تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل الكاف مع الراء

صفحة 452 - الجزء 7

  كُسْوَة، وماءٌ دافِقٌ، أَي ذُو دَفْقٍ. قال: وفيه قَولٌ آخَرُ: [وهو]⁣(⁣١) أَحْسَنُ ممّا ذَهَب إِليه [الليث]، وذلِكَ أَنَّ الكافِر لمَّا دَعاه الله إِلى تَوْحِيده فقد دَعاه إِلى نعْمَةٍ⁣(⁣٢) وأَحَبَّها له إِذَا أَجابَه إِلى ما دَعاه إِليه، فلمّا أَبَى ما دعَاهُ إِليه من تَوْحيده كان كافِراً نِعْمَةَ الله، أَي مُغَطِّياً لها بإِبَائه، حاجِباً لها عنه.

  وكَفَرَ الشَّىْءَ يَكْفِرُه كَفْراً: سَتَرَه، ككَفَّرَهُ تَكْفِيراً.

  والكَافِرُ: اللَّيْلُ. وفي الصحاح: اللَّيْلُ المُظْلِمُ، لأَنّه يَسْتُر بظُلْمَته كلَّ شيءٍ. وكَفَرَ الليلُ الشيءَ وكَفَرَ عَلَيْه؛ غَطَّاهُ؛ وكَفَرَ الليلُ على أَثَر صاحِبِي: غَطَّاه بسَوَادِه، ولقد استُظْرِفَ البَهَاءُ زُهَيْر حَيْثُ قَالَ:

  لِي فِيكَ أَجْرُ مُجَاهِدٍ ... إِنْ صَحَّ أَنَّ اللَّيْلَ كافِرْ

  والكافِر: البَحْر، لسَتْرِه ما فيه، وقد فُسِّر بهما قَوْلُ ثَعْلَبَة بن صُعَيْرة⁣(⁣٣) المازِنيّ يَصِفُ الظَّلِيمَ والنَّعَامَة ورَوَاحَهما إِلى بَيضهما عند غُروبِ⁣(⁣٤) الشمس:

  فَتَذَكَّرَا ثَقَلاً رَثِيداً بَعْدَ مَا ... أَلْقَت ذُكَاءُ يَمِينَهَا في كَافِرِ

  وذُكاءُ: اسمٌ للشَّمْس، وأَلْقَت يَمينَهَا في كَافر، أَي بَدَأت في المَغِيب. قال الجَوْهَرِيّ: ويحتمل أَن يكونَ أَراد اللَّيْل.

  قُلْت: وقال بعضُهم: عَنَى به البَحْرَ، وهكذا أَنشده الجَوْهَرِيّ. وقال الصّاغَانيُّ: والرِّوَايَةُ «فَتَذَكَّرَت» على التَّأْنِيث، والضَّمِير للنَّعامة، وبعده:

  طَرِفَتْ مَرَاوِدُها وغَرَّدَ سَقْبُها ... بِالآءِ⁣(⁣٥) والحَدَجِ الرِّوَاءِ الحادِرِ

  طَرِفت، أَي تباعدت. قلتُ: وذكر ابنُ السِّكّيتَ أَنّ لَبِيداً سَرَق هذا المَعْنَى فقال:

  حَتّى إِذَا أَلْقَتْ يَداً في كافِرٍ ... وأَجَنَّ عَوْرَاتِ الثُّغُورِ ظَلامُهَا

  قال: ومن ذلك سُمِّيَ الكَافرُ كافِراً لأَنّه سَتَر نِعَمَ الله.

  والكافِرُ الوادِي العَظِيمُ. وقيل الكَافِر: النَّهْر الكَبِير، وبه فَسَّر الجَوْهريُّ قَوْلَ المُتَلَمِّس يذكر طَرْحَ صَحيفَتِه:

  فأَلْقَيْتُها بالثِّنْيِ من جَنْبِ كافرٍ ... كَذلِك أَقْنو كُلَّ قِطٍّ مضَلَّلِ

  والكافِر: السَّحاب المُظْلِمُ لأَنّه يَستُر ما تَحْتَه.

  والكافِر: الزَّارِعُ لسَتْرِه البَذر بالتُّرَابِ. والكُفَّارُ: الزُّرَّاع وتقولُ العربُ للزَّارِع⁣(⁣٦). كافرٌ لأَنّه يَكْفُر البَذْرَ المَبْذُورَ [في الأَرض]⁣(⁣٧) بتُرَاب الأَرْضِ المُثَارَة إِذا أَمَرَّ عليها مَالَقَهُ⁣(⁣٨)، ومنه قولُه تعالَى: {كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفّارَ نَباتُهُ}⁣(⁣٩) أَي أَعْجَب الزُرّاعَ نَباتُه، وإِذا أَعجَبَ الزُّرَّاعَ نَباتُه مع عِلْمِهم به فهو غايةُ ما يُسْتَحْسَن، والغَيْث: المَطَرُ هنا، وقد قيل: الكُفَّارُ في هذه الآية الكُفَّار بالله تعالَى، وهم أَشَدُّ إِعْجاباً بزِينَة الدُّنْيَا وحَرْثِهَا من المُؤْمِنين. والكافِرُ: الدِّرْعُ، نقله الصاغَانيُّ، لسَتْرِهَا ما تحتَها. والكافِر من الأَرْضِ: مَا بَعُد عن الناسِ، لا يَكادُ يَنْزِلُه أَو يَمُرُّ به أَحدٌ، وأَنشد اللَّيْثُ في وصف العُقَابِ والأَرْنَبِ:

  تَبَيَّنَتْ لَمْحَةً من فَزٍّ عكْرِشةٍ ... في كافِرٍ ما بِه أَمْتٌ ولا عِوَجُ

  كالكَفْرِ، بالفَتْح، كما هو مُقْتَضَى إِطلاقه، وضبطه الصّاغَانيُّ بالضَّمِّ هكذا رأَيْتُه مُجَوَّداً والكافِر: الأَرْضُ المُسْتَوِيَةُ، قالَه الصاغَانِيُّ، وقال ابنُ شُمَيْل: الكافر: الغائطُ الوَطِئُ⁣(⁣١٠)، وأَنشد البيتَ السابِقَ وفيه:

  فأَبْصَرَتْ لَمْحَةً من رَأْسِ عِكْرِشَةٍ

  والكافِر: النَّبْتُ، نقله الصاغانيّ.


(١) زيادة عن التهذيب.

(٢) العبارة في التهذيب المطبوع: «نعمة ينعم بها عليه إذا قبلها فلما ردّ ما دعاه إليه من توحيده ..» والمثبت بالأصل يوافق ما نقله اللسان عن الأزهري.

(٣) في التهذيب والصحاح «صُعير» وفي اللسان فكالأصل، وفيه أيضاً (ط. صادر): «ثعلب» بدل «ثعلبة».

(٤) في التهذيب: «عند إياب الشمس» وهما بمعنى واحد.

(٥) عن التكملة وبالأصل «بألاء».

(٦) الأصل والتهذيب وفي اللسان: الزراع.

(٧) زيادة عن التهذيب.

(٨) المالق بفتح اللام وهو المالج وهو خشبة عريضة يجرها الثيران يملس بها الحارث الأرض المثارة.

(٩) سورة الحديد الآية ٢٠.

(١٠) ومثله في اللسان، وفي التهذيب: الحائط الواطئ.