنَسِ، هكذا في سائر النّسَخ، والمَعْرُوفُ عند المُحَدِّثِينَ أَنَّهُ مُغِيرَةُ بنُ الأَخْنَس بن شَرِيق الثَّقَفِيّ، من بَنِي غِيَرَةَ بنِ عَوْفِ بنِ ثَقِيفٍ، حَليف بَنِي زُهْرَة، قُتِلَ يَوْمَ الدّارِ؛ كذا في أَنْسَاب ابنِ الكَلْبيّ. ومثْلُه معجَم ابن فَهْد، والتَّجْريد للذَّهَبِيّ. وفي بَعْضِ النُّسخ: «وابن الأَخْنَسِ» وهذا يَصِحّ لو أَنَّ هناكَ في الصَّحَابَة مَن اسْمُه مُغِيرَةُ بنُ عَمْرو، فَلْيُتَأَمَّل.

  ومُغيرَةُ بنُ الحارثِ بنِ عبدِ المُطَّلِب، مشهورٌ بكُنْيَتِهِ، سَمّاه جماعةٌ، منهم الزُّبَيْرُ بنُ بَكّار وابنُ الكَلْبِيّ، وقد وَهِمَ ابنُ عبدِ البَرِّ في الاسْتيعابِ هُنَا، فجَعَلَه أَخَا أَبِي سُفْيَانَ، فتَنَبَّهْ.

  وفي الصَّحَابَةِ رَجُلٌ آخَر اسْمُه المُغِيرَةُ بنُ الحارِثِ الحَضْرَمِيُّ.

  ومُغِيرة بنُ سَلْمانَ الخُزاعِيُّ، رَوَى عنه حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ، وحَدِيثُه في سُنَنِ النَّسَائيّ مُرْسَلٌ.

  ومُغِيرَةُ بنُ شُعْبَةَ بن⁣(⁣٥) مَسْعُودِ بنِ مُعتِّب الثَّقَفِيُّ، من بَني مُعَتِّبِ بنِ عَوْف، وهو مَشْهُور.

  ومُغِيرَةُ بنُ نَوْفَل بنِ الحارث بنِ عبدِ المُطَّلِب، له روايَةٌ.

  ومُغِيرَةُ بنُ أَبي ذِئْبٍ هِشَام بنِ شُعْبَةَ القُرَشِيّ العامِرِيّ،


(١) البيت في ديوانه ص ٢٦٧ ومنه أثبتنا عجزه، ففي الأصل:

يقسن على الحصى نطفا لقينا

وانظر في الديوان تخريجه، وفيه أيضاً «لدى» بدل «إلى».

(٢) عن التهذيب، وبالأصل «العواتك» وقوله: أرفلت أي بلغت به الشمس أوساط الحزورات.

(٣) ديوانه ص ١٤٢ وفيه: «فيها» بدل «فيه» وانظر تخريجه في الديوان. وهو من قصيدة يمدح سعيد بن عبد الرحمن بن عتاب بن أسيد.

(٤) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله اسم ومنهم، لو قال: اسم جماعة ومنهم الخ لكان أولى».

(٥) في أسد الغابة: «بن أبي عامر بن مسعود».