فصل القاف مع الراء
  والتَّقْصيرُ: كَيَّةٌ للدَّوَابِّ، واسمُ السِّمَة القِصَارُ، كما تَقَدّم، وهُوَ العِلَاطُ، يقال فيه القَصْرُ والتَّقْصِيرُ، ففي اقْتصارِه على التَّقْصِير نوعٌ من التَّقْصِير، كما لا يَخْفَى على البَصِير.
  وهو ابنُ عَمِّي قَصْرَةً - ويُضَمّ - ومَقْصُورَةً، وقَصِيرَةً، كقولهم: ابنُ عَمِّي دِنْيا ودُنْيا، أَي دانِيَ النَّسَب، وكَانَ ابنَ عَمِّه لَحًّا. وقال اللّحْيَانيّ: تُقَالُ هذه الأَحرُف في ابن العَمَّة وابْن الخالة وابن الخال.
  وتَقَوْصَرَ الرَّجُلُ: دَخَلَ بَعْضُه في بعضٍ، قال الزمخشريُّ: وهو من القَوْصَرة، أَي كَأَنَّهُ صارَ مِثْلَه. وقد تقدّم للمُصَنّف ذِكْرُ تَقَوْصَرَ مع تَقاصَر، تَبَعاً للصغانيّ، وهذا نَصّ عِبَارَتِه: وتَقَوْصَرَ الرَّجُلُ مِثْلُ تَقَاصَر. ولا يَخْفَى أَنّ التَّداخُل غَيْرُ الإِظْهَار. ولو ذَكَرَ المصنّف الكُلَّ في مَحَلٍّ واحِد كانَ أَفْوَد.
  والقَوْصَرَّةُ، بالتَّشْدِيدِ وتُخَفَّف: وِعَاءٌ للتَّمْرِ من قَصَبٍ.
  وقِيلَ: من البَوَارِيّ. وقَيَّد صاحبُ المُغرِب بأَنَّها قَوْصَرّة ما دام بِهَا التَّمْر، ولا تُسَمَّى زَنْبيلاً في عُرْفهم؛ هكذا نقله شَيْخُنَا. قلتُ: وهو المَفْهُوم من عبارة الجَوْهَريّ قال الأَزهريّ: ويُنْسَبُ إِلى عليٍّ كَرَّم الله وَجِهَه:
  أَفْلحَ مَنْ كانَتْ لَهُ قَوْصَرَّهْ ... يَأْكُلُ منها كُلَّ يوْمٍ تَمْرَهْ(١)
  وقال ابنُ دُرَيْدٍ في الجَمْهَرة: لَا أَحْسَبُه عَرَبيًّا، ولا أَدْري صحَّةَ هذا البَيْت. والقَوْصَرّةُ: كنَايَةٌ عن المرْأَة، قال ابنُ الأَعْرَابيّ: والعَرَبُ تَكْنِي عن المَرْأَة بالقَارُورَة والقَوْصَرَّة. قال ابنُ بَرّيّ في شرح البَيْت السابق: وهذا الرَّجَزُ يُنْسب إِلى عليّ ¥، وقالوا: أَرادَ بالقَوْصَرَّةِ المَرْأَةَ، وبالأَكْلِ النِّكَاحَ. قال ابنُ بَرّيّ: وذكر الجوهريّ أَنَّ القَوْصَرَّةَ قد تُخفَّفُ، ولم يَذْكُر عليه شاهِداً.
  قال وذَكَرَ بعضُهم أَنّ شاهِدَه قولُ أَبِي يَعْلَى المُهَلَّبِيّ:
  وسائِلِ الأَعْلَمَ بنَ قَوْصَرَةِ ... مَتَى رَأَى بِي عن العُلَا قصرَا(٢)
  وقَيْصَرُ: لَقَبُ مَنْ مَلَكَ الرُّومَ، ككِسْرَى لَقَبُ مَنْ مَلَك فارِسَ، والنَّجَاشِيّ مَنْ مَلَك الحَبَشَة.
  والأُقَيْصِر، كأُحَيْمِر: صَنَمٌ كان يُعْبَدُ في الجاهِلِيَّة، وأَنشد ابنُ الأَعرابيّ:
  وأَنْصَابُ الأُقَيْصِرِ حِينَ أَضْحَتْ ... تَسِيلُ على مَنَاكِبها الدِّمَاءُ
  وابنُ أُقَيْصِر: رجلٌ كان بَصِيراً بالخيْلِ وسِيَاسَتِه ومَعْرِفَةِ أَمَارَاتِه.
  وقاصِرُونَ: ع، وفي النَّصْبِ والخَفْضِ: قاصِرِينَ، وهو من قَرَى بالِسَ(٣).
  ويُقَال: قَصْرُك أَنْ تَفْعَلَ كذا، بالفَتْح، وقَصَارُك - ويُضمّ - وقُصَيْرَاكَ، مُصَغَّراً مَقْصُوراً، وقُصَارَاكَ، بضمّهما، أَي جُهْدُك وغايَتُك وآخِرُ أَمرِكَ وما اقْتَصَرْت عليه.
  قال الشاعر:
  إِنّمَا أَنْفُسُنا عارِيَّةٌ ... والعَوَارِيُّ قُصَارٌ أَنْ تُرَدّ
  ويُقَالُ: المُتَمَنِّي قُصَارَاهُ الخَيْبَةُ. ورُوِيَ عن عليّ ¥ أَنه كتب إِلى مُعَاوِيَةَ: «غَرَّك عِزُّك، فَصَارَ قَصَارُ ذلِكَ ذُلَّك، فاخْشَ فاحِشَ فِعْلِك، فعَلَّك تَهْدَا بهذا». وهي رسالة تَصْحِيفِيّةٌ غريبةٌ في بابها، وتقدّم جَوابُهَا في «ق د ر» فراجِعه. وأَنشد أَبو زَيْد:
  عِشْ ما بَدا لَكَ قَصْرُك المَوْتُ ... لا مَعْقِلٌ منه ولا فَوْتُ
  بَيْنَا غِنَى بَيْتٍ وبَهْجَتِه ... زالَ الغِنَى وتَقوَّضَ البيتُ
  قال: القَصْرُ: الغايَةُ، وكذلك القَصَارُ، وهو من مَعْنَى القَصْرِ بمعنَى الحَبْسِ، لأَنّك إِذا بَلَغْتَ الغَايَةَ حَبَسَتْك.
  وأَقْصَرَتِ المَرْأَةُ: وَلَدَتْ أَوْلَاداً قِصَاراً وأَطالَتْ، إِذا وَلَدَتْ طِوَالاً. وأَقَصَرَتِ النَّعْجَةُ أَو المعزُ: أَسَنَّتْ، ونصُّ يَعْقُوبَ في الإِصْلاحِ: وأَقْصَرَتِ النَّعْجَةُ والمَعزُ: أَسَنَّتَا حَتَّى تَقْصُرَ أَطرافُ أَسْنَانِهِمَا، فهي مُقْصِرٌ، ونصّ ابن القَطّاع في
(١) في التهذيب والتكملة واللسان والصحاح: «كل يوم مره» وجاء الرجز في التهذيب والتكملة شاهداً على قوله: العرب تكنى عن المرأة بالقارورة والقوصرّة.
(٢) قيل في تفسيره: ابن قوصره هنا يعني المنبوذ، وسيرد قريباً.
(٣) في معجم البلدان: «قاصرين»، وسكت عنه، بلد كان بقرب بالس.